تحقيق العدالة في «وول ستريت» يقتضي محاكمات مفتوحة بقلم جون جابر

الاقتصاد الآن

1827 مشاهدات 0


بعد ست سنوات من التمحيص والمراجعة، وإقامة عدد من القضايا ضد المحيطين بستيف كوهين، لا يزال كوهين طليقا. ولا يزال صندوق التحوط 'إس إيه سي كابيتال' الذي يملكه، وتبلغ موجوداته 15 مليار دولار، يمارس أعماله. ولا يزال يصر على براءته، على الرغم من التشكك الواضح لدى الأجهزة التنظيمية وممثلي النائب العام. وقد آن الأوان لتقديمه للمحاكمة.

ربما يكون كوهين بريئاً من تهمة التداول استناداً إلى معلومات داخلية، وربما يكون مذنباً. لكن لا بد من إصدار حكم في المحكمة. إبرام صفقة وراء أبواب مغلقة للسماح لوزارة العدل الأمريكية بإعلان النصر دون إكراه كوهين بالتزام معين من شأنه أن يكون تشويهاً لأكبر قضية من هذا النوع منذ حبس مايكل ميلكين في 1990 بسبب مخالفات في تداولات الأوراق المالية.

وإذا كان بريئاً، فينبغي الآن أن يتم تبييض صفحته. وإذا كان مذنباً بسبب إدارته لأقوى عملية تداولات استناداً إلى معلومات داخلية في 'وول ستريت' منذ سنوات كثيرة، فينبغي أن يعاقَب. لكن الخطر هو أن تُدمَّر سمعته دون أن يفهم 'وول ستريت'، أو الجمهور ما حدث، أو دون أخذ العبر من هذه الحالة.

حتى الآن دفع صندوق إس إيه سي 602 مليون دولار لتسوية قضية مدنية، دون أي اعتراف أو إنكار بارتكاب مخالفات. ولم يُمَس كوهين. ربما يتردد ممثلو النائب العام في محاولة إدانته وبالتالي يؤجلون إقامة قضية ضد الصندوق الذي أسسه وأطلق عليه اسمه. وهذا التردد سيجعل الناس يشعرون بأن العدالة لم تتحقق.

وهناك عدة خيارات أمام بريت بارارا، النائب العام عن مانهاتن وجنوب نيويورك، ومسؤولي هيئة الأوراق المالية والبورصات. بإمكانهم مقاضاة كوهين، وبإمكانهم توجيه اتهام إلى صندوقه بارتكاب التحايل ومخالفات أخرى. أو بإمكانهم القبول باتفاقية لتأجيل المحاكمة، مع اعتراف الصندوق بارتكاب مخالفات دون توجيه تهم إليه.

وحسب الأدلة المتوافرة حتى الآن، لن يكون من السهل توجيه اتهامات جنائية إلى كوهين. فعلى خلاف حالة راج راجاراتنام، مؤسس صندوق جاليون جروب، وراجات جوبتا، الرئيس السابق لوكالة ماكينزي – وكلاهما ذهب إلى السجن على تهم بالتداول استناداً إلى معلومات داخلية – لا توجد معلومات عن تصنت أو رسائل إلكترونية تربط مباشرة بين كوهين والتداول على أساس معلومات داخلية.

وسيكون من الأهون محاكمة صندوق 'إس إيه سي' نفسه من خلال ربطه بمخالفات ارتكبها موظفون سابقون – من الواضح أن الصندوق انتفع من هذه المخالفات. وفي هذه الحالة تستطيع هيئة الأوراق المالية والبورصات إقامة دعوى مدنية ضد كوهين، على اعتبار أن عبء البينة في القضايا المدنية أدنى منه في القضايا الجنائية. لكن هذه القضية مهمة إلى درجة ينبغي معها على السلطات أن ترفض الدخول في تسوية جنائية أو مدنية.

ربما يشعر بارارا بإغراء لإبرام اتفاقية لتأجيل المحاكمة باعتبارها سبيلاً لتجنب معركة قانونية مكلفة وطويلة. وذكرت بلومبيرج هذا الأسبوع أن من الممكن أن تُعرَض على كوهين صفقة يعترف فيها الصندوق بارتكاب مخالفات وإغلاق الصندوق أمام المستثمرين الخارجيين، بحيث يبقى أمامه إدارة ثروته البالغة تسعة مليارات دولار.

في هذه الحالة ينبغي رفض العرض ويجب أن تصبح قضية الصندوق نقطة تحول في المبالغة في اللجوء إلى صفقات من هذا القبيل من قبل ممثلي النائب العام. فمنذ انهيار آرثر أندرسن، شركة المحاسبة السابقة التي أدينت في 2002، كانت السلطات الأمريكية تميل بصورة متزايدة إلى استخدام اتفاقيات لتأجيل المحاكمة، باعتبارها تسوية مأمونة بين الذهاب إلى المحكمة وبين عدم اتخاذ أي إجراء.

وهم يخشون تكرار ما حدث في آرثر أندرسن، حيث فقد 85 ألف شخص وظائفهم، ما أدى إلى أن تتحول شركات المحاسبة الخمس الكبار إلى الأربعة الكبار. وهذه الاتفاقيات شائعة الآن في الخدمات المالية، بما في ذلك أثناء فضيحة الليبور، بسبب مخاطر انهيار المصارف 'التي هي أكبر من أن تفشل' في حالة توجيه الاتهامات إليها.

وقال لاري بروير، نائب وزير العدل الأمريكي السابق الذي كان مسؤولاً عن القضايا الجنائية، في كلمة ألقاها السنة الماضية وتحدث فيها عن الاتفاقيات: 'بالنسبة للشركات الدولية الكبيرة، يمكن أن يكون على المحك عشرات الآلاف من الوظائف. وفي بعض الحالات تكون صحة صناعة معينة أو الأسواق من العوامل الحقيقية'.

لكن ليس فيما تقدم ما ينطبق على صندوق إس إيه سي. فلديه ألف موظف فقط، وليس هناك خطر على 'وول ستريت' في حال انهياره – ستستمر الحياة كالسابق، بل وربما أفضل قليلاً. ويقول جون كوفي، وهو أستاذ في كلية الحقوق في جامعة كولومبيا: 'ليس هناك خطر يذكر من وقوع أضرار مالية جانبية بخصوص الصندوق، وليست هناك أرامل أو أيتام في الموضوع'.

والواقع أن حي وول ستريت المالي، بما هو معروف عنه من افتقاره إلى التأثر العاطفي، ينتظر لمعرفة ما سيحدث مع كوهين وصندوقه. وفي وقت مبكر هذا العام سحب المستثمرون نحو 1.7 مليار دولار من الصندوق، وهو يواجه موعداً نهائياً خلال فترة قريبة. ويعتزم بعض المستثمرين سحب أموالهم، لكن يود آخرون الاستثمار أكثر مع كوهين، بالنظر إلى أن الصندوق يعطي عوائد عالية.

ويقول تنفيذي في إحدى المؤسسات التي تستثمر أموالها في الصندوق: 'وجهة نظرنا هي أن الصندوق يتمتع بإجراءات متطورة ومعقدة من الالتزام، وإذا ارتكب مخالفات فلا بد للحكومات أن تكشف عن أوراقها وتثبت ذلك. من الواضح أنها تعتقد أن كوهين كان على رأس هرم من المتداولين على أساس المعلومات الداخلية، لكنها لم تُقِم الدليل على ذلك حتى الآن'.

وحتى الآن أطلقت هيئة الأوراق المالية والبورصات وممثلو النائب العام سلسلة من الطلقات باتجاه كوهين، كان أقواها تسوية بقيمة 602 مليون دولار بخصوص ماثيو مارتوما، وهو متداول سابق في الصندوق يواجه الآن تهماً جنائية. وظهر كوهين في دعوى هيئة الأوراق المالية بصفته 'مدير محفظة أ' عمل بصورة وثيقة مع مارتوما وكسب على ما يقال من التداول بناء على معلومات داخلية.

وتعرضت هذه التسوية للانتقاد من قبل القاضي فيكتور ماريرو، الذي اعترض بصورة صحيحة قائلاً: 'إن هناك شيئاً شاذاً ومخالفاً للفطرة حول تسوية بقيمة 600 مليون دولار لو لم تكن هناك مخالفات بالفعل'. وسيكون من المثير للضحك أن يتابع بارارا هذه القضية بالموافقة على تأجيل أي دعوى جنائية للصندوق.

ولا يوجد أي ممثل للنائب العام يريد الدخول في اعتراض ومساجلة بخصوص قضية بارزة إلى هذا الحد، خوفاً من أن يتعرض للإذلال. ويقول مصرفي في 'وول ستريت'، مقتبساً عبارة من المسلسل التلفزيوني 'ذي واير': 'إذا أردتَ أن تطلق رصاصة على الزعيم، فمن الأفضل ألا تخطئ الهدف'. لكن لأن بارارا تحدى الزعيم فعلاً، فلا بد أن يتابع هدفه رغم احتمال الفشل.

الآن: فاينانشال تايمز

تعليقات

اكتب تعليقك