مفاتيح خزائن الأثرياء هو الشيء الوحيد الذي تغير.. بنظر الذايدي
زاوية الكتابكتب يوليو 7, 2013, 12:11 ص 988 مشاهدات 0
عالم اليوم
بلا عنوان / أو كالذي مر على قرية
علي الذايدي
يحكى في سالف العصر والأزمان أن رجلا كان على سفر فمر على قرية كانت حاضرة البحر، يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، وبعد أن وصلها وحط رحله فيها استلقى على جذع شجرة وغالبه النعاس من تعب السفر فربط حماره و نام.
ولم تكن إلا هنيهة حتى استيقظ من نومه، فألقى بنظره يمينا وشمالا للتعرف على الأرض التي هو بها، فمر عليه طائف من السماء فسأله كم لبثت؟
فقال سويعات قليلة، أو بعض يوم.
فقال له طائف السماء، بل لبثت 30 عاما، فعندما وصلت لهذه الأرض كانت السنة عام 1980 والآن نحن في السنة الثالثة عشرة من الألفية الثالثة، واستغرب الرجل ولم يصدق ما تسمع أذناه،لكن طائف السماء عدد له المعجزات الإلهية في عدم تغير الحال على هذه الأرض على الرغم من توالي السنين فقال له: انظر إلى حمارك وانظر إلى طعامك، بل هل تريد أن أزيدك ؟ انظر إلى شوارع هذه القرية لم تتغير، نفس السعة ونفس الإسفلت الذي يتطاير عندما تسير عليه السيارات، وانظر إلى مستشفياتها لم تتطور، ولم تزد عن الأمس إلا إصبعا، وإن أردت الاستزادة فانظر إلى مدارسها وجامعتها التي لم تدخلها الصيانة منذ أن قدمت أنت إلى هذه الأرض أي منذ 30 عاما.
وإن كنت ذا نظرة اقتصادية فاستطلع حال التجار هنا، فهم نفسهم التجار الذين يمسكون بخناق الاقتصاد في هذا البلد منذ القدم، لم يتغيروا، فهم ما زالوا يرفعون الأسعار على المواطن ولا يسمحون لأحد أن يدخل غرفتهم، هذا دأبهم منذ القدم وإلى اليوم وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.
أما الدليل الأكبر ولكي تتأكد أكثر فانظر لوكلاء الوزارات في هذه الأرض، فهم لم يتغيروا منذ قدومك إليها، فبعضهم قد نسج عليهم العنكبوت بيته، وكل من تولى منصبا في نفس فترتهم فقد تطاولت أيامه، وذهب زمانه وانتهى أوانه وهم ما زالوا متشبثين بكراسيهم تشبث الرضيع بأمه.
أما إذا أردت أن تقارن فما عليك إلا أن تنظر إلى القرى المحيطة بهذه القرية، فقرية «الاتحاد» المجاورة كانت في العام 1980 صحراء قاحلة تضرب فيها الرياح، واليوم تراها خضراء فاقع لونها يسر الناظرين،وقد أقسم سلطانها على أن تكون قريته أقرب ذرى الأرض إلى السماء، فشيد أعلى بناء على وجه الأرض، يكاد يلامس السحاب لكي يجعل قريته محط أنظار المسافرين والظاعنين، أما قرية «التوحيد» المتاخمة لهذه البلاد فقد كانت نسبة المتعلمين فيها لا تكاد تذكر وكانت تمنع البنات من التعلم والذهاب للمدارس في العام 1980 واليوم تغير حالها وقام سلاطينها ببناء صروح العلم ومراكز الثقافة في كل أنحاء البلاد حتى ينشروا العلم بين الناس، رجالا وإناثا، كبارا وصغارا.
ولك الآن أن تتصور المعجزة في بقاء الحال في قريتنا هذه على حاله بلا تغيير، على الرغم من أنك نمت واستيقظت مرة أخرى بعد 30 عاما ولم تلاحظ أي فرق بين يوم قدومك وهذا اليوم.
ثم قال طائف السماء للرجل : لولا أن زمن النبوة قد انقطع لكنت نبي هذا الزمان، ولكن زمان المعجزات قد انقضى، فما عليك إلا أن تذهب للقرى المجاورة علك تجد حاجتك فيها، فهناك يكفي أن تنام يوما أو بعض يوم فعلا لكي تجد أن حال البلاد قد تغير من حال إلى حال، أما هنا، فليس لك نصيب، فالشيء الوحيد الذي تغير على مرور الأيام والسنين هو مفاتيح خزائن أثرياء هذه القرية، فبعد أن كانوا يعلقونها في سلسلة مفاتيح سياراتهم أصبحت مفاتيح خزائنهم مثل مفاتيح خزائن قارون تنوء بالعصبة أولي القوة.
تعليقات