«المتكاملة» .. مثال جيد لشركة سيئة حظ بقلم د. محمد آل عباس

الاقتصاد الآن

1304 مشاهدات 0


 

 

هذا أقل ما يمكن أن يصرخ به صغار ملاك أسهم شركة المتكاملة العالقون تحت ركامها في سوق الأسهم السعودية، وليت شعري يا لسوء حظ هذه الشركة وصغار مساهميها الذي ختم عليه إعلان هيئة السوق المالية نهاية الأسبوع الماضي. إنها قضية مليئة بالأسرار، مليئة بالمفاجآت والصراعات التي انتهت كلها بعقاب الدائنين والمساهمين في هذه الشركة. إنها تشبه معاملة في ملف أخضر تطايرت أوراقها في المطر قبل أن يجمعها صاحبها الذي تعثر بها أمام الناس على الطريق حتى يصل بها مبعثرة ومبتلة إلى موظف استقبال تعرض للتو لتوبيخ مديره، وليضع عليها وبكل عصبية ختم مرفوضة. معاملة سيئة حظ لرجل عاثر في يوم ماطر عند موظف غاضب، إنها باختصار ''المتكاملة''.. لغز السوق المالية لسنوات مقبلة، أرادوا لها أن تموت لتموت معها أسرارها.

سأبدأ من تصريح هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لـ ''الاقتصادية''، الذي جاء فيه أن إجراءات وأنظمة هيئة الاتصالات واضحة في منح الرخص، وأن ''المتكاملة'' لو التزمت بشروط الهيئة لما تمت تصفيتها. والسؤال البائس الذي يجيب عن تصريح هيئة الاتصالات هو: ما دخل هيئة الاتصالات في تصفية الشركات؟ بل أين وضعت هيئة الاتصالات نظام الشركات السعودية، قبل أن تصدر قرارها؟ والسؤال الأكثر بؤسا، لماذا لم يمنح المساهمون حق قرار تغيير نشاط الشركة كما منح غيرهم؟ من الذي منعهم؟ ليست هذه الأسئلة من باب نقض القرار، بل فقط لفهم الحظ العاثر لمعاملة عاثرة. هل يحق لأي هيئة تمسك بزمام سوق معينة أن تقرر بنفسها تصفية الشركات؟ هل هذه سابقة قضائية يمكن الاستناد إليها؟ نحن نعرف أن الأمر السامي صدر بتأييد قرار اللجنة الوزارية التي أيدت قرار الهيئة، وهذا ما يقلق، فهل منحت الاتصالات حق تصفية شركات الاتصالات التي لا تلتزم بشروط الهيئة؟ وهل هذا يسري على المشاكل القائمة في عدم انضباط شركات الاتصالات العاملة الآن بقرارات الهيئة؟

إعلان هيئة السوق المالية ورد فيه أن كتابا من وزير الاتصالات وتقنية المعلومات يفيد بإبلاغ الشركة السعودية للاتصالات المتكاملة بالأمر السامي الكريم رقم (23267) المتضمن الموافقة على ما توصلت إليه اللجنة الوزارية المشكلة لموضوع الشركة من تأييد ما قرره مجلس إدارة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بإلغاء الموافقة على الترخيص للشركة، وأن تتولى لجنة مشكلة من وزارة التجارة والصناعة وهيئة السوق المالية وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إنهاء إجراءات تصفية الشركة وفقاً للآلية التي تضعها اللجنة، مع التأكيد على مراعاة أن تكون الأولوية في سداد التزامات الشركة للمكتتبين والمساهمين فيها من غير المؤسسين. انتهى الإعلان .. فهل هناك معاملة لها سوء حظ في مسارها كهذه المعاملة؟ لماذا كان على هيئة السوق المالية إخطار الشركة المتكاملة؟ ما علاقة هيئة السوق المالية بإخطار الشركات بقرارات حلها وتصفيتها؟ أين وزارة التجارة؟ لماذا مر الموضوع بهذا الطريق العاثر والغريب جدا؟ علاقة هيئة السوق المالية هي علاقة أسهم وإدراج فقط، هل هيئة الاتصالات لا تعرف اختصاصات الوزارات؟ ثم لماذا تكون الأولوية في التصفية للمساهمين؟ أين الدائنون؟ بل أين نظام الشركات والمادة رقم (222)؟

المتحدث باسم هيئة السوق المالية ووفقا لجريدة ''الشرق'' قال إن شطب ''المتكاملة'' يعود إلى عدم ثقة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بقدرة الشركة على النجاح والاستمرار بحسب الخطة التشغيلية لـ ''المتكاملة''. مرة أخرى تتوسع صلاحيات هيئة الاتصالات بشكل غير مسبوق، فأصبحت تشطب الشركات من سوق الأسهم السعودية إذا شكت في خطتها التشغيلية، وأنها غير قادرة على الاستمرار. لكن من يقرر عدم القدرة على الاستمرار؟ في آخر تقرير مالي للشركة لم يتحفظ المراجع على قدرة الشركة على الاستمرار، وهو هنا يقرر على أساس كونها شركة لها أصول عليها التزامات، وليس كترخيص، فالشركة بأصولها المتوافرة لها وبالتزاماتها القائمة عليها لم يكن هناك شك في قدرتها على الاستمرار، فلماذا صدر قرار التصفية بهذه الحجة البائسة؟ مرة أخرى كان يحق للجمعية العمومية أن تقرر ما تشاء في هذه الشركة كأن يتم تحويلها إلى شركة خدمات اتصالات وليس بالضرورة كمزود للخدمة مباشرة، كان يحق لهم حتى تحويلها إلى شركة لبيع الجوالات فمن يمنعهم منها ومن صادر عليهم هذا الحق، ولديهم أصول متداولة بأكثر من 829 مليون ريال.

لم تعد أسرار ''المتكاملة'' قضية تهمني وليس ما يقلقني فيها التصفية، ولا تلك القصة الميلودرامية لهذه الشركة البائسة، بل إلى درجة إقصاء الأنظمة لمصلحة هيئة الاتصالات. كيف للهيئة أن تمارس كل تلك الحقوق مباشرة، وأن تضرب بعرض الحائط كل هذه الاختصاصات، حتى لو كان ذلك بدعم من لجنة وزارية؟ فالمشكلة التي تقلقني كثيرا هي في الأنظمة التي لم تعد تعمل، وهل يمكن لهيئات أخرى أن تقيس على هذه الحالة وأن تمارس سلطاتها حتى في شطب الشركات وتصفيتها لعدم التزامها بالأنظمة أو حتى في شكها بقدرة الشركات على الاستمرار؟ هيئات أخرى كهيئة الدواء والغذاء، وهيئة المواصفات والمقاييس، وغيرها كثير.

الآن:الجزيرة

تعليقات

اكتب تعليقك