لماذا لا تنظر البشرية إلى 'الإخوان' نظرة تقدير وتضامن؟!.. خليل حيدر متسائلاً
زاوية الكتابكتب مارس 30, 2014, 12:09 ص 748 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / لماذا لا يحبون الإخوان المسلمين؟!
خليل علي حيدر
ان كانت الحركة الجماهيرية الكبرى في 30 يونيو 2013 بمصر انقلابا عسكريا ضد الاخوان المسلمين، فعلى الاخوان وعلينا ان نفكر مليا لماذا لم يتعاطف الكثيرون خارج مصر الا في حدود بسيطة، مع النظام الذي اطيح به، والقيادة التي اودعت السجون ولم تحتج دول العالم على المسار الذي قام العسكريون المصريون بقيادة الفريق عبدالفتاح السيسي بتغييره؟ لماذا لا تنظر البشرية فعلا الى حركة الاخوان المسلمين نظرة تقدير وتضامن، ولا تقف القوى السياسية والمنظمات الانسانية بقوة في صفها مطالبة بما تعتبره حركة الاخوان «استعادة الشرعية»؟
ثمة على الاقل خمسة اسباب لهذه اللامبالاة الدولية ازاء الاخوان المسلمين وهي:
-1 عدم اكتراث الاخوان عبر تاريخهم في كل العالم العربي بغير الاسلام والمسلمين في كل كلمة وتصريح ومقال وكتاب وتبرع وتعاطف.. الخ.
بالطبع، «الاسلام السياسي المؤدلج» الذي يفهمونه ويريدونه، والمسلمون الذين يفسحون المجال لاحزابهم ومنظماتهم ولجانهم وغير ذلك. ولم يترددوا عبر تاريخهم من تقبل بعض الافكار البالغة التشدد كالقول بجاهلية المجتمع وثقافته، والترويج لسياسات انطوائية فجرت الخلافات في كل مكان ثم ارتدت على الجماعة نفسها.
-2 لم ير العالم اية ملامح انسانية حضارية عصرية تبشر بها هذه الجماعة أو تقودها هذه الحركة على مدى تاريخها الممتد نحو 80 أو 90 عاما، لا في مصر ولا في سورية ولا في البلدان الخليجية ولا في باكستان ولا في أي مكان.
وعلى الرغم من ملايين الدولارات التي في يد الحركة وكثرة الاثرياء في وسطها لم تقم بتأسيس اية مؤسسة انسانية دولية تجمع مثلا اهل الاديان المختلفة أو تنشر الفكر المتسامح في مختلف الحضارات أو ترعى المحتاجين من غير المسلمين.
على العكس تماما، اعتبرت حركة الاخوان الاهتمام بـ«الثقافة الانسانية» وحتى الترويج للمصطلح، مؤامرة يهودية، وخدمة للماسونية وتطبيقا لبروتوكولات حكماء صهيون.
ولهذا، كرست جماعة الاخوان عبر مثقفيها من امثال سيد قطب ومحمد قطب ومحمد البهي وانور الجندي وغيرهم «لفضح» هذا المخطط الصهيوني الماكر وافشاله. ولم تر في الكثير من مظاهر تحديث الثقافة وتداخل الحضارات سوى سيوف الشر التي تهدد رقاب المسلمين وخناجر الغدر التي تهدد مستقبلهم الثقافي.
-3 تحدثت بعض جماعات الاخوان عن «الاسلام الحضاري» ولكنها لم تفعل شيئا يذكر. فالواقع ان فكر الاخوان معاد اشد العداء لفكر رموز الحضارة والثقافة والفكر والفلسفة والادب في تاريخ الاسلام وتاريخ العالم. فأمثال الرازي وابن رشد وابن سينا والفارابي وكذلك حشد كبير من الادباء والشعراء لا يجدون ترحيبا في صفوف الجماعة، بل كان الاخوان وغيرهم من الاسلاميين ينظرون بارتياب شديد الى معظم المبدعين المسلمين باعتبارهم من «المناطقة» و«الزنادقة» و«الباطنيين» ومن ابناء الملل الضالة المندسة في صفوف المسلمين. وحاولت ولا تزال تسويق فكر اسلامي بدائي ضحل، و«ادب اسلامي ملتزم» هزيل، لم يجد حتى الآن قبولا من احد، ولم تجمع على قيمته الابداعية اية رموز ادبية ذات مصداقية.
كيف تفهم جماعة الاخوان «الاسلام الحضاري»؟ وما علاقة الاخوان في اوروبا وامريكا والعالم العربي بالثقافة والفنون الحديثة؟ وماذا طوروا من ثقافة وفنون الاسلام طوال هذه الفترة؟ وبأي المؤسسات الراقية الرفيعة اقاموا العلاقات؟ وفي فكر من كتبوا؟ ولمن ترجموا؟
-4 وقفت حركة الاخوان المسلمين دائما ضد حرية العقيدة وحرية الفكر وحرية المرأة وحرية الاقليات حتى في العبادة. وتسلطت على المسيحيين اينما وجدوا ولم تخجل حتى من المطالبة بهدم كنائسهم واقفال معابدهم ووضع القيود السياسية والتوظيفية عليهم بل وحرمانهم حتى من حق التجنيس كلما تيسر ذلك.
واستغلت القضية الفلسطينية خاصة وما في التاريخ الاسلامي من مواقف ازاء اليهود لأن تزرع غابات من الكراهية تجاوزت العدوانية الصهيونية الى الثقافة اليهودية وكل من يثبت اصله اليهودي من المفكرين والمسؤولين والاعلاميين والاثرياء والفقراء.
ولم تقف جماعة الاخوان واجهزتها الاعلامية واقلامها مع أي توجه فكري عصري أو جماعة مظلومة من غير المسلمين، بل واثارت في بعض البلدان العربية وبعض الكتب والمقالات والاشرطة الخلافات المذهبية والطائفية التي تملأ المكتبات الاسلامية اليوم.
-5 لم تكن للاخوان اهتمامات حية منظمة بالهيئات الدولية والاحزاب العلمانية والتيارات الحديثة، ولم تبن أي مساحة علنية مشتركة مع البشرية المعاصرة في الشرق والغرب. وبقيت على الدوام حركة دينية منغلقة ذاتية انانية منشغلة بمصالحها الحزبية ومنتفخة من الداخل بأفكارها واهدافها الضيقة.
والآن، على الاخوان المصريين والكويتيين وغيرهم ان يتساءلوا ما الذي عزلهم هذه العزلة؟ ومن حبسهم في هذا المحبس؟ وكيف يبنون بعد خروجهم تيارا انسانيا جديدا!
تعليقات