الذكرى الـ 22 لإطفاء آخر بئر مشتعلة
محليات وبرلمانيوم أشرقت الشمس من جديد على الكويت بعد أن حجبها العدو
نوفمبر 6, 2013, 8:55 ص 9883 مشاهدات 0
يستذكر الكويتيون اليوم الموافق السادس من نوفمبر كارثة حرق آبار النفط إبان الغزو العراقي عام 1990 حيث شهد هذا اليوم إطفاء آخر بئر مشتعلة وبأيد كويتية ضمن أكثر من 730 بئراً أشعلها الجيش العراقي وهو في طريقه للإنسحاب من الكويت .
ولم يكن السادس من نوفمبر 1991 يوما عاديا أو ذكرى عابرة إنما مناسبة في كتاب تاريخ الكويت لا تنسى عندما نجح أبناء هذا الوطن في اطفاء البئر (برقان 118) بعد صراع طويل خاضه الخبراء والفنيون عقب تحرير الكويت دام نحو ثمانية اشهر امتد فيها العمل بروح الفريق الواحد بعزيمة لا تنكسر حتى تحقق هذا الانجاز الكبير.
وعلى الرغم من أن فرقا من الدول الشقيقة والصديقة ساهمت في اطفاء ابار الكويت المشتعلة فإن فريق الاطفاء الكويتي كان أحد ابرز هذه الفرق ليحتل المرتبة الثالثة بين الفرق العالمية في عدد الابار التي اطفأها وعددها 41 بئرا.
بدأت مأساة احراق الآبار في 21 فبراير 1991 وأخذت حرائق الابار اشكالا متعددة وفي اهم مناطق حقول النفط الكويتية كالأحمدي وبرقان والمقوع والمناقيش والوفرة ولم يتوقف الامر عند حرق الابار بل أن بعض الابار التي تم تفجيرها ولم تشتعل تدفق منها النفط ليكون ما يعرف بالبحيرات النفطية شديدة الخطورة على البيئة والحياة البشرية وامتدت آثارها للمياه الجوفية.
وصاحب اشتعال الابار انتشار كميات هائلة من الدخان والنيران في كل الاتجاهات كما صاحبها تفجير مراكز التجميع للنفط والتي تصل بين الابار وموانئ التصدير لتزداد المنطقة اشتعالا ودمارا وشملت هذه المراكز مناطق الاحمدي والروضتين وبرقان والصابرية وبلغت 26 مركزا.
وبلغ عدد الابار النفطية الكويتية التي فجرتها القوات العراقية قبل انسحابها 732 بئرا وبلغت خسارة الكويت ما بين 4 و 6 ملايين برميل نفط خام يوميا وقدرت الخسائر اليومية للكويت وقتها بنحو 120 مليون دولار عدا الخسائر البيئية والصحية ومنيت الكويت بأكبر كارثة بيئية شهدتها المنطقة عبر تاريخها نالت البيئة البرية والبحرية والحياة الفطرية عموما.
وعلى الرغم من ان فريق الاطفاء الكويتي كان يعد فريقا قليل الخبرة والتجربة في هذا المجال فإنه نال تقدير الفرق الاجنبية المتخصصة والعالم بتحديه واصراره ودوره البطولي في التصدي لهذه الحرائق غير التقليدية وساهم بإطفاء نحو 6 في المئة من الابار المشتعلة بعدد بلغ 41 بئرا.
وشارك أكثر من عشرة آلف شخص موزعين على 27 فريقا في إطفاء حرائق آبار النفط وساهمت خمس شركات أمريكية ب12 فريقا متخصصا قامت بإطفاء 428 بئرا أي نحو 5ر58 في المئة من مجموع الآبار المشتعلة وساهمت ثلاث شركات كندية بإطفاء 194 بئرا أي نحو 27 في المائة من العدد الإجمالي للآبار المشتعلة.
وبحسب تقرير اصدرته شركة نفط الكويت فقد فقدت الكويت ما بين 5ر1 و ملياري برميل من النفط بسبب حرق الآبار وهو ما يوازي اثنين في المئة من الاحتياطي النفطي لدولة الكويت وتم إحصاء 603 آبار محترقة و44 بئرا يتدفق منها النفط و104 آبار مدمرة في حين لم يسلم من التدمير والتخريب سوى 110 آبار.
ولم تقتصر نتائج حرائق النفط على الخسائر المادية فحسب بل تجاوزتها إلى خسائر أكثر خطورة على البيئة والصحة العامة إذ شكلت أعمدة الدخان المتصاعدة التي غطت سماء الكويت طوال تلك الفترة كارثة بيئية لجميع الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات.
وقدر الخبراء كميات الملوثات التي تصاعدت إلى الجو بنحو 150 طنا مخلفة أخطارا جسيمة على الصحة العامة بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الارض وفي الفترة التي تلت تحرير الكويت بتاريخ 26 فبراير عام 1991 توافد عدد كبير من العلماء والخبراء المختصين في شؤون البيئة وأقيمت ندوات ومؤتمرات وحلقات نقاشية في أكبر مراكز البحوث في العالم في محاولات لإنقاذ البيئة ومعرفة الآثار المستقبلية لهذه الكارثة وتحديد نطاقها وتداعياتها.
وقال تقرير اصدرته الجمعية العلمية الوطنية وهي إحدى الوكالات الفيدرالية الامريكية المختصة ان ما بين مليون و مليوني طن من ثاني أكسيد الكربون كانت تتصاعد من الحرائق يوميا أي ما يمثل 1 في المئة من مجموع ثاني أكسيد الكربون المنبعث في جميع أنحاء العالم.
وخلصت دراسات تحليلية لمخاطر هذه الكارثة إلى أن 50 ألف شخص في الكويت ستكون حياتهم أقصر بطريقة ما في السنوات المقبلة في حين ستصيب أضعاف أضعافهم الكثير من الأمراض القاتلة بسبب الدخان وما يحويه من غازات وكيماويات سامة مختلفة.
ولم تتوقف الاثار المدمرة والسلبية لحرق الابار عند حدود الكويت بل امتدت لدول عدة ووصل الدخان المنطلق من الآبار الى دول عدة منها البحرين والسعودية وقطر وإيران وسلطنة عمان ودول اخرى في وسط اسيا وهطلت عليها امطار سوداء محملة بالنفط والغاز.
وسقطت كميات كبيرة من (السخام) على الكويت لتغطي النباتات والمباني مما ترك أثرا على الطيور والحيوانات الأخرى إضافة إلى تحويل النهار إلى ليل عدا سكون الرياح فيما تسبب انخفاض درجات الحرارة اربع درجات مئوية في هلاك الكثير من الكائنات البحرية.
السادس من نوفمبر يوم غير عادي في تاريخ الكويت عندما تم إطفاء آخر بئر نفطية مشتعلة لتعود للكويت ثانية بهجتها وتسترد عافيتها وتشرق عليها الشمس من جديد.
وفي هذا الصدد قال نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الإدارية والمالية الناطق الرسمي في شركة نفط الكويت سعد العازمي ان الشركة اعدت برنامجا للاحتفال بذكرى إطفاء آخر بئر نفطية مشتعلة من جراء الغزو العراقي والتي تصادف السادس من نوفمبر من كل عام.
واضاف العازمي في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم 'اننا نستذكر هذه الكارثة بشعور من الأسى والألم لتعرض مقدرات بلدنا الغالي في تلك المرحلة إلى عملية تخريب وتدمير متعمدة'.
واوضح ان الشركة تعتزم تنظيم معرض خاص بالمناسبة اليوم بمبنى المركز العلمي وعرض فيلم حول تلك الحرائق يحمل عنوان (حرائق الكويت) بتقنية (آيماكس) المتطورة.
وذكر ان عددا من موظفي الشركة سيزورون مجموعة مختارة من المدارس لتوزيع مواد إعلامية متنوعة على طلبتها لتعريفهم بحقيقة كارثة حرق آبار النفط والآثار الاقتصادية والبيئية المأساوية التي نجمت عنها.
وبين ان القوات العراقية الغازية كانت قد عمدت إلى إشعال النيران في نحو 700 بئر نفطية قبيل انسحابها من الأراضي الكويتية في فبراير 1991 مما تسبب في وقوع واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في التاريخ المعاصر.
وشدد على أن هناك جانبا آخر لتلك المأساة كشف عن مدى ما يتحلى به الكويتيون من تصميم وإرادة حيث تضافرت الجهود الوطنية بدعم ومساندة عالمية لتنجح في السيطرة على الحرائق في ملحمة بطولية أثارت إعجاب العالم.
وقال ان معجزة حقيقية شهدتها أرض الكويت مستذكرا دور فريق الإطفاء الكويتي الذي ساهم حينها بإطفاء حرائق الآبار بكل كفاءة وحقق أرقاما قياسية أذهلت المراقبين والمتخصصين خصوصا بالنظر إلى حداثة تكوينه وخبرته المحدودة آنذاك.
يذكر ان الكويت تحتفل سنويا بذكرى 6 نوفمبر 1991 وهو اليوم الذي قام فيه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه بإطفاء آخر بئر نفطية مشتعلة معلنا بذلك تجاوز البلاد لآثار تلك الكارثة وعودتها مجددا لأداء دورها الرائد بعزيمة وتفان ابنائها.
تعليقات