' الأوقاف' اختتمت فعاليات مستجدات الفكر الإسلامي

منوعات

المشاركون أوصوا بإعداد موسوعة علمية في موضوعات السياسة الشرعية

944 مشاهدات 0

' الأوقاف' اختتمت فعاليات مستجدات الفكر الإسلامي

أوصى المشاركون في مؤتمر ' ندوة مستجدات الفكر الإسلامي الثانية عشرة الذي اختتمت فعالياته وزارة الأوقاف الشئون الإسلامية مساء أمس بحضور وزير العدل ووزير الأوقاف والشئون الإسلامية شريدة عبدالله المعوشرجي ووكيل الوزارة دكتور عادل عبدالله الفلاح وضيوف المؤتمر وقياديي ومسئولي الوزارة في البيان الختامي:

1- رفع برقية شكر وتقدير إلى مقام حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت حفظه والله ورعاه على تفضله برعاية المؤتمر وحسن الضيافة.

2- تأسس مركز دولي يعنى بدراسة السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة واستقطاب الباحثين المتخصصين في هذا المجال.

3- إعداد موسوعة علمية متخصصة في موضوعات السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة .

4- الاستمرار في تنظيم الندوات العلمية المتخصصة في موضوعات السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة.

5- إصدار مجلة علمية محكمة متخصصة في السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة.

6- رصد جائزة عالمية لأبحاث السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة.

7- تأسيس أكاديمية علمية تعنى بفقه السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة.

8- العمل على نشر المواد العلمية المتعلقة بفقه السياسة الشرعية بالوسائل المختلفة.

9- ترجمة أبحاث المؤتمر إلى اللغات الحية وتوزيعها على الجامعات والمراكز في العالم.

10- ضرورة تكثيف الدراسات المتخصصة والمتعمقة في السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة من قبل الجامعات والمؤسسات والمجامع العلمية والمراكز البحثية.

وقد خلص المشاركون كما جاء في البيان الختامي إلى النتائج الآتية:

1- أن في نصوص الكتاب والسنة وعمل الخلفاء الراشدين جميع ما تحتاج إليه الأمة فيما يمر بها من النوازل والحوادث والمستجدات بكافة أنواعها، والرجوع إليها كفيل بعلاج أحوال الأمة.

2- أن السيادة لله تعالى شرعاً كما هي له كوناً، قال تعالى: (ألا له الخلق والأمر)، فلا شرع إلا ما شرع، ولا حكم إلا ما أنزل، وأن كل قانون يعارض الشريعة فهو باطل شرعاً، وكل دعوى تجعل السيادة لغير الله فهي غير مردودة، وذلك بإجماع أهل العلم لا خلاف بينهم في ذلك.

3- أن الشورى أصل شرعي جاءت به الشريعة وهي من أهم السبل التي تحقق المصالح وتدرء المفاسد إذا عمل بها على الوجه المشروع ولا يجوز تسوية الشورى بالنظم الوضعية للمباينة بينهما في الأصل والحال والمآل.

4- أن أهل الحل والعقد هم أولو المكانة في الأمة من أهل العلم والأمانة والرأي والشوكة والتدبير، ومن أهم وظائفهم الواجبة عليهم بذل النصح للراعي والرعية.

5- إن إجماع أهل السنة والجماعة منعقد على أن من يتولى أمر المسلمين باختيار أهل الحل والعقد، أو بولاية عهد ممن قبله، أو بالتغلب والقهر، واستقام له الامر، فهو ولي أمر، يسمع له ويطاع في غير معصية الله عز وجل، سواء سمي خليفة أو إماماً أو ملكاً أو أميراً أو حاكماً أو رئيساً أو غير ذلك، براً كان أم فاجراً، سواء كانت ولايته على عموم الأقطار أو على قطر من الأقطار.

6- أن من أعظم مقاصد الشريعة جمع كلمة المسلمين على الحق والهدى وسد كل طريق يوصل إلى الفرقة والفشل وذهاب ريح الأمة، والتعددية الحزبية تنافي ذلك.

7- أن ضبط الفتوى على مقتضما قرره أهل العلم من شروطها وضوابطها يحقق مقاصد الشريعة في أمور المسلمين العامة، ومصالحهم الكبرى، ويمنع الخلط بين ما يقبل الاجتهاد وما لا يقبله.

8- أن الشريعة الإسلامية جاءت بتنظيم علاقة الدولة المسلمة بغيرها مراعيةً اختلاف الأحوال والازمان وحال الدول قوة وضعفاً، وأناطت العمل بذلك بأولي الأمر الذين هم الأمراء وعلماء الشريعة دون آحاد الرعية.

وأوضح البيان الختامي أن المشاركين في المؤتمر ناقشوا موضوعات مهمة متعلقة بفقه السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة وخرجوا بأبحاث علمية محكمة تعالج بعض ما تمس إليه الحاجة في فقه السياسة الشرعية وتطبيقاتها المعاصرة والتي تناولت البحوث التالية:

1- السياسة الشرعية في سرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.

2- الكتابات المعاصرة في السياسة الشرعية دراسة نقدية.

3- الشورى في الإسلام وتطبيقاتها المعاصرة.

4- أهل الحل والعقد بين الشريعة والنظم الوضعية.

5- مفهوم ولي الأمر وتكييف العلاقة بينه وبين الشعب.

6- نقد الحاكم بين الشريعة والنظم الوضعية.

7- نظرية السيادة والسلطة العليا للأمة في النظم الوضعية وموقف الإسلام منها.

8- التعددية الحزبية في الإسلام.

9- السياسة الشرعية في العلاقات الدولية.

10- تغير الفتوى وأثره في السياسة الشرعية.

وتوجه المشاركون بالشكر إلى حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه على الرعاية الكريمة للمؤتمر كما تقدم المشاركون بالشكر الجزيل لوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في دولة الكويت ممثلة في معالي الوزير السيد شريدة عبدالله العوشرجي الذي هيأ كل الأسباب لإنجاح المؤتمر.

نداء من العلماء والفقهاء المشاركين في مؤتمر فقه السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة إلى الأمة الإسلامية

وجه المشاركون في مؤتمر فقه السياسة الشرعية ومستجداتها المعاصرة في دولة الكويت حرسها الله تعالى في المدة 22-24 محرم 1435هـ الموافق 25-27 نوفمبر 2013م، انطلاقاً من واجبهم الديني وشعورهم الأخوي وحرصهم على مصالح الامة، وحزنهم وأسفهم على ما يجري في بعض بلاد المسلمين من فتن وقلاقل أدت إلى سفك الدماء المعصومة والاعتداء على الحرمات واضطراب الأمن والاستقرار، وإيماناً منهم بضرورة التناصح والتواصي بالحق والعمل الجاد لدفع غوائل هذه الفتن وشرورها، يتوجهون بهذا النداء إلى الأمة الإسلامية كافة حكامها وعلمائها وشعوبها، لعل الله عزوجل يرفع عنهم البلاء، ويجمع كلمتهم على الحق بلطفه ورحمته، ويدحر أعدائهم بعزته وقوته:

أولاً: يناشد المشاركون في المؤتمر حكام المسلمين تحكيم شرع الله تعالى وتعظيم شعائره وحرماته، وإقامة العدل والرفق بالرعية، ونصرة المظلومين والأخذ على يد المعتدين على حق الله تعالى وحقوق العباد كما يناشدونهم رعاية مصالح الأمة بمقتضى الأدلة الشرعية، والسعي إلى اجتماع الكلمة، والتعاون فيما بينهم لدفع الظلم عن إخوانهم المسلمين في مختلف أرجاء الأرض، والسعي في إيقاف الفوضى وآلة القتل، امتثالاً لقول الحق جل شأنه (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) .

ثانياً: يناشد المشاركون في المؤتمر العلماء وطلبة العلم والدعاة أن يقوموا بواجبهم الذي فرضه الله تعالى عليهم من اتباع الحق والدعوة إلى الله على بصيرة والعمل على نشر العلم ورأسه : التوحيد والاتباع ولزوم ما درج عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة الدين، والدعوة إلى جمع الكلمة، وإصلاح ذات البين ونزع فتيل الفتن، والنهي عن التحريض عليها، وإصلاح ما بين الراعي والرعية مستمين ذلك من الكتاب والسنة، لا تأخذهم في الله لومة لائم، ومتدينين بها ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، دون مغالبة على الدنيا، وبعيداً عن توظيف الدين لمآرب سياسية أو مكاسب حزبية.

ثالثاً: يدعو المشاركون في المؤتمر المسلمين عامة إلى تقوى الله تعالى وإصلاح أحوالهم وتزكية نفوسهم بما أنزله الله تعالى من الهدى ودين الحق، والانشغال بالغاية التي خُلقوا من أجلها، إذ القيام بها شرط صلاحهم وسعادتهم في الدنيا، وفوزهم ونجاتهم في الآخرة ويذكِّرونهم بأن ما يصيبهم من المحن والفتن والآفات إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي كما قال تعالى( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِير) وقال سبحانه (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون [( ويبينون أن المخرج من ذلك كله في الرجوع إلى الله عز وجل ، وتقواه ظاهرا وباطنا ، والاعتصام بالكتاب والسنة بهدي سلف الأمة ، كما قال جل شأنه : وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ﴿66﴾ وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيماً ﴿67﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴿68﴾ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً ﴿69﴾ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً ﴿70﴾

رابعاً : يحذر المشاركون في المؤتمر المسلمين كافة من أن يكونوا وقوداً لصراعات تذهب بنفوسهم، وتعتدي على حرماتهم ، فإن ذلك عظيم عند الله عز وجل، والاقتتال بين المسلمين منكر خطير، وقتل النفس البرية من كبائر الذنوب، وعظائم المحرمات التي تستوجب غضب الله ولعنته ووعيده بنار الجحيم، كما قال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً ) أخرجه البخاري، فهذا الأمر العظيم، المحرم تحريماً قطعيا، المجمع عليه بين المسلمين، والمعلوم من الدين بالضرورة، لا يجوز التساهل فيه، فليحذر المسلم أشد الحذر من الدعوات التي تستخف بدماء المسلمين وحرماتهم، وتجرئ العامة على سفك الدم الحرام بتأويلات وفتاوى تحريضية ظالمة، كما يجب اجتنابه أسباب ذلك ودوافعه كالغلو في تكفير المسلمين وتبديعهم، فالله الله أيها المسلمون في دمائكم وتذكروا وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم العظيمة في حجة الوداع: ' فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا' أخرجه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم في تلك الحجة المباركة أيضاً: ' لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض' متقف عليه وقال صلى الله عليه وسلم (( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)).

 

وكانت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية واصلت جلسات مؤتمر ندوة مستجدات الفكر الإسلامي الثانية عشرة في فندق كراون بلازا.

وترأس الجلسة المسائية رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية الأستاذ الدكتور عبدالعزيز السعيد، والتي أستهلها الشيخ عبدالمالك رمضاني بقوله إن نقد المخطئ إذا كان على وجه الإخلاص وحسن المأتي خصلة حميدة، لأنه دليل على صدق للمنصوح له، ودليل على التعاون معه على البر والتقوى، ولذلك كان إصلاح الخلل عموماً من الصفات البارزة للمرسلين عليهم الصلاة والسلام، أما وإنتقاد المخطئ لتسليمه من الخطأ وتسليم تابعيه من تبعاته سنة نبوية، فقد عن عدي بن حاتمأن رجلاً خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ' من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ' بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى'.

والمقصود بالنصيحة لأئمة المسلمين النصيحة لولاة أمورهم من العلماء ومن الأمراء والملوك والرؤساء.

وأضاف أن الأصل في كل خطاب أن يراعى فيه الكلمة النافعة المصلحة، لأن الله يحب طيب القول، كما يقول ' وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ' وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال : ثال رسول الله صلى الله عليه وسلم ' من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت ' وعن ابن عباس قال ' لو قال لي فرعون : بارك الله فيك، قلت وفيك، وفرعون قد مات '، وأما عن طريق إسداء النصح للسلاطين وذوي الشرف فإنهم مخصوصون بشئ لا يشاركهم فيه غيرهم، قد عرف أصل ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم السابق الذي رواه مسلم ' الدين نصيحة '.

وأوضح إن النظم المعاصرة في الوقت الذي فكرت في مصلحة الفرد لضمان حريته لم تحسن التفكير في مصلحة الأمة مع علمها بأن المجتمع يتكون من مجموع أفراد، فإذا أطلقت الحريات الفردية ولم تضبط أنتجت أنانية في أفرادها وفوضى في النقد تضر بالمجتمع، لأنه قد تنتقد المقدسات الغالية والأخلاقيات العالية وتنشأ ردود أفعال في البلاد الواحدة تؤدي إلى استيلاد العنف وتوسيع هوة الخصومات، وفكرت هذه النظم في مصلحة الشعوب لضمان حقوقها ولم تحسن التفكير في حياطة حقوق السلطة بالاحترام وحفظه من الإهانة وتشجيع الجماعات الثائرة الانتهازية على تضييع الأمن.

وأكد أن الشريعة الإسلامية لم تمنع من نقد الحاكم، ولم تأمر بالتهور في نقده، ولكنها تهذب ذلك وتضبطه، فالحاكم يخطئ ويصيب وهو بحاجة إلى من يأخذ بيده إلى الصواب لكن ينتقد في السر وبالقول اللين، والجهر بالنصح للحاكم حالة استثنائية ضيقة يلجأ إليها عند الضرورة بحسب ما فصلته في كلمة الإمام الأوزاعي رحمه الله، وهو الذي درج عليه أهل العلم الناصحون الآخذون بنصوص الكتاب والسنة والملتزمون هدي السلف الصالح.

ومن جانبه أكد الشيخ محمد الحمادي أن العلم من الشروط اللازمة لمن يتصدى لمهمة نقد الحاكم وتوجيهه، وتذكيره، وقد اشترط الفقهاء شرط العلم في عمل الحسبة، وإذا كان شرطاً في الحسبة على آحاد الناس، فهو شرط في الحسبة على الحاكم من باب أولى، وقد دل على هذا الشرط قول الله تعالى: ' قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي' والبصيرة التي لا بد من توفرها في من يتصدى لنقد الحاكم تكون بوجود ثلاثة أنواع من المعارف:

أولاً: أن يكون عالماً بالحكم الشرعي فيما ينتقد فيه، لأن المقصود من النقد هو تطبيق شرع الله، وإقامة أحكامه، ودينه، وليس مطلق النقد الذي قد يكون موافقاً وقد يكون معارضاً لشرع الله تعالى، فلا يصلح أن يكون الناقد جاهلاً بعقيدة أهل الإسلام الصحيحة، أو لا يدري ما أوجب الله على عباده.

ثانياً: أن يكون على معرفة بحال الحاكم المنتقد قبل أن يقبل على النقد والخطاب، إذ ليس المقصود مجرد النقد، وإنما المقصود إيصال العلم والحض عليه، وحصوله وتحققه، والدخول عليه بأمثل أسلوب وأحسن خطاب.

ثالثاً: أن يكون على علم بكيفية نقد الحاكم، فإن الناس يتفاوتون في الكلام، فمنهم من يصلحه الرفق، ومنهم من يفسده، ومنهم من يفسده ذكر أخبار الترغيب دون الترهيب، ومنهم خلاف ذلك، ومنهم من إذا سمع بالرخصة جعل يتتبعها وأشكالها فيفسد عليه دينه، ومنهم من يبحث عن التغليظ كي يغلظ على عباد الله.

وتابع أن الوسائل التي ينتقد بها الحاكم متعددة ولكنها مع تنوعها لا تخرج عن أحد نوعين:

النوع الأول: الوسائل العلنية غير المباشرة، والنوع الثاني: الوسائل المباشرة غير العلنية.

أما النوع الأول: فهي الوسائل العلنية، وهي وسائل علنية في نقد الحاكم، ولها صور وأشكال متنوعة فمنها: المظاهرات، ومنها الكتابة في الصحف والجرائد، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومنها الاعتصامات، ومنها العصيان المدني، ومنها الثورة على الحاكم، ومنها كتابة العرائض وتوقيعها.

أما النوع الثاني من الوسائل: الوسائل المباشرة غير العلنية ويدخل في هذا الصنف أنواع عدة من الوسائل: الوسيلة الأولى ـ مقابلة الرؤساء والحكام، وإبداء وجهة النظر، الوسيلة الثانية ـ كتابة الرسائل وإيصالها إلى مكاتب الرؤساء والحكام. والوسيلة الثالثة ـ التواصل مع أعضاء المجالس الوطنية والبرلمانية، للقيام بدورهم في إيصال الصوت والرأي إلى الحاكم. الوسيلة الرابعة ـ التواصل مع رجالات المجتمع من أهل الحل والعقد للقيام بدورهم في إيصال الكلمة والصوت إلى الرأي والحاكم.

ومن جانبه قال أستاذ الفقه بالدراسات العليا بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية الدكتور عبدالسلام السحيمي: إن من أعظم النعم الأمن والتي امتن الله بها على عباده، وأن من أعظم الأسباب التي تحفظ بها هذه النعمة وجود إمام تجتمع عليه الكلمة وتسمع له الرعية وتطيع، سواء كان هذا الإمام عدلاً أو فاسقاً، براً أو فاجراً، فالاختيار أن يكون الإمام فاضلاً عدلاً محسناً فإن لم يكن فالصبر على طاعة الجائرين، لأنه لا صلاح ولا أمن إلا باجتماع ولا اجتماع إلا بإمام يسمع له ويطاع، ولهذا فإن عدم وجود الإمام أو عدم السمع والطاعة له والخروج عليه مع وجوده كان ذلك سبباً من أسباب ذهاب الأمن وحلول الخوف وظهور الفساد في الدين والدنيا، ومع هذا فهو مخالف لنصوص الكتاب والسنة وأصول الشريعة، وما تقتضيه العقول السليمة، وهذا مجرب معروف في تاريخ المسلمين فما جربت فرقة الخروج على الإمام وشق عصا الطاعة إلا وكان في خروجهم من الشر والمفاسد ما هو أكبر من جور الأئمة وفسقهم وظلمهم وواقعنا المعاصر خير الشاهد لما ترتب على الخروجد والانقلابات والثورات من آلام وجراح ووهن وضعف في الأمة الإسلامية.

وأضاف أن الحاكم الذي يجب طاعته هو من وقع الاجتماع عليه سواء كان إماماً واحداً لجميع المسلمين، أو إماماً وحاكماً لقطر من الأقطار ولهذا أن الأئمة مجمعون على أنه عند تعدد الأقطار فيكون لكل حاكم مسلم في القطر الذي يحكمه ما للإمام الأعظم وعليه ما على الإمام الأعظم، لافتا إلى أن الحاكم العام أو الإمام الأعظم يطلق من يحكم جميع المسلمين بكافة أقطارهم وهذا مفقود من القرن الثالث الهجري، والحاكم القطري هو الحاكم الذي بدلداً أو قطراً من الأقطار كحال الحاكم المعاصرين.

ومن جانبه قال الشيخ الدكتور أحمد الزهراني إن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها من يقارن بين الأمة الإسلامية وبين دول الغرب في نتائج الثورات والتمرد هو إغفال عنصر مهم في المعادلة، ألا وهو الدين، ففي الأمم الكافرة لا اعتبار لديهم إلا للحياة الدنيا، وعليها يقيمون الخسائر والمكاسب، أما في المنهج الإسلامي فهناك قيمة الدين ومكتسباته، فإن الفوضى وأجواء الثورات والفتن لا يمكن أن تكون بيئة مناسبة لقيام الدين والدعوة، فخسارة الأمة لدينها ومكتسباتها الدعوية في ظل ظروف الفوضى أمر مفروغ منه، والدين بالنسبة للدولة الإسلامية عمادها وإن بعدت في أحكامها عنه، ولهذا لا يجيز الإسلام منهج الخروج والتمرد على الحاكم الظالم ما دام على حكم الإسلام ولم يظهر الكفر البواح.

وأضاف إن الخلاف بين هذا النظم الوضعية وبين الشريعة الإسلامية واضح وضوح الفرق بين المصدرين، فالشريعة مصدرها من رب الناس وخالقهم العالم بما يصلحهم ويصلح لهم (ألا يعلم من خلق) خلاف سائر النظم والمناهج.

وأوصي ولاة الأمور وكل من ولاه الله شيئاً من أمر الأمة أن يتقي الله تعالى ويؤدي الأمانة بتحكيم شريعة الله تعالى، وأداء الحقوق للرعية ومراقبة نوابه ووكلائه في كل وزارة وإمارة.

كما أوصي نفسي وكل أفراد الرعية بالقيام بواجب الولاة من سمع وطاعة في المعروف واجتماع حولهم ونبذ أسباب الفرقة وعدم السماح لأهل الفوضى والتمرد باستغلال الأزمات السياسية أو الاقتصادية في إثارة النزاعات وبث العداوة والأحقاد بين الولاة والشعوب، بل نتقي الله ونصبر حتى يحكم الله.

ومن جانبه قال الدكتور لمات القاسم إن الإسلام دين ودولة وعقيدة وشريعة، ولا يقبل من المسلم أن يؤمن به ويطبقه في الأمور العقائدية والاجتماعية، ويكفر به ويرفضه في الأمور السياسية والتشريعة، ولهذا كان لزاماً أن تصان الشريعة وأحكامها، وتنفذ حدودها وقوانينها، وذلك ينصب إمام يحكم أمور الدولة، ويسوس شؤون الأمة، فينشر الأمن في البلاد، ويقيم العدل بين العباد، ويطبق شرع الله على أرضه، نيابة عن رسوله فيما جاء به، من إقامة الدنيا والدين، وتحقيق العدل والإنصاف بين المخلوقين.

وتابع: ولي الأمر هو من يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين وسياسة الدنيا به، ويطلق عليه أمير المؤمنين والخليفة والإمام، ويسمى منصبه بالخلافة والإمامة، فهي ألفاظ مترادفة بمعنى واحد ودلت ظواهر الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد بإجماعه من علماء الأمة، على وجوب إقامة ولي أمر للمسلمين، يحكمهم بشرع الله تعالى، في أمور دينهم ودنياهم، ولم يخالف في ذلك إلا أبو بكر الأصم ومن على شاكلته، ويتحمل ولي الأمر عبئاً كبيراً، ويتقلد منصباً خطيراً، لذلك لا بد من أن تتوفر فيه شروط معينة، بعضها خاص به، وبعضها عام في كل ولاية، منها شروط لا بد من توافرها، ولا يمكن أن تنعقد الإمامة دونها، ومنها ما يشترط في حالة الاختيار، ويسقط في حالة الاضطرار.

الآن - المحرر الثقافي

تعليقات

اكتب تعليقك