حرية التعبير لا تعني محاربة الرأي أو الفكر.. فاطمة الشايجي مؤكدة

زاوية الكتاب

كتب 1628 مشاهدات 0


الأنباء

يسألون عن  /  حرية التعبير

د.فاطمة الشايجي

 

هناك عدة وسائل لحرية التعبير، وهي عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني وجميعها تندرج تحت مسمى السلطة الرابعة لأي بلد، فوسائل الإعلام من صحافة أو تلفاز أو راديو أو وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة جميعها تساهم في نشر التعبير عن التفكير أو الديانة أو الرأي، لكن هذه الوسائل تخضع لمجموعة من القوانين التي توضح كيف يمكن لنا أن نعبر عن آرائنا بحرية.

تعتبر قضية حرية التعبير من القضايا التي يقع فيها الإنسان في تناقض كبير لأنه لا يعي عمق المفهوم، لذلك يصعب عليه الاعتراف بالقوانين التي توضح أن لحرية التعبير أيضا حدا وقيدا، ولكن يكفينا الرجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونقرأ في المادة 19 أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.

وعندما ذكر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (بأي وسيلة) فإنه يقصد مكتوبة أو مسموعة أو مرئية ولا يعني أن تستغل هذه الوسائل بطرق خارجة عن الأخلاق والقانون أو تستغل لزعزعة سلام وأمن الإنسان ، بدليل أن هناك مادة أخرى في نفس الإعلان تؤكد واجبات الفرد، فالمادة 29 فقرة (1) تؤكد «أنه على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه لشخصيته أن تنمو نموا حرا كاملا». وفقرة (2) تقول «يخضع الفرد في ممارسته حقوقه لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديموقراطي».

نحن نعلم أن حرية التعبير حق للجميع، ولكن لنتخيل أننا جميعا نعبر بطريقة مزرية هل سيكون هناك سلام؟ لذا يجب علينا أن ننظر للمنفعة التي تعود علينا من التعبير قبل أن نطالب بحريته. فمنفعته تكمن في أن الإنسان يفرغ شحنة مكبوتة بداخله ولكن لا يقتصر التعبير فقط بالتفريغ وإنما يحتاج إلى تفاعل إيجابي نحو هذا التفريغ لكي يشعر الإنسان بالارتياح ويستطيع أن يعيش في سلام نفسي واجتماعي، لذا نجد أن منفعة التعبير هي نفسها التي تفرض الحدود التي يجب أن يتبعها الإنسان نفسه حين يعبر.

فمن الطبيعي أن الإنسان يرفض أي إهانة أو تجريح أو حكم خاطئ يصدر في حقه، ومن منطلق رفضه يجب أن يعي أن الآخر أيضا لديه نفس الموقف، وبناء عليه نجد أن حرية التعبير التي نطالب بها، حدودها تقع في رفض الإنسان نفسه لأي إساءة له، وإذا كان هناك بعض الأشخاص غير طبيعيين أي أنهم لا يتضررون نفسيا من الإساءة التي توجه لهم، فإن هذا لا يعني أن نتخذهم قدوة في التعامل مع قضية حرية التعبير أو أن يصبح مبدأنا عامل الناس كما يعاملونك فهذا أمر خارج إطار حرية التعبير.

أن تكون حرا في التعبير عن رأي اعتنقته أو فكر أو ديانة لا يعني أن تحارب رأيا أو فكرا أو ديانة الآخر، إنما يعني أنك تحتاج إلى النظر في مفهوم التعددية التي أوجدتها الحرية لكي تعرف كيفية قبول الآخر. والتعددية موضوع المقال القادم بإذن الله. 

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك