تحليل للأسواق الناشئة في آسيا

الاقتصاد الآن

تقرير: مؤشر مديري المشتريات يتوقع تحقيق الصين انخفاضاً في ناتجها المحلي

373 مشاهدات 0

تحليل للأسواق الناشئة في آسيا

ارتفع نمو الإقتصاد الصيني في الربع الثالث من العام الماضي، بحيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من معدل نمو بلغ 7.5% على أساس سنوي في الربع الثاني من 2013 إلى معدل نمو بلغ 7.8% على أساس سنوي في الربع الثالث، وهو أسرع معدل نمو تحققه الصين خلال العام الماضي. ومع ذلك، لم يكن لأي من قطاعي الاستهلاك أو التصدير النامي دوراً في دفع هذا النمو في الناتج،بحسب تقرير آسيا للاستثمار. بل جاء النمو أساسياً من الاستثمارات التي أصبحت الداعم الأساسي للنمو في الربعين الأخرين، بعد أن كان الاستهلاك هو الدافع الرئيسي منذ إعادة توازن الإاتصاد في عام 2011. ودفع الاستثمار في العقار والبنية التحتية هذا التعافي غير الصحي، الذي يزيد بدوره الطاقة الاستيعابية المفرطة في بعض الصناعات ويزيد أيضاً المخاطر المالية، الأمر الذي أصبح سبباً رئيسياً في أن يكون هذا التعافي على الأرجح مؤقتاً للصين.

وبحسب مؤشر مديري المشتريات الرسمي للصين، فإن الاقتصاد الصيني بدأ فعلاً يخسر زخمه. فمع أن قطاعي الصناعة والخدمات قد تحسنا خلال الفصل الثالث من العام الماضي وأيضاً في الشهر الأول من الفصل الأخير، إلا أن توسعهما قد تباطأ منذها، حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي من 51.4 نقطة في نوفمبر إلى 51 نقطة في ديسمبر، وتشير قراءة لمؤشر يتعدى حد الخمسين إلى وجود توسّع في حين قراءة أقل من ذلك تشير إلى الانكماش. وتوقع المحللون الاقتصاديون بأن يبلغ المؤشر 51.2 نقطة في ديسمبر، ولكن الانخفاض الأكبر في المؤشر جاء على مستوى جميع مكوناته، باستثناء في أسعار المدخلات الذي يشير إلى أن كلفة الإنتاج قد تصبح أكثر غلاءً على المدى القريب. وجاء الانخفاض في إجمالي الإنتاج والطلبيات (على المستويان المحلي والخارجي)، وأيضاً في توقعات الأعمال وفي آفاق التوظيف. والعديد من مكونات مؤشر مديري المشتريات بدأت حتى بالانكماش. وعامةً، يشير المستوى غير المشجع للمؤشر إلى أن حجم الإنتاج الصناعي سيحافظ على مستوى معتدل. ومع أن قطاع الخدمات قد نما بشكل سريع مقارنةً بالقطاع الصناعي، إلا أن إنخفاضه الأخير كان أكثر حدةً. وبذلك انخفض مؤشر مديري المشتريات الرسمي غير الصناعي من 56 نقطة إلى 54.6 نقطة في ديسمبر ليبيّن أن قطاع التجزئة سيشهد مزيداً من التباطؤ. ويكون عادةً مؤشر الخدمات أعلى من المؤشر الصناعي، ومع ذلك فإن مؤشر بنك 'اتش اس بي سي'، الذي يطلقه البنك تزامناً مع المؤشر الرسمي، أظهر أيضاً انخفاضاً حاداً من 52.5 نقطة إلى 50.9 نقطة ليؤكد كذلك على تباطؤ قطاع الخدمات. وبما أن مؤشر مديري المشتريات للربع الثالث من عام 2013 قد أكد بأن ارتفاعه يعني زيادة الناتج المحلي الإجمالي خلال الفصل ذاته، يلمّح مستوى مؤشر مديري المشتريات للربع الأخير من العام الماضي إلى تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي الصيني خلال هذا الفصل.

مؤشر مديري المشتريات يتألف من بيانات مبنية على استبيانات شهرية يجيب عنها مديرو مشتريات تنفيذيين في قطاعات مختلفة. ويتابع المؤشر التغييرات الشهرية لوجهات نظر المدراء بالنسبة لأوضاع العمل (هل أوضاع العمل أفضل، لم تتغير، أم أسوأ من الشهر الماضي) ويتم تعديل هذه النتائج على حسب التغيرات الموسمية. وتعني القراءة الأكبر من مستوى 50 أن أكثر من 50% من المدراء يرون أوضاع العمل تتحسن بشكل أفضل من الشهر الذي سبق، مما يشير إلى بيئة عمل متوسّعة. ويصدر أيضاً مكتب الإحصاء الوطني في الصين مؤشراً رسمياً لمديري المشتريات، بالإضافة لبنك 'اتش اس بي سي' (HSBC PMI) الذي يصدر مؤشر التوقعات قبل أسبوع من بداية الشهر، أي قبل أسبوع من ظهور النتائج النهائية لمؤشره، حيث يغطي مؤشر التوقعات بين 85% و90% من البيانات المتضمنة في المقياس النهائي. وغالباً ما يستخدم مؤشر مديري المشتريات الصناعي كمؤشر قائد للأداء الاقتصادي، حيث أن القطاع الصناعي الصيني يمثل نصف الاقتصاد تقريباً. ولكن بدأت تزداد مؤخراً أهمية مؤشر مديري المشتريات غير الصناعي مع تحول الاقتصاد الصيني إلى الاعتماد أكثر على الخدمات المحلية.

وضعت الهيئات الصينية هدفاً بتحقيق نمواً يبلغ 7.5% على أساس سنوي لناتجها المحلي الإجمالي، ما يعني أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للفصل الأخير من العام الماضي سيتوجب أن يكون أقل من 7% حتى ينخفص نمو الناتج للعام الماضي تحت المعدل المستهدف، وهو سيناريو غير وارد على الأرجح. ويعود الفضل لذلك إلى أن توجه الصين في النموٍ المدفوع من قبل قطاع الاستثمارات، الذي يعمل بدوره كحافز وعنصر يَسهُل مبادرته، ولكنه في الوقت ذاته يشمل مخاطر عالية للاقتصاد، كعدم الاستقرار المالي وتخلّف الحكومة عن التزاماتها المالية. وتشير البيئة الحالية في الصين إلى أن السياسة التي اتبعتها الدولة العام الماضي على الأرحج لن تعاد بالحجم ذاته هذا العام، ما يعني أن الحكومة مستعدة لتحقيق مستوى نمو أدنى للناتج المحلي الإجمالي مقابل تحقيق نمو مستدام. وفي نهاية العام الماضي، أعلنت الحكومة الصينية ذلك، واقترحت إصلاحات مثل تحرير معدل الفائدة وتنظيم قواعد الائتمان في المؤسسات التمويلية المحلية، التي من المتوقع البدء بتنفيذها، ولكن هذه العملية تمتد على المدى الطويل، لذا ستحصل التغييرات بشكل تدريجي. ومع كل هذه المعطيات، من المتوقع أن ينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين خلال العام الجاري، وفي المقابل، ستكون المخاطر أقل والنمو أكثر استقراراً على المدى الطويل.

الآن - المحرر الاقتصادي

تعليقات

اكتب تعليقك