الإصلاح لن يتحقق إلا إذا كانت الحكومة هي المبادر.. هكذا يعتقد المقاطع
زاوية الكتابكتب مايو 14, 2013, منتصف الليل 715 مشاهدات 0
القبس
الديوانية / الإرادة السياسية مفتاح الإصلاح
آ.د محمد عبد المحسن المقاطع
في مناسبات عديدة تُطرح قضية الفساد في الدولة، ويشار إلى نماذج متعددة في الفساد السياسي، الذي تتمثل قمته بحالة التردد في القرار السياسي الحكومي، أو التراجع عن قرار أو سياسات أقرتها الحكومة بسبب تهديدات أو تهويشات سياسية، وتصاحب هذه الحالة تعاملات تغلب عليها محاولة استمالة أطراف سياسية من خلال إرضاءات بالمناصب أو بالتجاوز عن مخالفات صارخة ارتكبوها هم أو من يساندهم أو يسندهم ماليا أو سياسيا، والى جوار ذلك يشار أيضا إلى الفساد المالي، الذي تمثله قرارات حكومية تقوم بتوزيع بعض أموال الدولة من دون مبرر أو منطق، أو حتى معالجة أحوال معيشية حقيقية، وإذا لم تكن تلك سياسات حكومية، فإنها تأتي من قبل مجلس الأمة ويكون دور الحكومة مجاراة تلك السياسات الهادفة إلى هدر الأموال العامة، ولعل المفرح أن نسمع عن توجهات حكومية تهدف إلى عدم الموافقة على حالات الهدر المالي، لكونها تسير بصورة غير مقبولة، ولا تحقق مصلحة عامة حقيقية، وهو ما نأمل أن تلمس نتائجه في الواقع حتى يشعر الناس بصلابة الموقف الحكومي، وبإرادتها السياسية، كما أن تطبيق القانون على الجميع بالمساواة والحزم وسلامة التزام حدوده مع مراعاة أحكام الدستور التي تتكرر مخالفتها من قبل الحكومة هو أحد ملامح الفساد الذي لابد أن تنفض الحكومة غباره وتسير بالاتجاه الصحيح.
أما إذا تحدثنا عن الإصلاح السياسي، وهو الملف القديم المتجدد، فإن المطلب العام للشعب الكويتي وبصورة ملحّة، هو أن يرى أنه بدأ يظهر لدى الحكومة جدول زمني محدد لا تتجاوز مدته مثلا ستة أشهر أو سنة، بحيث كل من يقوم بعمل فيه فساد يوقف عن العمل، وكل من يستغل منصبه للتنفيع أو الإفادة يحال للنيابة، وكل من يحرّض على أحوال فساد، سواء بأعماله الشخصية أو وسائله الإعلامية تتصدى الحكومة له مباشرة، وتتخذ الإجراءات القانونية في مواجهته، كما يتم ظهور خطاب حكومي واضح مصحوب بقرارات وسياسات تكرّس محاربة الفساد وإدارة عجلة الإصلاح بخطوات عملية وإجراءات محددة، بما في ذلك مواجهة حالات استغلال النفوذ أو السلطة حتى من قبل بعض أبناء الأسرة الحاكمة، كما هو الشأن بالنسبة لغيرهم من المسؤولين، وهنا سيكون ذلك تغييرا يبشر بأن الإرادة السياسية أصبحت حقيقية، وان مؤسسة مجلس الوزراء أصبحت سلطة حقيقية تراقب، تحاسب، تعقب، تقرر، كما تهيمن على مصالح الدولة بصورة جدية ومجدية تماما كما أراد لها الدستور وتحديدا المادة 123 منه.
لن يختلف الكويتيون في لحظة على دعم الحكومة، ومن ثم السلطة، إن لمسوا جدية إدارة الدولة في التوجّه نحو الإجراءات الفعلية الكاملة في محاسبة الفساد وادارة الإصلاح، بل إن كل من يتغنى بملفات الإصلاح ومحاربة الفساد لن يجد له مجالا للإثارات السياسية أو التهييج الجماهيري، لأن الملف الذي يحمله بيده لمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح صار هو ملف الحكومة وهمها الأول، وهذا الأمر لا يكون متحققا إلا إذا كانت الحكومة هي المبادر، بحكم سلطتها ومسؤوليتها ومن ورائها دعم سياسي يجعل لها إرادة قادرة على محاربة الفساد ونجاح الإصلاح.
اللهم إني بلغت..
تعليقات