البدون وحالة إنعدام الجنسية (1-2)

زاوية الكتاب

كتب 3541 مشاهدات 0

أرشيف

مسمى 'البدون' أو 'بدون جنسيه' الشائع بشكل كبير في الكويت هو مصطلح عامي لا قانوني ،و يحتمل أكثر من تفسير ،فقد يكون الشخص 'عديم الجنسية' اي لا يحمل جنسية أي دولة ، وقد يكون الشخص منتمي للكويت بأصله ، ولكن لم يستطع أثبات حقه بالحصول على الجنسية الكويتية ,وهو الأحتمال الأقرب للواقع ومعطياته في الكويت حالياً .فكثير من البدون يحملون وثائق رسميه منذ قبل استقلال الدولة مسجل بخانة الجنسية فيها :كويتي أو من البادية ،وقد أستند القضاء الكويتي في بعض أحكامه على إثبات انتماء البدون للكويت من خلال هذا التفسير ،ولعل الحكم التاريخي الصادر بالقضية رقم 4910/ 1987 جنح – أحد الدلائل المهمه على صحة إنتماء البدون الى الكويت.

لقد قامت الحكومة منذ الاستقلال بتغيير المراكز القانونية للبدون في الكويت من خلال التسمية ،ففي البداية أطلقت عليهم مسمى (كويتي) ومن ثم (أبناء البادية) مروراً بمسميات مختلفة مثل (غير محدد الجنسية ) و (غير مبين ) و (غير كويتي) وصولاً للمسمى الأخير وهو (مقيم بصوره غير قانونيه) .هذا التنوع في المسميات إن صح أن نسميه سياسة تضيق الهدف منها إبعاد البدون عن الانتماء الكويتي من خلال جعله أجنبي أو مقيم بصوره غير قانونيه ولأن المسميات القديمة بمراكزها القانونية قد خلقت وضعاً خاصاً للبدون في الكويت بل وترتب على ذلك الوضع منحهم حقوق ومميزات تضاهي تلك الموجودة لدى المواطنين حتى قبل العام 1986 .

ان عديم الجنسية وفقاً لأتفاقية 1954 :هو الشخص الذي لا تعتبره أية دوله مواطناً فيها بمقتضى تشريعاتها ،وهو وفق القانون الدولي الذي لا يتمتع بحماية أية دوله ،من ظاهر هذا التعريف نستطيع أن نطلق على البدون في الكويت مصطلح عديمي جنسيه ، نظراً لأنهم لا يملكون جنسية أي بلد .لكن علينا ننظر بشكل أعمق لواقع البدون في الكويت ومقارنة بوضع بقية عديمي الجنسية في العالم ،ان احد الأسباب الرئيسية في حالة انعدام الجنسية سواء عند الميلاد أو بعد ذلك هو الحرمان من الجنسية سواء عن طريق السحب أو الإسقاط أو التجريد وقد برزت هذه الظاهرة في فترات متباينة من تاريخ الدول الحديث غالباً عقب الحروب أو الثورات الداخلية أو الأستقلال كما حدث في روسيا أبان الثورة البلشفية عام 1917 وايطاليا وألمانيا إلى وقتنا الحالي في سوريا وبنغلادش وقرقيغستان وغيرها من الدول كحالات الحرمان جماعي من الجنسية، أما كحالات فرديه فلا تكاد تخلوا قوانين الجنسية في اغلب دول العالم من نصوص تبيح للحكومات حرمان المواطن من جنسيته كعقوبة شأنها شأن الغرامة أو الحبس وقد تستغله بعض الأنظمة لتجريد معارضيها من الجنسية ونفيهم كما حصل مؤخراً في دولة الأمارات العربية تجاه بعض ناشطي حقوق الإنسان لديها،وهنالك في الكويت أعداد لا يستهان بها من الكويتيين أسُقطت عنهم الجنسية بقرار إداري لأسباب أمنيه أو سياسة خلال فترة السبعينات والثمانيات ولم يتوفر لهم المجال اللجوء للقضاء للاعتراض ،لأن ذلك من أعمال السيادة حسب القانون .وهؤلاء هم وفق القانون الدولي عديمي جنسيه لأنهم جردوا من الجنسية الكويتية الأصلية ولكنهم في نفس الوقت لا يمكن اعتبارهم من ضمن فئة البدون في الكويت لأنهم لم يكونوا من البدون سابقاً ومنُحوا الجنسية لاحقاً،بل أن الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونيه لم يسجلهم ضمن أعداد البدون لديه .واعتبر ان موضوعهم مرتبط بوزارة الداخلية وقرار الحكومة .

حالة البدون في الكويت تختلف في جوهرها تماماً عن حالة انعدام الجنسية في معظم دول العالم ،وان تشابهت في شكلها حسب القانون الدولي ، فعلى سبيل المثال أن صح أطلاق هذه المسمى وصفاً على البدون في الكويت باعتبارهم لا يتمتعون بجنسية أي بلد وفق القانون الدولي ،فأن الفلسطينيين المقيمون في الكويت الذين يحملون وثائق سفر صادره من بعض الدول العربية يعتبرون أيضا من عديمي الجنسية لأنهم لاينتمون –بالجنسية- لأي دولة عربيه ،وبالتالي هل يصح أن نقول عن هؤلاء بأنهم من بدون الكويت لأنهم وفق القانون الدولي عديمي جنسيه ؟ نحن نتحدث عن أعداد توازي ربع أعداد البدون .

دولة الكويت لم تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن وضع عديمي الجنسية لسنة 1954 ،وبالتالي فهي غير ملزمه وفق لقواعد وأعراف القانون الدولي بالاعتراف بالبدون في الكويت كعديمي جنسيه ، بل انها منحت البدون حقوقاً ومميزات تفوق تلك الموجودة للوافد واعتبرتهم رعايا لديها . وللمقال بقية .

الآن- رأي: سالم العنزي

تعليقات

اكتب تعليقك