هل فككت السلطة المعارضة نهائيا؟

محليات وبرلمان

عام من الشتات السياسي حققت السلطة فيه مراكز مخزية بالفساد ومتقدمة باعتقال وملاحقة المغردين

1883 مشاهدات 0


  يخطيء من يظن ان المعارضة تستمد قوتها ووقودها من شخصيات معارضة شعبية تحشد ضد السلطة،فهذا تصور لا يخلو من السذاجة واحيانا الأحقاد التاريخية تجاه رموز سياسية معارضة.وربما انطلق التكتيك الحكومي إن جاز التعبير من تلك الأوهام نحو تفكيك المعارضة،تارة عبر محاولة التجريح بشرائح اجتماعية معينه وتارة أخرى عبر محاولة شرخ جدار المعارضة واختراق صفوفها بالزج بمن يستطيع إفشالها وتثبيط مشاريعها من الداخل.

هذا لا يعني بحال من الأحوال أن ممارسات المعارضة حصيفة أو ناجحه ولكن هناك حاجة لتشخيص أخطاء السلطة وأخطاء المعارضة بذات القسوة ما دام الهدف هو وضع رؤية للخروج من متوالية الفشل الذي جعل الكويت تحتل المركز الأخير خليجيا في النمو حسب البنك الدولي وتتراجع إلى مراكز متأخرة بحسب مؤشرات مدركات الفساد وتحقق رقماً جديداً يصعب كسره 104 عالمياً في جودة التعليم ،وتحتل المركز الاول عالميا حسب تويتر في قضايا الملاحقات بسبب تغريدة!
إذن نجاح السلطة الوحيد كما أسلفنا كان بتفكيك الحراك المعارض ولكن عبر حصان طروادة.
ولكنها فشلت على كافة الأصعدة الأخرى،ولان الرؤية -إن كان هناك ثمة رؤية-مازالت قائمة على سياسة التلميع دون التنظيف فقد كان الاتجاه نحو مضمار كسب العقول والقلوب وهي تجربة تقييمها فاشل بامتياز ولكن على صعيد المميزات مسلية جداً لصناعها بل وتبدو لهم وكأنها انجاز. فعلاوة على التشكيل الحكومي -يخزي العين-عمدت الى صناعة نجوم في مجال الإعلام والسياسة فتحت تلفزيونات وصحف وضخت أموال طائلة في مشاريع باهته ويائسة لاحتواء الشباب والمفارقة أنها حتى لم تستطيع الخروج من نفس الدائرة الضيقة من الأسماء التي صنعتها أصلا ووضعتها في الفترينه إياها ،كما ضخت أسماء في وسائل التواصل الاجتماعي هدفها إما 'التفتين' بين شرائح المعارضة أو إرهاب منتقدي الحكومة بحملات التشويه ،أو استغلال النعرات القبلية والتباينات الفكرية لإحباط أي تحرك،،
اللافت هو أن البريق الزائف والحفل الطويل العريض الذي خلق إعلاميا لم يشتت إلا الجهود الحكومية ذاتها،وأغرقها في أوهام أن هذا هو السبيل لتطويق المعارضة.ونسيت أنها لم تقدم شيء يذكر في الملف الإسكاني أو الصحي أو التعليمي أو المروري،أو على صعيد البنية التحتية،او ملف البدون ،بل أنها تمكنت من خلق توأمة لا نظير لها في العالم اجمع بين مفهومي التنمية والفساد.وعزلت الكفاءات الكويتية وأبعدتها عن مراكز صنع القرار.بل واتبعت نهجاً مؤسفاً في التعامل مع قضايا الرأي وأصبحت ملاحقة الشباب المغردين شغلها الشاغل !
كل تلك الفوضى العارمة والغليان الإعلامي والتضرر المباشر من الارتفاع الجنوني لأسعار السكن الخاص والايجارات وشح الوظائف وسوء الخدمات الصحية والسرقات التي لم تضع شخص واحد وراء القضبان في قضية فساد هي التي تغذي الحراك المعارض،ليس مسلم البراك أو أحمد السعدون ولا تنظيم ولا فكر إسلامي أو شيوعي...

عندما يكون هناك فشل سياسي حكومي فانه لا يقتصر على ملف دون آخر أو مستوى دون مستوى بل انه يشمل معالجتها لشتى الأزمات ومنظورها في التعامل مع المتغيرات كافة ، لذلك لم يكن مستغربا أن يمتد التخبط من المستوى المحلي إلى المستوى الدولي وأبرزها التعامل مع الأحداث في مصر،وربما كان يمكن ابتلاع الجفاء الكويتي مع الرئيس المصري المنتخب الأول في التاريخ محمد مرسي على اعتبار أن الارتباك كان حينها سيد الموقف والمناخ الإقليمي والدولي لم يكن قد تبلور بعد على صعيد التوازنات في المنطقة،لكن أن تضع الكويت كل ثقلها خلف إدارة الجنرال السيسي جعل الكويت تبدو وكأنها خارج الزمن وكأنها تتحدى خيار الشعب المصري من خلال صناديق الاقتراع،صحيح ان الرئيس المنتخب محمد مرسي افتقد شيء من الشرعية والرئيس السيسي اكتسب شيء من الشرعية رغم انقلابه،إلا ان تلك الضبابية ذاتها كانت أجدر بان تدفع حكومة الكويت لاتخاذ موقف أكثر حذرا وان تميز نفسها عن بقية دول الخليج بموقف أكثر حصافة ورقياً ايضاً يرتكز على دعم الإنسان المصري إنسانيا وعدم توجيه المساعدات بطريقة تهدف إلى تحديد خياراته أو توجيه إرادته .
أما في الملفات الخارجية الأخرى فلم يكن أداء الكويت افضل فما زالت أرقام عجز الموازنة تهل على رؤوس المواطنين في دقيقة وفي دقيقة أخرى تعلن ذات الحكومة التي صاحت وولولت وشقت جيبها بكاءا على العجز أنها قررت منح دول عربية أخرى في مهب ريح الغضب العربي ما يعادل موازنة وزارة الصحة او الاسكان بشخطة قلم دون أحم ولا عفوا ولا لامؤاخذه! وكأن الكويت مرتبطة بحبل مشيمي لتغذية الديكتاتوريات في المنطقة!
هل نتطرق لملفات أكثر سخونه ايران،البحرين، قطر ،أو دولة افتراضية أخرى في الخريطة العربية اسمها دولة الإخوان ستولد قريبا جداً ان لم تكن مولودة بالفعل؟ هل فكرنا ولو قليلاً كيف نرغب بأن نكون دولة لها مكانتها اقليمياً ورقماً صعباً في السياسة الدولية تتفاعل مع محيطها دون القفز على إرادة الشعوب الأخرى واحترام تطلعاتها الديمقراطية؟!

المعارضة:الحراك الارتباك
ليس من اللائق بمعارضة تطالب برئيس حكومة منتخب وتقدم نفسها على أنها تحمل مشروع وطني شامل ان تجعل نفسها رهينة التجاذبات القبلية والطائفية. فعلاوة على اثر ذلك المباشر في إضعاف المعارضة وتهميش المكونات الاجتماعية والدينية الأقل ثقلاً وتأثيراً فإنه يؤدي لفقدان الأرضية المشتركة بين القوى الشابه في الحراك وربما ليس من المعيب مادمنا في صدد النقد الموضوعي للمعارضة ان نستذكر الشرخ المؤسف بين أنصار القطب السياسي المخضرم مسلم البراك وأستاذ القانون الدكتور عبيد الوسمي. وهو ما حول الحراك لساحة للتجاذبات القبلية التي شرذمت المعارضة ووضعتها في موقف لا تحسد عليه أبداً.وهو أمر لا يطرح فقط خطورة النعرات القبلية والطائفية على الشأن السياسي ولكن أيضاً يعلق الجرس حول تبلور الشكل العربي المتخلف للزعامات السياسية في الكويت،والمراقب للساحة السياسية الكويتية يستطيع رصد عدد من الزعامات التي لها اتباع تدين لها بالولاء في ظل عدم توافر الإطار التنظيمي السياسي الذي يوفر آليات تتيح العمل بشفافية ووفق برامج وسياسات واضحة تخضع للمراقبة والتصويب.
إذن نحن أمام حالة من التطور السياسي بوجود كوادر شابة ذكية ومبدعه سئمت الممارسة السياسية العبثية والسقف المنخفض للتوقعات في مقابل جمود على صعيد الاطر التنظيمية التي تفعل جهود تلك الطاقات الشابة وتوجه طاقاتها وتبلور تحركاتها ،حتى اصبح الحراك المعارض عشوائياً مشتتاً رهينة للتجاذبات واحيانا التلاسن بين اتباع زعامات طائفية وقبلية.
من جهة أخرى، تعاني المعارضة من مشكلة وصاية الشيوخ والتجار الذين يستخدمونها ضمن أهداف تكتيكية تحقق مصالحهم ،والمؤسف أن أسماء كبيرة لها تاريخها الوطني باتت ألعوبة في ايدي هؤلاء،وشباب عقدنا عليهم الآمال باتوا أسرى تخويف النخب التجارية لهم من ثمة طابع قبلي للحراك،وبالمقابل حراك أسير لتوجهات نخب معارضة لا تمارس الشفافية في علاقاتها مع الشيوخ والتجار من اصحاب المشاريع الضيقة!
ولان الطاقات الشابة في الحراك ترفض التبعية لجهات مجهولة! ولأصحاب أجندات خاصة وضيقة أو 'للأخ الأكبر'،فلا سبيل لإصلاح المعارضة إلا عبر رفض كافة أشكال الوصاية عليها من أي قوى تعتقد أنها تملك أفضلية على بقية مكونات الشعب لامتيازات مالية أو طبقية او عرقية تمتعت بها ضمن معادلة باطلة وعقد اجتماعي لم يعد موجود اصلاً...
عندما نجحت المعارضة في الكويت تاريخياً كانت تلعب كفريق واحد متخلية عن عقدة الأنا، كل التباينات الفكرية وألوان الطيف الثقافي والاجتماعي لم تكن تشكل معضلة فالكل يلتف حول الهدف ويعطي التمريرة لغيره.وهي تقاليد لا يجدر بالمعارضة التخلي عنها ان كانت تريد لمشروعها النجاح،خصوصاً في غياب الأطر التنظيمية كما أسلفنا.

اليوم هناك في المعارضة انقسام حول الحكومة المنتخبة وحول تغيير الدستور والعديد من القضايا الاخرى.
بينما تستخدم الحكومة نهجاً جديداً في اشغال المعارضين انفسهم بالقضايا والمغردين بالسجون فهل حقق هذا النهج الحكومي استنزافاً للمعارضة؟ والى متى سينجح هذا الأسلوب ؟
المطلوب هو ان تكون هناك ثورة على الوصاية داخل المعارضة،التخلص من الإملاءات والتبعية والانحياز للشعب والشعب فقط.

كتبت سلوى السعيد:

تعليقات

اكتب تعليقك