فى الكويت يمكن أن تفطر مع سلفي وتمسي مع تحريري وتقضي الليل في محاورة صوفي!!..محمد العوضي مشيرا إلى مساحة الحرية فى الكويت

زاوية الكتاب

كتب 554 مشاهدات 0



 

صباح السلف... ومساء التحرير... وليل الصوفية!

كنت ثالث ضيوف برنامج (اضاءات) الذي يقدمه تركي الدخيل في قناة «العربية»، وكان توقيت الحلقة إبان احداث سقوط النظام العراقي بعد الغزو الأميركي... وبرنامج اضاءات اشبه ما يكون بمحاكمة أفكار الضيف من خلال استقراء لأرشيفه الكتابي وبعض نشاطاته. ولقد سألني الدخيل أسئلة كان بعضها خاصاً وحرجاً ومن الأسئلة العادية التي وجهها لي تخص صلتي وعلاقاتي بحزب التحرير الإسلامي.
فقلت له نعم تربطني بهم صلات وزيارات وحوارات، وقلت ان الإنسان قد يسمع عن تجمع معين فإذا قرأ أدبياتهم اتضحت الصورة أكثر فإذا ما التقاهم وحاورهم وظل على صلة معهم فإن صورتهم تتكامل وتتسع فيكون حكمه أقرب للموضوعية وأدعى للانصاف ويتحرر من التعميم في اصدار الأحكام او على الأقل يراجع بعض مسلماته عنهم ويتوقف في ما لا دليل عليه تجاه افكارهم او طريقتهم في التعبير.
وقد نشر حزب التحرير المقابلة على موقعه الإلكتروني. نعم عندي صلة قوية بإخواني من حزب التحرير... ويجب علينا ألا نتردد في ذكر صلاتنا الطبيعية مع أي احد فنحن نعيش في مجتمع يفرض علينا شبكة متواصلة من العلاقات الاجتماعية قد تكون صلتك بالسلفي والشيعي والعلماني والليبرالي والصالح والفاسق والوافد والمواطن والعربي والأعجمي تأخذ شكل علاقة تجارية أو علاقة عمل مشترك (في وظيفة) أو علاقة رحم او علاقة سياسية او جهة ثقافية. الناس في تنوع انتماءاتهم ليسوا بضاعة تصنف حسب النوع وتوضع في مخازن خاصة حسب مواد التموين وتحمل كل صنف لدرجة الحرارة. بل انك ترى عملياً السلفي والشيعي والإخواني والليبرالي والمستقل على مائدة واحدة ويسافرون كمجموعة واحدة ويتبادلون الاحاديث الودية ويشتركون في أمر بالمعروف ونهي عن المنكر! قد تقول: كيف يكون ذلك يا مولانا؟! أقول لك استرجع تاريخ مجلس الأمة الكويتي ثم انظر في ارشيف اللجان فستجد ما وصفت لك شاخصاً... عندما يتعلق الأمر بالصالح العام. وهذه مسألة تدخل تحت بند التعاون مع الجميع في تحقيق مصلحة الجميع والفرق بين الولاء الفكري وبين المعاملة بالحسنى والمعروف. فتعاوني معك وموافقتك في الحق لا تعني تسليمي بخصوصياتك الثقافية والأيدولوجية.
فإذا كان هذا واقع الحال في أعلى سقف سياسي اصلاحي وهو معلن بالصور وتبادل الضحكات المرتفعة، أفلا يجوز ان يتواصل المسلم مع من لا ينتمي إلى حزبهم ممن يحملون مشروعا اصلاحيا مهما اختلف معهم!! إنني أتواصل مع جمع غير قليل من رموز وفعاليات التيارات السياسية وغير السياسية، سلف بأنواعهم وتصنيفاتهم المتعددة، شيعة ومدارسهم، تحرير، مستقلون وتيارات مضادة للعقيدة الإسلامية يمتد الحوار معهم إلى وقت متأخر من الليل. فالحوار هو الوسيلة التي تتفق عليها الأكثرية في فهم الآخر وتقرير كيفية التعامل معه.
ولقد سرني الخبر الذي وصلني امس من أن محكمة الجنايات تصدر حكماً حضورياً ببراءة المتهمين بالانضمام لحزب التحرير. لأنني أعلم ان طريقة الحزب لا تؤمن بالتغيير المادي ومشروعها الإصلاحي في الدعوة لقيام الدولة الإسلامية مدون ومنشور.
إننا في الكويت المجتمع المفتوح الذي يحظى بدربة حوارية تميزها عن كثير من الدول لهو أقدر على فهم الآخر الداخلي. وان على رجال الأمن وشبكتهم الاستخباراتية ان يكونوا على وعي بمذاهب الناس كي لا يحملوا كلام الأحزاب ونشاطاتها أكثر من مدلولاتها... فالأمور في الكويت مكشوفة جداً والجميع يتكلم بلا خوف عن قناعاته كما ان التواصل سهل على مدار الساعة... فيمكن ان تفطر مع سلفي وتمسي مع تحريري وتقضي الليل في محاورة صوفي!!

محمد العوضي

 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك