سوق الاندماج والاستحواذ في الخليج تستعيد عافيتها بقلم سيميون كير
الاقتصاد الآنمايو 8, 2013, 4:10 م 936 مشاهدات 0
كانت السنوات القليلة الماضية كئيبة بالنسبة للأعمال الاستشارية للشركات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أدى نشاط الاندماج المخيب للآمال، إضافة إلى الأسواق الفاترة، إلى إبقاء طفرة مصرفية كبيرة في فترة ما قبل الأزمة نوعا من التاريخ.
لكن مستشارين يقولون إنهم شاهدوا صعودا في نشاط الاندماج والاستحواذ في الوقت الذي تسعى فيه الشركات الإقليمية والعالمية لإيجاد فرص جديدة، رغم أنه من غير المعروف إن كان هذا الارتفاع يمكن أن يستمر لفترة أطول.
ومع تراجع في عدد الأفراد في مجموعة المحترفين على الأرض، يرى الخبراء أن هذه الشركات ستمر بأكثر السنوات نشاطاً منذ الأزمة المالية.
ويقول ديكلان هايز، العضو المنتدب في ديلويت لتمويل الشركات في دبي: ''سوق الاندماج والاستحواذ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستمرة في التحسن. وهذا مدفوع بعنصرين: زيادة في الشركات الدولية والمستثمرين الراغبين في الدخول في أسواق النمو، والمستويات المستمرة للصفقات في شركات الأسهم الخاصة وشركات العائلات والشركات في الخليج''.
وتصرف مجالس الإدارة المحلية أفكارها بصورة متزايدة باتجاه عمليات الاستحواذ الخارجية بعد التركيز على الكفاءة الداخلية أثناء الركود الاقتصادي.
ومن الممكن أن تكون الصفقات المحلية والعابرة للحدود إيذاناً بمزيد من النشاط في قطاعات تمتد من الرعاية الصحية والتعليم إلى التجزئة والفنادق، والتصنيع والخدمات المالية.
كذلك يقول مصرفيون إن هناك ارتفاعاً في عدد الشركات التي تصوب أنظارها باتجاه إدراجات سوق الأسهم، ما يعزز الثقة أكثر.
وفي شباط (فبراير) الماضي رفعت شركة الأغذية الفرنسية ''دانون'' حصتها في إحدى شركات منتجات الألبان المغربية من 29 إلى 67 في المائة، في صفقة بلغت قيمتها 683 مليون دولار.
ويقول المصرفيون إن شركات أجنبية أخرى من القطاع تتابع المشهد في المنطقة حاليا، بحثا عن استثمارات وشركاء محتملين.
ويأمل المصرفيون والمحامون أن يكون بالإمكان استدامة الارتفاع في النشاط على مدى عام، بدلاً من أن يتمخض الجبل فَيَلِد فأراً.
ويقول هايز: ''في حين أن السبب في هذه الزيادة الأخيرة يمكن أن يكون صعودا في فترة ما قبل رمضان، وهو أمر طبيعي، إلا أن هناك بعض العلامات المبكرة على أن سوق الاندماج والاستحواذ في المنطقة اجتازت النقطة الحرجة وأخذت في التحسن''.
وإذا ألقينا نظرة على فترة الربيع التي تكون نشطة في العادة، نجد أن قيمة صفقات الاندماج في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ارتفعت إلى 35.7 مليار دولار منذ بداية العام حتى الآن، بعد أن كانت 10.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، وفقاً لشركة زاوية لتزويد البيانات.
ومع أن عدد التعاملات تراجع من 164 إلى 138 عملية، إلا أن متوسط حجم هذه الصفقات ارتفع من 64 مليون دولار إلى 259 مليون دولار، كما تظهر بيانات زاوية.
وكانت السيولة الفائضة في الخليج، القوية كعادتها بفضل أسعار النفط المرتفعة، تؤدي دائماً إلى تشجيع التدفقات الاستثمارية الخارجة من صناديق الثروات السيادية.
وهذا العام تستمر قطر في الهيمنة على الاستثمارات الخارجية. ومن المتوقع أن يشارك الصندوق السيادي لقطر في البنك الروسي ''في تي بي''، من خلال شراء أسهم قيمتها 3.3 مليار دولار. وفي الأسبوع الماضي اشترت قطر حصة نسبتها 5 في المائة في شركة الاتصالات الهندية ''بهارتي إيرتل''، مقابل 1.26 مليار دولار.
ويقول ريتشارد رولينشو، وهو شريك في مجموعة برايس ووترهاوس كوبرز في الإمارات، إن إجمالي الاستثمارات الخارجية للخليج في السنة الماضية بلغ نحو خمسة مليارات دولار في 50 صفقة تم الإعلان عنها.
لكن القيمة كانت أقل من السنوات السابقة. ففي 2011 كان إجمالي الصفقات 16 مليار دولار، أي أقل من فترة الذروة في 2008 و2009 حين بلغت القيمة 20 و25 مليار دولار.
لكن لأن ثلاثة أرباع الاستثمارات الخارجية كانت محصورة في خمس صفقات كبيرة في المتوسط، فإن ما يعزز الثقة هو الوتيرة المتصاعدة للتعاملات الصغيرة. ويقول رولينشو: ''ما نشاهده الآن هو الحجم. تتحرك الأسعار نوعاً ما، لكن ما نراه مرة أخرى هو الزخم''.
ومن الصفقات البارزة في المنطقة، عمليات شراء البنوك الخليجية للبنوك المصرية، إلى جانب عمليات اندماج تشجعها الحكومة للشركات العقارية المعتلة في أبو ظبي والبنوك البحرينية.
وفي حين أن الصفقات العابرة للحدود تشكل أساس هذا التفاؤل الجديد، إلا أن العدد المتزايد للصفقات يعد بمزيد من القدرة التنافسية الإقليمية، ويعد أيضاً بالعمل لعدد متزايد من البيوت الاستشارية الصغيرة.
وتقول مي نصر الله، مؤسسة شركة دينوفو لاستشارات الشركات: ''هناك عدد كبير من حالات الاندماج والاستحواذ في المنطقة. وقد بدأت الأمور بالتحسن الفعلي في السنة الماضية، مع ظهور ملحوظ للنشاط عبر الحدود''.
وتلاحظ نصر الله، التي كانت رئيسة قسم المصرفية الاستثمارية الإقليمية في مورجان ستانلي، أن الاهتمام يشمل نطاقاً واسعاً من القطاعات، حيث تراوح قيمة التعاملات بين 50 مليونا ومليار دولار.
والأهداف الرئيسية في المنطقة هي أكبر اقتصادين فيها، وهما السعودية وأبو ظبي، في حين أن شمال إفريقيا يبرز الآن باعتباره موطنا آخر مفضلا للمزيد من المستثمرين القادرين على تحمل المخاطر.
وتقول نصر الله إن كثيراً من الصفقات تطير على ارتفاع منخفض لا يستطيع التقاطه رادار المعلومات المتاح للجمهور. مثلا، شركات العائلات كانت تدخل في عمليات استحواذ أو عمليات شراء للشركاء، أو حتى البيع المباشر إلى أطراف ثالثة. والمختصون في شركة نصر الله، البالغ عددهم 12 شخصاً، يعملون الآن على عشر صفقات، وهناك ما بين أربع وخمس صفقات على الأقل من المتوقع أن تكتمل هذا العام.
وفي الغالب تُحوَّل عمليات التكليف إلى فريقها من البنوك الاستثمارية الكبيرة، مثل مورجان ستانلي أو كريدي سويس، والتي في العادة تُحول الصفقات التي لا تستطيع اجتياز حواجزها الداخلية.
تعليقات