قلق المستقبل محفز نفسي للنمو الفردي والاجتماعي.. برأي عبدالرحمن الطريري
الاقتصاد الآنيونيو 4, 2013, 10:58 ص 1206 مشاهدات 0
يمثل قلق المستقبل إحدى الحالات النفسية التي تعترض الأفراد والجماعات، وعني بعض علماء النفس بهذا الموضوع ودرسوه، وطوروا أدوات قياس له نظراً لظهوره بصورة مرضية عند بعض الأفراد، ما يعيقهم عن العمل والتفاعل بشكل سوي مع محيطهم الاجتماعي، والمهني.
ومع ما للقلق من قيمة وفائدة بشكل عام، إلا أن قلق المستقبل مفيد عندما يكون بدرجة ومستوى مناسبين لكل الأفراد، فهو يمثل طاقة محركة ومحفزة للفرد لينشط ويعمل.
الطالب يجتهد ويبذل النشاط المناسب لينجح وليحصل على نسبة عالية تؤهله للقبول في الجامعة، أو الحصول على الوظيفة، والموظف يجتهد كذلك من أجل الترقية والصعود في السلم الوظيفي، والاقتصادي يحرص على ضمان أمن وسلامة المصادر الاقتصادية من تعرضها لأي هزات تؤثر فيها. كل هؤلاء وغيرهم يقلقون من المستقبل نظراً لجهلهم بما قد يحدث مستقبلاً، ولعدم علمهم بالمفاجآت التي قد تعترضهم.
الجماعات والمجتمعات بدورها يعتريها قلق المستقبل، وقد يسود جو عام يعتريه هذا النوع من القلق، خاصة حين يمر المجتمع أو الوطن بظروف غير جيدة كاضطرابات أمنية أو كساد اقتصادي أو كوارث طبيعية كالزلازل أو البراكين أو الفيضانات المدمرة التي قد تصيب مصادر رزق الناس وممتلكاتهم.
وما من شك أن دولاً تمر باضطرابات أمنية وعدم استقرار كما في سورية والعراق، تشكل مناخاً مناسباً لظهور قلق المستقبل، لذا قرأنا وسمعنا أن أصحاب الأموال في هذه الدول هرّبوا أموالهم خارج الوطن، وذلك لخشيتهم من المستقبل المجهول وعدم علمهم بما ستؤول إليه الأمور، كما أن البعض قد يسعى للحصول على جنسية بلد آخر يظن أنه آمن ومستقر.
دول الخليج بما فيها المملكة مصادرها الطبيعية من أنهار وأمطار وغابات معدومة، لذا فإن اعتمادها على النفط كمصدر رئيس لمعظم دول المجلس، يمثل مصدر قلق من المستقبل، خاصة إذا علمنا أن النفط مصدر ناضب لا محالة. القلق الاجتماعي بشأن الوضع الاقتصادي والتنموي مستقبلاً فيما بعد البترول يفترض أن يحفز ويبعث الهمم من أجل التفكير في مصادر تعوض عنه، وذلك للمحافظة على التنمية التي تعيشها هذه الأوطان، ولعل مبادرة الكويت، منذ سبعينيات القرن الماضي في إيجاد صندوق الأجيال، من خلال اقتطاع نسبة من الدخل، واستثمارها تحت اسم صندوق الأجيال تمثل فكرة رائدة محفزها وباعثها الأساس هو قلق المستقبل.
قلق المستقبل يفترض ألا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل لا بد أن يشمل كل جوانب الحياة الأمنية، المعيشية، الصحية، والبيئية، وإذا ما وجد سنكون حريصين على توفير الإجراءات الضرورية كافة لضمان مستقبل جيد لنا وللأجيال القادمة.
وإذا كان القلق الذي يعتري أي واحد منا، ولأي سبب من الأسباب هو حالة إنسانية ليست مقتصرة على فرد دون آخر، أو مجتمع دون المجتمعات الأخرى، فإننا نحن المسلمين مطالبون بالتعامل معه وفق مبادئ الشريعة التي تحث على الأخذ بالأسباب 'أعقلها وتوكل' وقول عمر بن الخطاب 'اهرب من قدر الله إلى قدر الله'، وهذا لا يتنافى مع الإيمان بالقدر، وما قد يحدث، لكن الفرد بجهده وفعله قد يتخلص من حالة القلق الذي قد يزيد بفعل الكسل وقلة النشاط، فالتفكير والتخطيط وبذل الجهد، تساعد على التخلص من مشاعر القلق.
تعليقات