تردد التاجر .. وامتناع البنوك يكتب عبداللطيف الملحم

تعتبر البنوك السعودية من أنجح المؤسسات المالية وأكثرها ثباتا وربحية على مستوى العالم. ورغم ما نسمعه من أزمات مالية في الخارج, إلا أن أداء بنوكنا دائما الأفضل وأرباحها بالبلايين. وكذلك يوجد الكثير من رجال الأعمال في المملكة ممن يعتبرون من كبار الأثرياء على مستوى العالم بأرصدة تقدر بالبلايين, ولذلك فإن الكثير من أبناء المجتمع يسأل دائما عن دور البنوك ورجال الأعمل.

وقد يستغرب الكثير بأن هناك الكثير من رجال الأعمال والبنوك تريد عمل الكثير للمجتمع. بل إن بعض رجال الأعمال لديهم ملايين فائضة عن الحاجة ويريدون عمل الخير ولكن هناك أمورا كثيرة تمنعهم أو تجعلهم يترددون في القيام بها.

ورغم أننا نطلب من رجال الأعمال خدمة المجتمع إلا أننا ننسى أن الكثير من رجال الأعمال لم تأتهم الثروة بسهولة ويسر. فالكثير مرت بهم ظروف أشرفوا على الإفلاس بسبب أزمات أو صفقات خاسرة ولذلك دائما ما يحسب حسابات كثيرة في كيفية التصرف بالفائض من أمواله. وأكبر عقبة تقف أمام تحمس رجال الأعمال لخدمة المجتمع هي غياب الشفافية في إدارة الكثير من التبرعات التي يقوم رجل الأعمال بضخها في المجتمع سواء عن طريق الجمعيات الخيرية أو المؤسسات التعاونية.

فرجل الأعمال أو التاجر أو البنك سيتردد كثيرا للقيام بأعمال خيرية إذا كان يسمع بصورة مستمرة عن الفساد المالي, سواء أكان في مؤسسات حكومية أو مؤسسات أهلية. فمثلا التاجر لن يقوم بتبني كرسي للبحث العلمي في أي جامعة إذا كان يسمع بالهدر المالي في بعض البنود. وكذلك التاجر لن يقوم ببناء مدرسة إذا كان يعلم وبخبرته المالية بأن ما يتم رصده للتعليم لا يعكس ما يراه في المرافق التعليمية. وكذلك قد يتردد رجل الأعمال أو البنك في بناء مستشفى إذا كان يعلم بأن مخصصات المستشفيات لا يعكس ما تقوم بتقديمه من خدمات طبية بسبب سوء الإدارة.

ولا أحد يغفل أو ينكر ما قدمه الكثير من رجال الأعمال للمجتمع والتي نسمع عنها بين الفترة والأخرى ولكن من الممكن أن يقوم رجال الأعمال أو البنوك بعمل المزيد إذا كان هناك جهد واضح في الاستفادة مما سيقومون بتقديمه للمجتمع. ولهذا يستغرب الكل من عدم قدرة المجتمع على التخفيف على المحتاج رغم وجود الخير عند الكثير من أهالي الخير. ولكن في نهاية المطاف, فإن أي فساد إداري يجعل أصحاب الأيادي البيضاء تتردد, فكثير من رجال الأعمال والتجار لم تأتهم الأموال على طبق من ذهب بل أتتهم بعد جهد وتعب.