تنمية البلد تبدأ بعدم انسجام المجلس والحكومة.. هذا ما يراه جعفر رجب

زاوية الكتاب

كتب 627 مشاهدات 0


الراي

تحت الحزام  /  سياسة فرقة التلفزيون

جعفر رجب

 

يبدو لي بأني لا أفهم بالسياسية، ولا السياسة تفهمني، فقد كنت طوال عمري أتصور بأن النائب مسؤوليته متابعة الحكومة ومراقبتها، و«يطلع عين» وزراءها، ويحاسبهم على الكلمة والحرف والفتحة والشدة، ويضع القوانين لتمشي الحكومة عليها باحترام وادب... ولكن يبدو ان البعض اخترع مهمة جديدة للنائب اسمها «الانسجام» مع الحكومة.
يوميا نسمع تصريحات النواب عن ضرورة التعاون والانسجام بين الحكومة والمجلس، حتى تسير سفينة التنمية والاصلاح، رغم يقيني ان اتفاق المجلس والحكومة والانسجام بينهما يعني فساداً شاملاً وكاملاً في كل مؤسسات الدولة، ويعني ان الحكومة توقع المعاملات للنواب، والنواب يصوتون ويصفقون للحكومة لانسجامها مع معاملاتهم، ويعني ان الحكومة تعين المتحالفين والمتخلفين من طبالي النواب في مناصب لا يستحقونها فيشكر النواب الحكومة على هذا الانسجام الرائع، ويعني ان النواب يرسلون اسماء من يريدون قبولهم في الجيش والشرطة والنفط والمالية والشؤون... إلى الوزراء، والوزراء كل بدوره ينفذ ما يطلبه النواب والنواب يشكرونها على انسجامها الجميل مع الحراك السياسي، ويعني ان الحكومة تقوم بعميلة «تدوير» للأموال العامة فيحصل عليها بعض النواب فينسجمون مع الحكومة والحكومة تنسجم معهم... ثم ينجبون بسبب (... ) فاسدين وفاسدات!
من الحماقة ان نطلب من المحقق ان ينسجم مع المتهم، والقاضي ينسجم مع المذنب ويبرئه، والشرطة تنسجم مع اللصوص وتتقاسم معهم السرقة، وديوان المحاسبة ينسجم مع المؤسسات والوزارات ويغمض عينه عن التجاوزات، ومن الحماقة ان ندعو جهة رقابية ان تنسجم مع من تراقبه بدعوى التنمية ومسيرة الديموقراطية والناس تعبت من «النجرة والهواش»، لان الناس لم تتعب من الهواش بل من «الحرمنة» ولصوص المناقصات.
من يريد ان ينسجم، ويحب الانسجام فعليه البحث عن نصفه الآخر، ويسافر الى شهر العسل في هاواي، او يؤسس فرقة باليه، او يعيد إحياء فرقة التلفزيون... أما إذا أردتم التنمية واللحاق بركب الدول، فعليكم بتحمل المسؤوليات وتطبيق القانون، ومراقبة الحكومة بقسوة... من الاخر، الحياة السياسية الحقيقية التي تساهم في تنمية البلد تبدأ بعدم الانسجام بين المجلس والحكومة... ان ليس من باب الرقابة، على الاقل شباك «لم نرهم وهم يسرقون بل رأيناهم وهم (غير منسجمين) في توزيع السرقة»!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك