رفض الأقنعة سيحول عالمنا المزيف إلى حقيقي.. برأي فاطمة الشايجي
زاوية الكتابكتب ديسمبر 20, 2013, 12:20 ص 802 مشاهدات 0
الشاهد
عالم مزيف
د. فاطمة الشايجي
نحن نعيش في عالم مزيف، عالم كثرت و تعددت فيه الأقنعة، فمنها القناع السياسي الذي يتخذ من الأخلاق الوطنية لباسا له، والقناع الفكري والثقافي الذي يطالب بنشر ثقافة مغرضة، وهناك القناع الاجتماعي والعاطفي الذي يظهر لك الطيبة، وأقواها القناع الديني الذي يحلل ويحرم ما يتوافق مع مصالحه ووجوده. وهناك الكثير والكثير لذا نحن نحتاج إلى اقتلاع هذه الأقنعة ولكن لماذا ؟ وكيف؟
إن أول الأسباب التي تجعلنا نهتم بمعرفة هذه الأقنعة هي أنها مدمرة للنفس البشرية، فهي تحد من نموه، وتطوره، وتجعله يعيش أزمات نفسية تؤثر على طريقة تفكيره، فيغلب علينا الطابع العاطفي على العقلي ويتولد لدينا فكر مشحون بالقهر، والانتقام.
وثاني هذه الأسباب التي تجعلنا نهتم بمعرفة هذه الأقنعة لنعرف كيفية التعامل معها و اقتلاعها من حياتنا بطرق عقلية سليمة.
أما كيف نعرف هذه الأقنعة فهو أمر سهل جداً.
فعندما تجد هناك من يطالب بالتغيير، ولكنه كالعملة صاحب وجهين،ففي حين أنه يطالب بالتغيير إلا أنه في قرارة نفسه يخاف على مركزه الاجتماعي والمهني من التغيير ويستغلك فقط لتثبيت نفسه، هذه النوعية ابتعد عنها، ولا تعطها الفرصة أن تكون أنت السُّلم الذي تتسلقه لتحصل على ما تريد، وإذا كان لابد من التعامل معها فالأسلوب الوحيد معها هو المقايضة لتكن هذه النوعية أول من يطبق التغيير.
وعندما تجد رجلا دين يفتي فقط بالمواقف التي تناسبه لا تأخذ بفتواه، فأنت محاسب أمام الله كما هو محاسب، وانتبه فهناك فئة منهم تختار الخوض في مسائل حياتية وعاطفية لاستقطاب عدد هائل من الناس ومن ثم يكشر عن أنيابه ويأمر بما يتماشى مع مصالحه، فاعلم أنك تابع ويفضل أن تكون متابعا له ولغيره لتختار من هو صاحب الدين الصحيح فلا تنشر له أمرا لا من باب السخرية ولا من باب الاستفسار فكلاهما يخدمانه في الانتشار.
عندما تجد رجلاً يطالب بتطبيق القانون على الجميع وتكتشف أنه لا يطبق القانون بحجة أنه يرفض الانتقائية في تطبيق القانون فلا تتخذه قدوة لك واعلم أن هذه النوعية من البشر تقصد الإساءة إلى المجتمع لحماية نفسها، ولا تقصد المساواة أمام القانون للجميع وإلا كان هو أول من يطبق القانون على نفسه ليثبت مصداقية مطالبه.
عندما يثيرك بعض الأشخاص في موضوع الكرامة ويصورون لك أنك تعيش في عالم مليء بالظلم وأن حقوقك قد سُلبت منك ، وأن »الساكت عن الحق شيطان أخرس«. توقف وانظر في أمرهم وتساءل هل هم بالفعل يعانون من هذه الأمور أم أنهم أشخاص يتبنون هذه الأمور، فما يحدث الآن أن بعض الأشخاص يخوضون في موضوعات لا يعانون منها ولكنهم مأجورون ويقصدون إثارة الفوضى، الأمر الذي قد يؤثر على صعوبة المطالبة بحقوقك مستقبلا.
عندما ينصحك بعض الأشخاص بالعمل في اتجاه معين وأنت تعلم أنهم لا يؤمنون بهذا الاتجاه، وقد يقنعونك من باب التجربة أنه يجب الخوض بهذا الاتجاه وأن الدنيا تجارب، توقف عن الحراك فهم يعلمون أنه اتجاه مغلق ونيتهم هي إرهاقك وتدمير قواك وتأكد جيدا بنفسك، ولا تكن تابعا لكلماتهم. فالاستياء والإحباط الذي أصاب الشباب أثناء الحراك السياسي أن بعضهم كان يتبع دون أن يحاور أو يناقش أو يفهم و هاهم الآن استوعبوا الدرس، ولكن لا يمنع من وجود قناع خفي سيظهر بالمستقبل ويحاول أن يشتت الانتباه إلى اتجاهات أخرى مغلقة.
عندما يقول المعلم أنه يربي أجيالا تحمل الراية من بعده وهو متمسك بهذه الراية ولا يسلمها إلا لمن يشاء، فلاتكن من يشاء بل بعلمك تستطيع أن تحمل الراية. وعندما يؤكد المتعلم الذي يصل لدرجة عالم أن العلم هو أساس التقدم وهو من يمنع سبل العلم عن العامة، ويضعها للخاصة خوفا من أن يستلم الراية شخص لا يتوافق معه بالمصالح ،أو أن يظهر من هو أعلم منه، في هذه الحالة لا تتوقف عن طلب الاستزادة بالعلم حيث توقف هو وتأكد أنك ستغلبه يوما ما بعلمك.
عندما يدعي المثقف أنه يساهم في بناء بلده وهو يجلس في برج عاجي لا يخالط العامة ولا يستفيدون من معلوماته ولا ثقافته ولا توجيهاته بحجة التفاوت الثقافي والعقلي بينه وبينهم، فشخص كهذا لا تلزمك ثقافته ومعلوماته فابدأ بالبحث وثقف نفسك بنفسك.
عندما يقول لك شخص إني أحبك في الله وهو يحب نفسه، ويحبك لمصلحته فبعد أن يستنفد كل قواك، ويظلمك لا تحزن واعتبر أنك اكتسبت خبرة عن طريق الحب لتعرف كيف تختار بعدها مع من تواصل الحياة، ومن يستحق أن تتبادل معه الحب في الله.
عندما يقوم بعض المسؤولين بوضع قوانين القصد منها تعجيز وليس تنمية ويقصد بها احتكار الخبرات لا تنهزم وتستسلم فالقانون يضعه الإنسان فيمكنك تغيير القانون وبأساليب شرعية وراقية وبهدوء عن طريق الحجة بالحجة.
عندما تجد كل هؤلاء وبالتأكيد هناك ما لم يتم ذكره فلا تستسلم وتلبس قناع لتزيدهم أقنعة، بل اجتهد وثابر وعش مثلك العليا ومارسها لتجعلها واقعا ملموسا ليمكنك من خلالها أن تتقدم، وعندما نصبح جميعنا نرفض الأقنعة سيتحول عالمنا المزيف إلى عالم حقيقي.. ولن يتحقق العالم الحقيقي إلا بالتعاون وخلاف ذلك مزيف.
تعليقات