المُواطَنَة 'الديلوكس' لا وجود لها في عالمنا المعاصر.. هكذا يعتقد الجنفاوي

السياسة

حوارات  /  التحرر من التقوقع الطبقي

د. خالد عايد الجنفاوي

 

كما يوجد تقوقع طائفي وقبلي ثمة أيضاً تقوقع طبقي, فعندما ينظر أحدهم إلى بعض مواطنيه من خلال عدسات و”فلاتر” طبقية, وفئوية استعلائية, فهو يمارس إقصاءً مشابهاً للطائفية والقبلية السلبية, بل إن أشد أنواع التقوقعات وضيق الافق تتمثل في تلك النظرة الطبقية الدونية والمُنفرة التي يعتنقها البعض تجاه من ينتمون الى طبقة اجتماعية أقل مالاً وجاهاً. عالمنا المعاصر ديمقراطي يتساوى فيه جميع أعضاء المجتمع في الحقوق والواجبات والمسؤوليات الوطنية, فلا فرق بين غني وميسور الحال وفقير في المجتمع الديمقراطي والمدني المعاصر, وعندما يتعلق الأمر بحقوق ومميزات المواطنة فالكلمة السواء هي المساواة في المواطنة, وإذا كانت المواطنة الحقة هي المعيار الاصيل في الحياة اليومية, فلا تفاضل بين أعضاء المجتمع سوى في طريقة إيفائهم متطلبات المواطنة الصالحة. الانسان السوي لا يمنعه من التواصل مع مواطنيه اختلافهم الطبقي, فجميع الكويتيين متساوون في الحقوق وفي الواجبات ونتحمل جميعنا المسؤوليات نفسها للمواطنة, لا يوجد في عالمنا المعاصر الديمقراطي المتمدن مواطنة “ديلوكس”, وعلى من يعتقد أنه يتمتع بحقوق مواطنة أكثر من الاخرين, أن يثبت ذلك بالأدلة والبراهين وعلى الملأ أو عليه أن يصمت! قيمتي كإنسان وكمواطن تقاس بقدر ما أقدمه لوطني, فإذا اوفيت كفرد بمسؤولياتي وواجباتي الوطنية تجاه مجتمعي وتجاه وطني, فلا يحق لأحدهم أن يستعلي عليَّ طبقياً, أو يحاول حرماني من ربط آمالي وتطلعاتي المشروعة في تحقيق النجاح الاجتماعي. الاستعلاء والتقوقع الطبقي السلبي يحدث فقط في البيئات الضيقة الافق, أما في عالمنا الحالي, لا أعتقد أن بيل غيتس ذلك العبقري, الثري الاميركي المعروف يتخيل في أكثر أحلامه حيوية أنه يمتلك مميزات مواطنة مختلفة عما يتمتع به أي مواطن أميركي آخر. ليخفف البعض من نبرة استعلائه الطبقي ويتمعن جيداً في ما تعنيه كلمات يكتبها من دون تفكير في مضامينها الحقيقية, فلا فضل لأحد المواطنين على الآخرين في المواطنة الحقة, فجميعنا كويتيون ومتساويون في الحقوق والواجبات والمسؤوليات الوطنية. النخبوية تشير إلى أي سلوك طبقي أناني حين يعزل أعضاء مجموعة طبقية, أو فكرية, أنفسهم عن بقية الشعب. نصيحتي الشخصية لبعض من يشعرون بتضخم نخبويتهم أن يخرجوا من قواقعهم الطبقية المفبركة, فالإنسان السوي حر بفطرته يخرج من التقوقع الطبقي السلبي, ولذلك فلن يمنعه من التقرب من مواطنيه الآخرين أي معضلات أو عراقيل نفسية مصطنعة