شياطين الإنس تظهر بموعدها في شهر رمضان
منوعاتتشوه صورة المجتمع الخليجي وتسلط الضوء على القضايا الغريبة
أغسطس 21, 2008, منتصف الليل 984 مشاهدات 0
لعلنا وصلنا مرحلة نكاد نصرخ فيها من شدة اعتراضنا على ما يعرض على التلفاز، وخاصة من المسلسلات التي يعتقد من يشاهدها أنها حقيقة تصور حال المجتمعات الخليجية, بسبب القضايا التي تعرضها وكأننا فعلا نعاني بكثرة من هذه المشكلات المحدودة، وهي بعيدة كل البعد من أن تمس أهم قضايانا التي يجب أن تطرح فيها، ولكنها اتجهت إلى القشور, كما أنها لم تهتم بوضع حلول مناسبة للمشاكل التي تعرضها، وكأن الغرض الرئيسي هو شد الإنتباه بكل السبل حتى وإن كانت بالمبالغة.
والهدف الآخر المهم من وراء هذه المسلسلات هو التكسب المادي بطرح القضايا الغريبة, والتركيز على المشكلة دون وضع الحلول أو النتائج التي يبحث عنها الفرد، فأهم ما يلفت انتباهنا هي إنتشار المخدرات والجنس و الشذوذ وعقوق الوالدين والفساد المالي والسرقات و الجرائم المتعددة التي توضح لنا من خلالها أن مجتمعنا طفح منها, وأصبح الجميع على وشك التصديق أننا فعلا نعيش بهذا المجتمع الذي كنا نظن أنه آمن فعلا, ولكننا صدمنا بما نراه من حولنا وأجبرنا على تصديق ما يحدث، رغم علمنا أننا من أكثر البيئات المحافظة من بين الدول الأخرى حتى العربية منها.
فلماذا وصلنا إلى هذه المرحلة التي ترغب بتشويه سمعة المجتمع الخليجي وبكل السبل، والضحية بالتأكيد هم المشاهدين من المراهقين والأطفال, الذين بتنا نخاف عليهم من رؤيتهم للمسلسلات التي تعرض، خوفا عليهم من تصديق ما بها وإعطاء صورة عامة على الجميع من خلالها, ولقد كنا نأخذ الحيطة عندما تعرض الأفلام الأجنبية ونعتقد أنها أكثر خطورة على أبنائنا، أما الآن أصبح ما نشاهده على قنواتنا الخليجية هي الأشد تأثيرا مما كنا نخافه سابقا.
لا نقول أن مجتمعاتنا متكاملة ولا توجد بها هذه النوعية من السلوكيات السلبية، أو القضايا التي يعد بعضها غريبا علينا، إلا أنها ليست هي السمة الغالبة أو أنها أصبحت منتشرة بكثرة بحيث نطلق عليها ظاهرة ليس لها علاج, وأنها نالت من العديد من الناس , ولكنها حوادث قليلة لفتت الانتباه إليها ورغبوا بنشرها عن طريق هذه المسلسلات التي أجادت خداع الناس بها وركزوا عليها تركيزا عميقا و قاموا بعلاجها بطريقتهم الخاصة، التي لا نشاهد بها أي عرض ناجح لوضع العلاج المناسب لقضاياها ومشاكلها, كذلك لاحظنا التركيز المطول على المشكلة، وإعطاء صورة سلبية أننا مجتمعات منحلة انغرست بها العديد من المساوئ، وأننا أسر مفككة وحتى أسوء الأسر التي تعرضت للمشاكل والمصائب بحياتها الحقيقية لم تتعرض لما هو موجود بمثل هذه المسلسلات التي تعرض بهذا الشهر الفضيل .
كما أن الفتيات الذين يظهرون بهذه المسلسلات قد تم زيادة الاهتمام بعرض الأزياء الذي يستعرضن به, وزيادة كمية المكياج المبالغ به يعطي إيحاء أن جميع فتياتنا يظهر بهذه الصورة الخاطئة, وأن ليس هناك رقيب عليهن والحرية في الكويت وصلت إلى أعلى درجاتها، لدرجة جعلت الفتاة المراهقة تسير حرة غير مقيدة، ويحق لها التصرف الذي ترغب به حتى وإن كان خاطئا، وفعل ما تشاء دون اهتمام لوجود الأهل .
ونأتي أيضا للشباب الذي وضع بعدة صور كثيرة، وهي المدمن والقاتل والعاق والعاشق الولهان والمغتصب والسارق، وغيرها من السمات التي امتاز بها الشاب الكويتي الذي يطمح كل شاب في بداية عمره أن يرى ممثله المفضل يؤدي دورا كهذا، ليطبع بمخيلته نفس الدور فربما يأتي يوم يؤديه حقيقة, فمخيلة المؤلف غير مقيدة وله الحق بوضع ما يريده , فالهدف الرئيسي هو جذب انتباه المشاهد بكل وسيلة ممكنة حتى وإن كانت كذبا ومبالغة، فالأهم المردود المادي في النهاية، وأين هي المشاهد التي ترسم لنا البطولة الحقيقية للشباب والفتيات , ولماذا لا يمكن أن يجسد المؤلف أدوارا قيمة يستفيد منها الإنسان ويحلم بها بأرض الواقع, لماذا خلت المشاهد التلفزيونية من أدوار تعطي الأبناء المثل الأعلى و القيم الرائعة التي لابد أن تكثر بمجتمعاتنا، وتكون وسيلة إعلامية تنشر بطريقة ذكية من خلال الأفكار الجميلة الخالية من تلك المشاهد الغريبة .
معظم المنتجين للأسف يبحثون عن نص ينشر الرذيلة والجريمة أما الفضيلة والقيم فلا مكان لها لديهم، لقد اختفت المسلسلات الجميلة التي كانت تعرض في الماضي وتسلط الأم بصورة فكاهية مثل مسلسل 'خالتي قماشه' وأخرى توضع التجاذب بين الزوجتين كمسلسل 'خرج ولم يعد' ومن منا لا يزال حتى وقتنا هذا لا يستمتع برؤية مسلسل 'درب الزلق' التي خلت حلقاته عما يسوء لأخلاقيات الناس لا يمكن مقارنتها بما يعرض حاليا، وللأسف البحث عن الجودة والإبداع هي آخر آمال من يرغب بمسلسل هادف وناجح كالذي كان يعرض سابقا و ملء الجيب هو الأهم بزمننا هذا دون مراعاة للآثار المترتبة على ذلك، ففي الوقت الحاضر يتم تجهيز المسلسل بفترة زمنية قصيرة بغية تخفيض التكاليف، وما يثير الإستغراب أن المسلسل يعرض في رمضان ولاتزال حلقاته الأخيرة تصور، فكيف يتم إجازة النص من قبل وزارة الإعلام المعنية بالأمر دون مشاهدة كافة الحلقات؟
الأغلبية لاترغب بإزدحام الشاشة بالمسلسلات خلال الشهر الفضيل، خوفا من إنشغال الأبناء عن تأدية واجباتهم الدينية في الشهر المبارك، ولكن بما أن الأمر أصبح عادة من الصعب تغييرها، في ظل وجود حكومة لاتحسم القضايا الكبيرة فكيف لهذه القضية التي تراها هامشية، نرجو من وزارة الإعلام مراجعة البرامج والمسلسلات على تلفزيون الكويت أو القنوات الكويتية الخاصة، والتي تخضع لمراقبة وزارة الإعلام، أن تتأنى بمراجعة حلقات المسلسلات قبل إعتمادها، فلا نريد أن تتكرر مثل الأخطاء الماضية، وخصوصا في المسلسلات الدينية، مثلما تم إجازة حلقة لمسلسل خالد بن الوليد يظهر خلالها وهو يتناول الطعام ويشرب الماء في شماله!!!
تعليقات