التنمية في مواصفات الجودة! بقلم عبدالعزيز التركي
الاقتصاد الآنفبراير 18, 2014, 9:35 ص 2743 مشاهدات 0
التطبيق المستمر لمعايير الجودة والإدارة الرشيدة والحوكمة سيخفِّض من التكلفة والخسائر والمخاطر.
هناك علاقة وثيقة بين التنمية وإدارة الجودة، فكلتاهما تلتقيان في الأهداف، وأيضاً تعتمدان على تقييم الأداء المؤسسي وفق مقايسات موحدة ومؤشرات محددة. فالتنمية تلتقي أهدافها مع الجودة في إرضاء العملاء من خلال تلبية احتياجاتهم من سلع وخدمات بأقل تكلفة وبأعلى المواصفات، من دون هدر في الموارد وبالتوازن مع أهداف المؤسسة. وهناك أمثلة كثيرة في تاريخنا المعاصر أظهرت العلاقة بين التنمية والجودة على مستوى الشركات والدول. فاليابان استعانت في فترة الخمسينات والستينات بكبار علماء الجودة الأميركيين أمثال ديمنج وجوران، وقدمت لهما التسهيلات المطلوبة لوضع أسس تطبيقات الجودة على المنتجات اليابانية بهدف الارتقاء بجودتها وجعلها الأقرب إلى المستهلك. وخلال فترة قصيرة اكتسحت المنتجات اليابانية الأسواق العالمية، بما فيها الأميركية، بعد تطبيقها للمواصفات القياسية الخاصة بضمان الجودة وضبطها بجانب ادارة الجودة الشاملة، حتى أضحت تجربتها المثالية في تحسين جودة بيئة العمل تستخدم كحالات دراسية في مناهج أعرق الجامعات العالمية. وقد قاد هذا التحول الكبير نمو الاقتصاد الياباني ليصبح ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، قبل تبوؤ الصين لهذا المركز أخيرا بعد الأزمة العالمية وكارثة فوكوشيما، وأزمة الديون السيادية الأوروبية والأميركية، وانخفاض التصنيفات الائتمانية. فمعايير الجودة لعبت دوراً رئيسياً في عصر التطور الصناعي والثورة المعلوماتية واقتصاد المعرفة وتنوع المنتجات واتساع رقعة الأسواق والعولمة من خلال وضع مواصفات عالمية موحدة، تلتزم بها المؤسسات والحكومات لضمان جودة منتجاتها وخدماتها التي تقدمها للمستهلك حول العالم، وقد أدى هذا التحول الكبير إلى تنمية اقتصادية شاملة في الدول التي طبقت مواصفات الجودة. وهذه دلالة واضحة على أن التطبيق المستمر لمعايير الجودة والادارة الرشيدة والحوكمة سيخفض من التكلفة والخسائر والمخاطر بشكل فعال، وسيحقق التنمية المستدامة. لذا علينا أن نبدأ بتطبيق مواصفات الجودة في جميع القطاعات، وتقييم أدائها وفق مقايسات موحدة على مستوى الدولة، وهذه الخطوة تتطلب إنشاء هيئة مستقلة للمواصفات والجودة تقوم بتوحيد المواصفات القياسية الفنية للمنتجات والخدمات، وتشكل حلقة وصل بين الكويت والهيئة الدولية للمواصفات القياسية العالمية (أيزو) التي تشرف على تحقيق المتطلبات الأساسية لنظم الجودة، التي هي بحد ذاتها أنظمة تقييم عالمية، تستخدم لتصنيف معايير الإجراءات في المؤسسات التي يتطلب أداؤها خدمة مهنية وجودة ذات نوعية عالية. فعلى الحكومة ان تطبق معايير الجودة في آلية تشكيلها وفي خططها وبرامجها المستقبلية لتحسين أدائها، وعلى مجلس الامة أن يقر قانون إنشاء الهيئة العامة للمواصفات والجودة، حتى تتمكن الهيئة المستقلة من تقييم الاداء الحكومي وقياس مدى التزام أجهزة الدولة بمواصفات الجودة ومتطلبات خطة التنمية.
تعليقات