الأزمة السورية..في رؤيتين ،برأي د . علي الطراح

زاوية الكتاب

كتب 760 مشاهدات 0

ارشيف

د . علي الطراح 

في زيارة سريعة للوطن وكالعادة أحرص على لقاء تعودنا عليه مع مجموعة من الأصدقاء في ديوانيتي كل يوم اثنين عندما أزور الكويت، وكان اللقاء الأخير شيقاً حيث كان ضيفنا السفير الأميركي لدى الكويت السيد ماثيو تويلر الذي قادنا الحديث معه إلى أحداث سوريا وتطورها نحو المجهول بعد تنامي ميليشيات «جماعة النصرة» وبعض من أنصار «القاعدة»، وكان النقاش يتمحور حول خيبة أمل كبيرة في ليبيا حيث تشتد المدارس المتبنية للعنف، وهي في مسمياتها عديدة وخطورتها كبيرة على المنطقة.

فأنا من ممن يتوجسون من أن يكون العنف الديني سيصاحبنا ويبقى معنا لعقود طويلة، وأن الغرب ما زال يتخبط في سياسته وتعامله مع مثل هذه الحركات العنيفة المتبنية لشعار معاداة الغرب وأميركا. وأقول للسفير إن المخزون الإسلامي الراديكالي لا ينتهي وإنه يتجدد لكون الغرب ما زال غير قادر على فهم عقل المسلم المتشدد. فالمسلم المتشدد لا يخاف الموت، والطرف الآخر وهو الغرب، لا يملك سوى السلاح المتقدم الذي يقود للموت، فالموت هنا لا يقضي على المخزون الإسلامي الراديكالي لكونه متجدداً ويتغذى على الكبت والحرمان والتهميش الذي يعيشه في بلاده، كما أنه ببساطة يرى فهماً للإسلام يختلف عن فهمنا الإسلامي الوسطي، فهو على قناعة بأن الموت يصنع الحياة الجديدة التي يتوق لها وترتاح النفس فيها من الدنيا.

وإذن فنحن أمام معضلة كبيرة أسبابها ثقافية تستمد قوتها من مفاهيم وتأويلات غير صحيحة، ومن ثم تتعين مواجهتنا مع تلك المفاهيم الخاطئة التي تبعث لنا جيوشاً من الشباب المتزمت والساعي للحصول على «جائزة» الموت والشهادة، بسوء فهم لمعناهما الحقيقي في الإسلام.

والسفير ماتيو على قناعة بطبيعة المآزق، ويعول على التفاهم الروسي الأميركي، كما أنه يبدو أن الروس لا يعني لهم الأسد في النهاية قدر ما تعني مصالحهم في المنطقة. وبخروج السفير الأميركي من الديوانية أو المجلس جاء السفير الروسي الذي يتقن العربية بجدارة لأمازحه بقولي إنني أريد أن أخرج عن الدبلوماسية، فقال لي: هي أريح وأفضل. فقلت له أنت تعرف أن الكويت لها علاقات تاريخية معكم، وهي من الدول التي أقامت علاقة مع الاتحاد السوفييتي سابقاً، وكانت الأولى في الخليج، إلا أنكم لم تستثمروا هذه العلاقة، وأنتم اليوم وضعتم أنفسكم بموقع المعادي للعرب المطالبين بالحرية بينما حقيقة الأمر أنكم دائماً تقفون مع الحرية وتحاربون الاضطهاد.

وقد فهم السفير الروسي رسالتي وقال إنك توافقني بأن البيض عندما يكون بسلة واحدة فالخسارة المحتملة تكون كبيرة، ونحن نسعى لتوزيع البيض على أكثر من سلة، كما أننا نريد أن نقول إن الديمقراطية الغربية ليست هي المخرج لكل الأزمات في المنطقة العربية، وإن الغرب عليه أن يدرك هذه الحقيقة.

قلت له نحن نتفق على ذلك، ونتمنى من روسيا الاتحادية أن تعيد النظر فيما يحدث في سوريا، وإنكم تدركون تعقد المشكلة السورية وخصوصاً أن المنظومة الخليجية عادت أحد أهم المفاصل في الأزمة نتيجة للعلاقة الإيرانية بسوريا وبـ«حزب الله». وأردفت له: أنا وأنت نعرف أن الموضوع تعدى فهمنا للدين، فاليوم يتحالف العلماني المجسد بالنظام السوري مع إيران الدينية و«حزب الله» وهم يحملون تناقضات، ولابد من مصالح جمعتهم، وكما كنا نتمنى من دولنا الخليجية أن تقترب من المرونة في فهم طبيعة الصراع وتحاول أن تفتح باب الحوار مع روسيا الاتحادية التي من المؤكد أنها تفهم الرغبة الخليجية. إنه محزن لنا كعرب أن ننتظر اللقاء الروسي الأميركي بينما نحن نتفرج، ولا نجيد لعبة السياسة بمهارة.

الآن : الاتحاد

تعليقات

اكتب تعليقك