رحيل الأسطورة أوزوبيو

رياضة

محطات بمسيرة صانع الحلم الكروي في البرتغال

1974 مشاهدات 0

أوزيبيو

توفي أسطورة كرة القدم البرتغالية أوزيبيو دا سيلفا فيريرا اليوم الأحد عن عمر 71 عاما، وذلك بحسب ما أعلن فريقه السابق بنفيكا.

ولطالما كان أوزيبيو حالة خاصة في كرة القدم البرتغالية وحتى أن وفاته اليوم الأحد بسبب سكتة قلبية لم تكن 'عادية' لان الأسطورة قرر الرحيل في نفس الشهر الذي ولد فيه قبل 71 عاما، وبالتحديد في 25 يناير 1942.

الشعب البرتغالي رأى فيه صانع احلى ايام الكرة في هذا البلد، ولانه اسمر ويملك كل صفات الجوهرة السوداء لقبوه بيليه اوروبا، لكن الموزامبيقي الاصل، اراد ان لا ينسى العالم اسمه واسلوبه الخاص وان لا يكون مجرد شبه لنجم كبير بل اراد ان يحفر اسم 'الفهد الاسود' في قاموس اللعبة الشعبية الاولى في العالم.

وكان أوزيبيو يملك تقريبا كل مواصفات بيليه، نفس البنية الجسدية (175 سنتم، 77 كلج)، نفس المرونة، نفس السرعة، ويتميز بتسديدات قوية لكنه برغم ذلك قال ذات يوم: لا احد يمكن ان يقارن ببيليه، اذا اردتم اسعادي نادوني أوزيبيو. ولد أوزيبيو في لورينسو ماركيس في زيمبابوي التي كانت انذاك مستعمرة برتغالية، عاش فقيرا وسط عائلة من تسعة اطفال. كان الطفل فيريرا مولعا بالكرة منذ الصغر، وكانت مواهبه ناضجة منذ البداية، غير ان المشكلة كانت تكمن في انه لا يستطيع الانضمام الى نادي ديبورتيفو الشهير والاعرق في المدينة لانه فقير جدا، فلجأ الى نادي لورنسو ماركيس وهو احد فروع سبورتينج لشبونة الكبير.

في هذه الاثناء كان لاعب بنفيكا والدولي السابق سيرافين باتيستا يقوم بمراقبة افضل المواهب في الموزامبيق فلفت انتباهه هذا الطفل، وابرق سريعا الى ناديه في البرتغال يطلب ضم هذه الجوهرة. عرض بنفيكا على أوزيبيو الحضور الى البرتغال للانضمام الى النادي، غير ان الشاب الفقير تردد في بادىء الامر، لكن امه وبسبب الفقر المدقع الذي تعيشه العائلة طلبت من ابنها قبول العرض الذي سينال بفضله 250000 اسكودوس بالاضافة الى 50 يحصل عليها عقب كل مباراة. رضخ الشاب الى رغبة امه، وقرر السفر الا انه اختار تغيير اسمه حتى لا يتنبه مسؤلوا ناديه سبورتينج، فغادر الى البرتغال باسم انتونيو فيريرا في 17 ديسمبر 1960. بقي أوزيبيو يعيش بصفة غير شرعية لمدة 5 اشهر، حاول خلالها بنفيكا بواسطة مبعوثين له الى نادي سبورتينج اقناع المسؤولين هناك بتسريح فيريرا دا سيلفا وهو ما حصل بعد جهد كبير.

وابتداء من 23 مايو 1961 انضم أوزيبيو رسميا الى بنفيكا، بعد ذلك باسبوع توج النادي البرتغالي بلقب كأس ابطال الاندية الاوروبية السادسة واضعا حدا لسيطرة ريال مدريد الاسباني العملاق بقيادة النجم الفريدو دي ستيفانو، وبالطبع لم يكن أوزيبيو في عداد الفريق البطل.

وجد أوزيبيو الرهان صعبا عليه خصوصا بعد ان اضحى بنفيكا بين ليلة وضحاها من اشهر الاندية الاوروبية بفضل انجازه، وزاد الامر صعوبة اضاعته لركلة جزاء في اول ظهور له مع الفريق بعد ايام من الحدث الاوروبي ضد فريق شيتوبال ضمن منافسات الكأس وساهمت بخروج بنفيكا. غير ان ذلك لم يؤثر على معنويات القادم الجديد الذي انفجرت مواهبه في يوليو من السنة ذاتها في دورة باريس الفرنسية المشهورة انذاك، حيث جمعت المباراة النهائية بنفيكا بسانتوس البرازيلي بقيادة بيليه.

لم يكن أوزيبيو اساسيا في هذه المباراة التي انتهى شوطها الاول بتقدم الفريق البرازيلي 5-0، ودخل احتياطيا في الشوط الثاني، حيث تمكن من تسجيل 3 اهداف فخطف الاضواء وابهر المتتبعين الذين رأوا بداية بزوغ نجم جديد في سماء كرة القدم. وفي الموسم 1961-1962 اثبت أوزيبيو علو كعبه، وكان نجم مباراة الدور ثمن النهائي من كأس اندية ابطال اوروبا ضد فيينا النمسوي حيث قاد فريقه للفوز 5-1، ثم في مباراة ربع النهائي امام نورمبورج حامل لقب الدوري الألماني الذي تلقى هزيمة نكراء 0-6.

في 2 مايو 1962، كان الموعد مع المباراة النهائية لكاس اندية ابطال اوروبا في امستردام الهولندية، وجمعت بنفيكا بريال مدريد الذي كان لاعبوه لم ينسوا بعد هزيمة المباراة النهائية في الموسم الماضي، الا ان أوزيبيو كان على الموعد وتمكن بفضل مهاراته العالية من تسجيل هدفين منح بهما اللقب الثاني على التوالي لبنفيكا وصار احد النجوم العالميين.

واضحى أوزيبيو، القوي البنية والسريع والمرن وصاحب التسديدات الصاروخية، معشوق الجمهور البرتغالي بفضل هذه المميزات التي مكنته من نيل لقب هداف الدوري البرتغالي، حيث تمكن من تحطيم الرقم القياسي في عدد الاهداف التي سجلها بـ43 هدفا عام 1968.

ونال أوزيبيو لقب الدوري البرتغالي مع بنفيكا 11 مرة، وكأس البرتغال 5 مرات. اما اهم 9 اهداف سجلها أوزيبيو في حياته، فهي بلا شك خلال نهائيات كاس العالم 1966 في إنجلترا حيث شاءت القرعة ان يكون المنتخب البرتغالي ضمن اصعب مجموعة في الدور الاول، غير ان أوزيبيو وزملاؤه تمكنوا من الفوز بمبارياتهم الثلاث امام المجر (3-1) ثم امام بلغاريا (3-0) وخاصة امام البرازيل (3-1) فسجلوا 9 اهداف منها 3 لأوزيبيو.

وفي الدور ربع النهائي واجه المنتخب البرتغالي نظيره الكوري الشمالي الذي اقصى المنتخب الإيطالي، وبعد 24 دقيقة من بداية المباراة فاجأ الكوريون الجميع وابهروا العالم بعروضهم حيث تقدموا بثلاثة اهداف نظيفة، غير أن أوزيبيو لم يستسلم لامر الكوريين واندفع نحو الهجوم كعادته وتمكن من قلب الموازين رأسا على عقب. فمن الدقيقة 28 حتى الدقيقة 60 سجل 4 اهداف وفازت البرتغال 5-3 وتاهلت الى الدور نصف النهائي. وفي هذا الدور واجه زملاء أوزيبيو المنتخب الإنجليزي صاحب الارض بقيادة النجم بوبي تشارلتون وفاز الانجليز بهدفين لتشارلتون مقابل هدف لأوزيبيو وتأهلوا الى المباراة النهائية حيث توجوا باللقب العالمي.

اما البرتغال فنالت المركز الثالث بعد فوزها على الاتحاد السوفييتي (2-1) وسجل أوزيبيو احد الهدفين وتوج بلقب افضل هداف في الدورة برصيد 9 اهداف، لكن ولسوء الحظ لم يستطع أوزيبيو مواصلة مشواره الكروي على المستوى الدولي بسبب الاصابات الخطيرة التي كان يتعرض لها في كل مرة، وابتداء من 1970 فضل اللعب في مركز متأخر ورغم ذلك بقي وفيا للمرمى وتمكن من تسجيل 40 هدفا في الدوري عام 1973. سنتان بعد ذلك، وفي سن الثالثة والثلاثين وبعد مشوار لامع مع بنفيكا، فضل أوزيبيو تغيير الاجواء وانتقل الى فريق تورونتو الكندي في دوري أمريكا الشمالية، قبل ان يعود الى بنفيكا ليعمل في مجلس ادارة النادي.

وعانى أوزيبيو كثيرا في الاعوام الاخيرة وأدخل الى المستشفى لمشاكل صحية مختلفة. ففي اوائل 2012 ادخل الى المستشفى ثلاث مرات في اكثر بقليل من شهرين، لعلاج ازمة ارتفاع ضغط الدم والتهاب في رئتيه والام شديدة في الرقبة. وفي يونيو 2012، ادخل الى مستشفى دا لوز في لشبونة بسبب جلطة دماغية ثم ادخل الى مستشفى في مدينة بوزنان البولندية بسبب ارتفاع في ضغط الدم.

وكان أوزيبيو متواجدا في بولندا كسفير للإتحاد البرتغالي لكرة القدم في كأس أوروبا التي احتضنتها بولندا واوكرانيا.

الآن - وكالات - أحمد الكندري

تعليقات

اكتب تعليقك