صناعة الغاز الطبيعي المسال .. متغيرات واحتفال «1 من 2»بقلم د. نعمت أبو الصوف
الاقتصاد الآنمايو 22, 2013, 12:53 م 2527 مشاهدات 0
على مدى السنوات القليلة الماضية اكتسب الغاز الطبيعي قبولا استثنائيا باعتباره الوقود المفضل لأسباب عديدة، في هذا الجانب تشير بعض التوقعات الحديثة بشأن مستقبل الطاقة إلى أن الغاز سيصبح ثاني أكبر مصدر للطاقة في العالم بحلول عام 2030، أو قبل ذلك. لقد شهدت صناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية بالفعل عددا من المتغيرات في السنوات الأخيرة، من المتوقع أن تشهد أيضا المزيد من المتغيرات في هذا العام والأعوام المقبلة، في عام 2014 ستحتفل هذه الصناعة بمرور 50 عاما على انطلاقها. تشير التوقعات الحالية إلى أنه بحلول عام 2025 تخطط الصناعة لإضافة طاقات إنتاجية جديدة من الغاز الطبيعي المسال تقدر بنحو 350 مليون طن متري سنويا، هذا فيما إذا تم بناء جميع الطاقات المزمع تنفيذها حاليا في الوقت المحدد وكما مخطط، هذا الرقم يمثل أكثر من ضعف الطاقات المتوافرة حاليا (أقل من 300 مليون طن متري سنويا). حتى مع وجود نمو قوي معقول في الطلب العالمي على الغاز المسال، هذا النمو في الطاقات الإنتاجية سيخلق حالة من التنافس على جانب الإمدادات، ما قد يؤدي إلى وضع ضغوط تصاعدية على تكاليف التطوير والتشغيل وضغوط تنازلية على أسعار الغاز الطبيعي. لكن على الرغم من ذلك، فالتوقعات الإيجابية المستقبلية للطلب العالمي على الغاز تدفع باتجاه اعتماد قرارات الاستثمار، سواء من حيث استعداد المستهلكين بتوقيع عقود طويلة الأجل واستعداد المنتجين لاعتماد رأس المال اللازم لتطوير المشاريع المطلوبة. التوسع في طاقات الغاز الطبيعي المسال كان ضمن الأولويات، لكن في أعقاب النمو الكبير في الطاقات الإنتاجية على مدى السنوات القليلة الماضية، لم يعد النمو في الطاقات الإنتاجية ملحا على المدى القصير. بعد كارثة فوكوشيما نشهد حاليا ضغوطا على الطلب، فضلا عن التباطؤ في زيادة الطاقات الإنتاجية على المدى القريب، ما قد يؤدي إلى تشدد نسبي في أسواق الغاز المسال على مدى السنوات القليلة المقبلة. تكاليف تطوير مشاريع الغاز الطبيعي المسال ترتفع بوتيرة عالية، مع تحول الطلب على الغاز الطبيعي المسال نحو عملاء جدد أكثر حساسية للأسعار، لذلك على المنتجين الآن التكيف مع ارتفاع التكاليف وزيادة المنافسة. بصرف النظر عن حالة التوازن بين العرض والطلب، أكبر التحديات التي تواجه أسواق الغاز الطبيعي المسال، للمستهلكين والمنتجين على حد سواء، هي: هل سيستمر ربط أسعار الغاز الطبيعي مع النفط في الهيمنة على تسعيرة عقود الغاز الطبيعي المسال العالمية؟ هل سيكون هناك مجال لربط التسعيرة مع أسعار أسواق الغاز الآنية؟ هل ستشهد المناطق المتباينة في الأسعار علامات التقارب؟ على المديين المتوسط والطويل، من الأرجح سيكون هناك تحول، لكن جزئي فقط عن التسعيرة المرتبطة بأسعار النفط (Oil-index pricing) إلى التسعيرة المرتبطة بأسعار أسواق الغاز الآنية (Spot or hub-based pricing). موردو الغاز الطبيعي المسال يواجهون على مضض هذه الحقيقة ويقدمون تنازلات من أجل البقاء في دائرة المنافسة. لكن مع ذلك أسعار الغاز الطبيعي المسال لن تنهار كما يتوقع البعض، وذلك ببساطة لأن تكلفة المشاريع عالية جدا وفي الوقت نفسه يجب الحفاظ على حوافز للمنتجين لتطوير طاقات جديدة. صناعة الغاز الطبيعي المسال صناعة مكلفة جدا، على الرغم من أن الأسعار تحددها الأسواق، إلا أنها يجب أن تعكس هذا الواقع. الطلب العالمي على الغاز الطبيعي من المتوقع أن ينمو بمعدل 1.0 إلى 2.0 في المائة سنويا للفترة الممتدة حتى عام 2035، أي أكثر من ضعف معدل نمو الطلب المتوقع على النفط للفترة نفسها. لكن معدل نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال من المتوقع أن يكون أقوى، لا سيما للفترة حتى عام 2020. على الرغم من وجود مدى واسع من التوقعات بخصوص نمو الطلب على الغاز المسال، إلا أن هناك توافقا واسعا بين محللي الصناعة والمراقبين تتوقع متوسط نمو سنوي قدره نحو 5 إلى 6 في المائة سنويا. بعد عام 2020، من المتوقع أن يستمر هذا النمو، وإن كان بوتيرة أبطأ قليلا (أي نحو 2 إلى 3 في المائة سنويا)، حيث إن الأسواق ستصبح أكثر نضجا، الطلب سيتحول إلى مستوردين سريعي التقلب للأسعار ومن المتوقع إزالة بعض الدعم عن أسعار الغاز في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. مع ذلك، من الممكن أن يصل الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030 إلى نحو ضعف المستوى الذي كان عليه في عام 2012 (نحو 250 مليون طن متري). المخاطر الرئيسة لنمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال تتأتى من الشكوك بخصوص الاقتصاد العالمي والإقليمي، وزيادة المنافسة من الغاز-على-الغاز (Gas-on-Gas). النمو الاقتصادي العالمي تباطأ خلال السنوات القليلة الماضية، حيث إن التعافي من الأزمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصاد العالمي في عام 2008-2009 بطيء نسبيا ومتفاوت. الأهم من ذلك، الإمدادات الجديدة نسبيا من مصادر الغاز الطبيعي غير التقليدية بما في ذلك الغاز الصخري، الغاز من الطبقات المحكمة، وميثان طبقة الفحم الحجري، قد يمكن أن تؤثر في أسواق الطاقة في العالم. على الرغم من أن احتياطيات الغاز الطبيعي العالمية نمت نموا مطردا على مدى عقود طويلة، إلا أن ما يسمى ''ثورة الغاز غير التقليدي'' قد ضاعفت ثلاث مرات تقريبا على مدى العقد الماضي من موارد الغاز الطبيعي التي يمكن إنتاجها بصورة اقتصادية. بصورة عامة الغاز من المصادر غير التقليدية الأقل تكلفة من المرجح أن يستحوذ على بعض الطلب الذي كان قد يذهب خلاف ذلك إلى الغاز الطبيعي المسال. إضافة إلى الضغوط من تطوير مصادر الغاز غير التقليدية، تتعرض صناعة الغاز الطبيعي المسال إلى منافسة من قبل خطوط أنابيب الغاز الجديدة/التوسعات المخططة أو المقترحة في روسيا وبحر قزوين وآسيا الوسطى إلى أوروبا أو إلى آسيا التي من الممكن أيضا أن تستحوذ على حصة من الطلب المحتمل على الغاز الطبيعي المسال. في الجزء الثاني سنتطرق إلى التحديات والمخاطر التي تواجه صناعة الغاز الطبيعي المسال على جانب الإمدادات وبناء المشاريع الجديد.
تعليقات