الجودة والمنافسة بقلم عبدالله الفرج

الاقتصاد الآن

3004 مشاهدات 0

صورة تعبيرية

عبرت في مقال سابق عن خشيتي من أن يصبح مجلس المنافسة مثل جمعية حماية المستهلك كيان بلا حول ولا قوة. ولكن نشاط المجلس خلال الفترة الماضية يشير، والحمد لله، إلى أن تلك المخاوف ربما كانت في غير محلها. فالدعم الحكومي الذي حصل ولا يزال يحصل عليه المجلس كفيل بإعطائه الصلاحيات والسلطات التي يحتاجها لمحاربة التوجهات الاحتكارية لدى المشاركين في العملية الاقتصادية. وضمن هذا الدعم يندرج قرار مجلس الوزراء بتعديل المادتين 12 و15 من نظام المنافسة. فهذه التعديلات تقضي بتشديد العقوبات على المخالفين للنظام.

ففي مقال 'القانون والاقتصاد' أشرت إلى أن غياب التشريعات الكافية للحد من التوجهات الاحتكارية سوف تضع مجلس المنافسة أمام تحديات كبيرة. فنحن نعرف أن الاصطدام بمصالح الجهات الاقتصادية المتنفذة أمر ليس سهلاً في أي بلد من البلدان. ولكن مثلما لاحظنا فإن المجلس قد أبدى موقفا قويا من صفقة شراء شركة الجميح للمرطبات لوكالة بيبسي التابعة لشركة القصيبي. فكلا هاتان الشركتان تعتبران من الشركات الرائدة والقوية. ولذلك فإن موقف المجلس من اتفاقهما إشارة واضحة إلى أن المجلس الذي يرأسه وزير التجارة سوف لن يحابي أحد على حساب القانون والأنظمة المتبعة. وهذا أمر يبعث على الأمل إلى أن الإصلاح الاقتصادي يشق طريقه إلى الأمام.

وأنا أعتقد أن الاحتكار الذي يقيد المنافسة أمر مضر ليس فقط للمستهلكين وحدهم وإنما لأصحاب الأعمال أيضاً. فلو أن الاحتكار كان مفيد من الناحية الاقتصادية لما حاربه بلد الاحتكارات رقم واحد ألا وهو أمريكا. فنحن نعرف أن الولايات المتحدة قد سنت في نهاية القرن التاسع عشر قوانين مضادة للاحتكار. وهذا الأجراء الأمريكي مردة ليس معاداة لهذا النوع من الملكية والإدارة وإنما الخشية أن يؤدي تركز الأصول لدى الشركات لبلوغ مستوى يعوق معه المنافسة وبالتالي يؤدي إلى ضعف الجدوى الاقتصادية.

ولهذا فإن الخطوات الأولى لمجلس المنافسة تبعث على الأمل والارتياح. فنحن نعاني من ضعف المنافسة التي تؤدي إلى سوء المعاملة وتدني المواصفات التي نحصل عليها أثناء شرائنا للعديد من السلع والخدمات. خصوصاً عندما تكون بيئة السوق وأدواتها قائمة على اساس الوسائط المتقدمة مثل الهاتف والبريد الالكتروني. فهذه الوسائل الحديثة بقدر ما تجلب الراحة وتوفر الجهد والوقت إلا انها لا توثق العلاقة بين البائع والمشتري بصورة محكمة. فالسلاح المفيد للحد من سوء المعاملة في هذه المجالات وغيرها هو المنافسة التي تضطر الشركات لركض وراء المستهلك وليس العكس.

بالفعل فنحن في أمس الحاجة للنشاط الذي يضطلع به مجلس المنافسة من ناحيتين على الأقل. الناحية الأولى ضمان حصولنا على سلع وخدمات ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية. أما الناحية الثانية فهي الحيلولة دون فقدان شركاتنا لروح المبادرة. فتركز الأصول لدي الشركات عندما يصل إلى درجة تمكنها من السيطرة على السوق بمفردها من شأنه أن يؤدي إلى أضعاف القدرة التنافسية لديها على المدى البعيد. فالجودة والمنافسة صنوان لا يفترقان.

الآن - العربية

تعليقات

اكتب تعليقك