ما يحدث في مصر عدالة غير كاملة.. بنظر سعاد المعجل
زاوية الكتابكتب نوفمبر 12, 2013, 12:07 ص 694 مشاهدات 0
القبس
الثواب العادل والعقاب العادل
سعاد فهد المعجل
التجربة المصرية في محاكمة الرؤساء هي تجربة جديدة في عالمنا العربي.. فهل ما يحدث في مصر هو عدالة مجردة كاملة؟!
أسقط ربيع العرب أربعة رؤساء بطرق مختلفة، فبينما انسحب وغادر الرئيس التونسي زين العابدين أرض المعركة وهرب، فإن سقوط الرئيس اليمني حدث بصورة شبه توافقية لم تحسم الأمر بشكل نهائي، ولا يزال نفوذ الرئيس السابق واضحاً في مجريات الأحداث في اليمن! أما سقوط القذافي فقد كان مأساوياً وبوحشية تتفق مع سمات حكمه الوحشي والعنيف! ثم تأتي مصر قلب العروبة، فتحاول استدراك النماذج السابقة للسقوط وتسعى لأن تفرض شيئاً من القانونية في إقصاء الرئيس..
تأتي أهمية محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي ومن قبله الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكونها محاولات تسعى لإرساء دولة القانون في محاكمة كلا الرئيسين، وتفويض العدالة لتكون هي الحكم والفيصل، وليس الشارع، أو الإرادة الفردية كما حدث في حالة القذافي مثلاً!
قبل التجربة المصرية الراهنة، كانت هناك تجربة مشابهة في العراق إبان محاكمة صدام حسين، حين تم تفويض المحكمة والقضاة للحكم على صدام حسين بناء على وثائق وقضايا موثقة، لكن التجربة العراقية كانت محكومة بتحالفات طائفية وقبلية قللت من فاعليتها كمثال للعدالة المجردة.
أهمية التجربة المصرية تأتي لكونها أولى التجارب العربية لترسيخ مبدأي الثواب والعقاب بشكل قانوني ومجرد، أي من خلال محاكم مدنية ومحامين ووفقاً لنصوص قانونية مكتوبة وأحداث موثقة، وقد لا تحقق مثل هذه التجربة التكامل المنشود في ذلك، لكنها قطعاً تعتبر تجربة نتمنى أن يستمر نهجها.
مشكلة المشاكل في العالم العربي سياسياً واجتماعياً تتلخص في مسألة غياب مبدأي الثواب والعقاب.. الثواب العادل والعقاب العادل، وبشكل أدى الى تراجع مخيف في ثقة الناس بالقضاء والعدالة بشكل عام.. وهو ما يفسر خروج جماعات كثيرة امتهنت التطرف في طرحها ووضعت شروطها وعدالتها بشكل نشهده يومياً في سوريا والعراق وليبيا واليمن وتونس وغيرها من الدول التي تمزقت اشلاؤها الى جماعات.
بغضّ النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا حول الرئيس السابق محمد مرسي، فإن التجربة المصرية في محاكمة كلا الرئيسين هي تجربة جديدة في عالمنا العربي الذي يفتقد العدالة كقاعدة اجتماعية لاستمرار حياة البشر في ما بينهم.. العدالة وفقاً لقانون مدوّن ينظم شؤون البشر ويحفظ حياتهم وأموالهم ومكتسباتهم.
هيومن رايتس ووتش رأت في محاكمة مرسي أنها مسيّسة وتهديد خطير للعدالة في مصر، وقد يرى آخرون في ذلك جانبا من الحقيقة، لكننا كمجتمع عربي يراقب الحالة المصرية نقول إن محاكمة الرئيس مرسي تشكل أولى خطوات العدالة الانتقالية.
ما يحدث في مصر ليس العدالة بتجردها الكامل، لكنه خطوة جيدة لتفويض القانون وجعله الفيصل في تنظيم شؤون البشر، وتبقى أمام مصر خطوات أخرى كثيرة ومهمة قبل أن تحل العدالة الكاملة محل الفوضى!
تعليقات