مخاطر تخصص المصارف في الشرق الأوسط

الاقتصاد الآن

تقرير: يتطلب عملية تقييم دقيقة للمخاطر وللايجابيات

505 مشاهدات 0

من الارشيف

في ظل الظروف غير المؤاتية التي تشهدها الأسواق العالمية منذ بزوغ الأزمة المالية في العام 2008، والصعوبات التي طرأت على الصناعة المصرفية والأنظمة الجديدة التي نتجت عنها، يعمد عدد كبير من المصارف إلى اتخاذ خيارات استراتيجية مغايرة للاستراتيجيات السابقة التي كانت تعمل بها وذلك بهدف التخصص في الخدمات التي تقدمها للزبائن والتي من شأنها أن تركز أكثر على الخدمات التي تميزها عن غيرها.

وبينما يتطلع القيمون على المصارف الى ايجابيات عدة تنتج عن تخصص المصارف، الا انه يفوتهم التنبه الى المصاعب المحتملة والمخاطر التي ترافق مثل هذه الاستراتيجيات الجوهرية في توجيه الأعمال. ويأتي تقرير جديد من ديلويت تحت عنوان:'تخصص المصارف: استراتيجيات ومخاطر جديدة؟'، ليسلط الضوء على المخاطر المحتملة الناتجة عن تخصص المصارف والتدابير التي يمكن أن تتخذها هذه الاخيرة لتقليصها.

وفي هذا السياق، يشدد خبراء ديلويت على أنّ التخصص يعتبر توجهاً استراتيجياً رئيسياً في الصناعة المصرفية العالمية، ويتطلب عملية تقييم دقيقة للمخاطر وللايجابيات التي ترافق هذا التوجه على حد سواء. ويعود السبب في ذلك إلى أن تنفيذ استراتيجية التخصص يشكّل تحدياً واضحاً لادارات المصارف، إذ ينتج عنه عدداً من المخاطر التي ليست بجديدة بالضرورة بل أكثر تبياناُ من السابق.

في هذا الإطار، يشير جو الفضل، الشريك المسؤول عن قطاع الخدمات المالية في ديلويت الشرق الأوسط الى 'أن الأنظمة التشريعية تلعب دوراً هاماً في التوّجه الاستراتيجي الذي تعتمده المصارف لمواجهة تحديات الاسواق التي تعمل فيها هذه الأخيرة، لافتاً إلى أن تطبيق معايير «بازل 3» هو من أهم الدوافع لتوجه بعض المصارف الى التخصص. ويستهدف «بازل 3» وضع إطار تنظيمي دولي لجعل النظام المصرفي اكثر أماناً وذلك بإعادة معالجة الثغرات التي أظهرتها الأزمة المالية العالمية من خلال إدارة السيولة في المصارف لتحسين كمية ونوعية رأس المال الأساسي.' ويضيف قائلاً :'أن بعض النسب التي تتطلبها معايير «بازل 3» تستوجب قيام المصارف بالمنافسة، فيما بينها على استقطاب الودائع والتمويل المستقر الطويل الأجل وبذلك وضع اولوياتهم واتخاذ القرارات الاستراتيجية في ما يختص باطر المنافسة التي يقومون بها.' ويختم الفضل قائلاً: 'أما في ما يختص بمنطقة الشرق الأوسط، فتتوجه بعض المصارف نحو صناعة الصيرفة الإسلامية وفقاً لمتطلبات السوق'.

ويشير تقرير ديلويت الى ثلاثة أنواع من التخصص المصرفي:
1. التخصص في نوعية الخدمات والمنتجات المصرفية: حيث يتم التركيز على خدمات ومنتجات خاصة أو صناعة مصرفية معينة كخدمات الصيرفة بالتجزئة أو خدمات الصيرفة الخاصة أو خدمات الصيرفة الاستثمارية أو غيرها.
2. التخصص الجغرافي: حيث تركز المصارف في خدماتها على مناطق جغرافية معينة.
3. التخصص في شرائح محددة من العملاء: حيث توفر المصارف خدماتها ومنتجاتها لشريحة معينة من الزبائن.

كما يتضمن تقرير ديلويت تحليلاً للتحوّلات التي يجب على المصارف التي تقوم بالتخصص في أعمالها أخذها بعين الاعتبار لا سيما فيما يتعلّق بمخاطر عدم تنويع الأعمال ومخاطر التشغيل والاستثمار والمخاطر المتعلقة بالمستثمرين ومخاطر سمعة المصارف. وهذه المخاطر هي:

مخاطر عدم تنويع الاعمال: تعمل المصارف على تعزيز سمعتها وخبراتها وعلى زيادة عائداتها من خلال التركيز على خدمات ومنتوجات معينة؛ ولكنها قد تصبح أكثر اعتماداً على نشاطها الاساسي، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بأي تغيير يطرأ على الصناعة المصرفية، معرضاَ بذلك المصارف الى مخاطر تقلص العائدات وتباطؤ النمو.
مخاطر التشغيل والتنفيذ: قد تؤدي التغيرات التي تشهدها المصارف المتخصصة في هيكليتها وأهدافها الى صعوبات تواجهها في مجالات متعددة مثل عدم تماشي البنية المعلوماتية ونظم التشغيل لديها مع متطلبات التغيير وعدم قدرة وظائف الدعم لديها على مواكبة متطلبات التغيير، ناهيك عن تغيرات لا بد منها في القيم المؤسساتية والثقافة المؤسساتية للمصارف.
المخاطر المتعلقة بالمستثمرين: يمكن لأي تغيير في سياسات التخصص في المصارف ان يعتبر تغيراً سلبيا اذا ما عملت المصارف على التواصل مع الزبائن بفاعلية لتوضيح الاسباب الملزمة بالتغيير وايجابيات التغيير على عائدات المستثمرين.
مخاطر السمعة: قد يؤدي التخصص المصرفي إلى إلحاق الضرر بسمعة المصارف، لاسيّما إذا ما شكّل التنوّع في الخدمات صلب سمعة المصرف المتخصص أو شعاره المؤسساتي.

وأخيراً، علق الفضل أنّ التخصص المصرفي تنتج عنه ايجابيات عدة وبخاصة لدى المصارف التي تعمد على اسس صلبة وبناءة لتقييم نقاط القوة الأساسية في أدائها وتطويرها واكتشاف مكامن الضعف لديها والعمل على تحويلها الى نقاط قوة تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الأربعة التي سبق ذكرها، لاعتماد تطبيق فاعل لممارسات رائدة وطرقاً جديدة للنظر في الاستراتيجيات التي تعتمدها المصارف.

الآن : المحرر الاقتصادي

تعليقات

اكتب تعليقك