لون مصري خاص للاحتفال بذكرى المولد النبوي
منوعاتيناير 13, 2014, 6:15 م 2035 مشاهدات 0
يعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أحد أهم الاحتفالات الدينية في مصر خاصة وأن مظاهره تكتسب لونا مميزا لا يضاهيه لون آخر في جميع عواصم العالم الاسلامي رغم انحصار تلك المظاهر في السنوات الاخيرة الى حد ما في الأحياء الشعبية والمساجد الكبيرة الموجودة فيها.
وعرف عن المصريين حبهم للاحتفالات الدينية واهتمامهم الشديد باقامتها لذا تراهم وعلى الرغم من الاحداث التي تعيشها بلادهم حاليا يحافظون على ممارسة طقوس الاحتفالات بالمولد النبوي منذ دخول الفاطميين الى مصر وحتى اليوم.
ولم تتغير مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي لاسيما في الريف والاحياء الشعبية والمدن الكبرى منذ اقيم اول احتفال في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله عام 973 هجري حيث تتزين الشوارع مع بداية شهر ربيع الاول وتقام السرادقات حول المساجد الكبيرة ومنها مسجد الامام الحسين والسيدة نفيسة والسيدة زينب وغيرها في الاحياء الشعبية وفي المناطق الريفية.
وتضم السرادقات سيركا بدائيا للالعاب البهلوانية لاضفاء جو من البهجة على زوار المولد من مختلف بقاع البلاد والباعة الجائلين وبائعي الحلوى والاطعمة فيما ينتشر المنشدون والمداحون المتخصصون في مدح الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم).
وتزدان واجهات المحلات المتخصصة في بيع الحلوى وغيرها المنتشرة في الشوارع والأزقة بأنواع كثيرة من الحلوى التي قد تتوافر طوال العام الا انها تنتشر بصورة كبيرة في هذا التوقيت من كل عام.
إلا أن هناك انواعا مختصة بتلك الفترة منها السمسمية والحمصية والجوزية والبسيمة والفولية والملبن المحشو بالمكسرات اضافة الى تلك التي تنفرد بها مصر وارتبطت بهذه المناسبة في ذاكرة الاطفال على مر العصور وهي (عروس المولد) للبنات و(حصان المولد) للاولاد.
ويذكر المؤرخون ان عروس المولد ظهرت خلال عهد الحاكم بأمر الله الذي كان يحب احدى زوجاته فأمر بخروجها معه يوم المولد النبوي فظهرت في الموكب بردائها الأبيض وعلى رأسها تاج الياسمين فقام صناع الحلوى برسم الأميرة في قالب حلوى فيما رسم الآخرون الحاكم بأمر الله وهو يمتطي حصانه وصنعوه من الحلوى.
ووصف الرحالة الانجليزي مارك جرش الذي عاصر احتفالات المولد النبوي في مصر عروس المولد بأنها عروس متألقة الألوان توضع في صفوف متراصة وترتدي ثيابا شفافة كأنها عروس حقيقية فيما تؤكد الشواهد التاريخية أن عروس المولد مصرية خالصة ويحاول بعض المؤرخين الربط بينها وبين تقليد (عروس النيل) في عهد المصريين القدماء.
وارتبطت حلاوة المولد بفلسفة خاصة عند المصريين الذين كانوا يتصدقون باعطاء الحلوى للمساكين في ذكرى المولد النبوي وكان الحكام الفاطميون يشجعون الشباب على عقد قرانهم يوم المولد النبوي ولذلك أبدع صناع الحلوى في تشكيل عرائس المولد وتغطيتها بأزياء تعكس روح ذلك العصر.
كما ارتبطت عروس المولد بالتزامات اجتماعية بمناسبة المولد النبوي حيث يقدم الخطيب لخطيبته ما يطلق عليه (الموسم) وهو عبارة عن عروس المولد التي غالبا ما تكون كبيرة الحجم ومزركشة بشكل يسر الخطيبة اضافة الى هدايا اخرى عينية او نقدية.
وتصنع عروس المولد من السكر على هيئة حلوى منفوخة وتجمل بالأصباغ وتوضع يداها على خصرها وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها ومن ثم تزخرف بزخارف رائعة وتنتشر الزهور على زي العروسة.
وتقوم صناعة عروس المولد على عدد من المراحل اولاها مرحلة عمل القوالب الخشبية التي تتم في ورش صغيرة ويتم صنعها حسب الاوزان التى يطلبها صاحب مصنع العرائس حيث تباع العروس حسب وزنها من السكر.
والمرحلة الثانية هي مرحلة ربط القوالب الخشبية مع بعضها بخيط من الكتان وغمرها بالماء حتى يتخلل جميع مسامها ولا يلتصق بها السكر المعقود ومن ثم مرحلة عقد السكر حيث يتم وضع مقدار معين من السكر مع مقدار معين من الماء في اناء نحاسي كبير على الموقد وتضاف الخميرة وقليل من ملح الليمون وتضرب جيدا حتى يصبح لون السكر ابيض.
وبعد ذلك تأتي مرحلة صب السكر المعقود في القوالب وتركه لمدة عشر دقائق حتى يتجمد السكر ومن ثم فك القالب لاخراج العروس وبعد ذلك يتم تزيينها من قبل متخصصين في هذا المجال وتلبيسها وتلوينها وتركيب المراوح والورود.
وتشهد السوق المصرية في السنوات الأخيرة غزوا لعرائس بلاستيكية تم صنعها في الصين لهذا الغرض ويتم تزيينها في مصانع مصرية وتوضع فيها لمبات ليتم استعمالها بعد ذلك ك(أباجورة) وتمتاز بعمر أطول ولا تنكسر ولا تجذب النمل مثل العروس المصنعة من السكر.
ويعزو عدد من تجار العرائس انخفاض المعروض من عروس المولد الأصلية المصنوعة من الحلوى الى الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليا وارتفاع اسعار المواد المستخدمة في صناعتها وزيادة الوعي الصحي لدى المواطنين بشأن تلك المواد والالوان فيها اضافة الى ازدياد المعروض من العروس البلاستيكية ذات السعر الارخص.
الا ان حلويات المولد النبوي سواء كانت مصنعة بالمكسرات او على شكل عروس وحصان تبقى السلعة والهدية الأهم التي يحرص جميع المصريين سواء كانوا اغنياء او فقراء مسلمين او مسيحيين على شرائها واهدائها في هذا اليوم مهما زادت اسعارها حتى يسعد الجميع بالمولد النبوي الشريف الذي يعد اهم المناسبات الدينية على الاطلاق في مصر.
تعليقات