سالم السبيعي لوزير الداخلية: يا ليتني كنت وافداً!

زاوية الكتاب

كتب 1315 مشاهدات 0


الأنباء

لمن يهمه الأمر  /  يا ليتني وافد.. يا وزير الداخلية

سالم السبيعي

 

قالها من حر ما في قلبه.. «أبو فهد» مواطن في السبعينيات من عمره، تقرأ تاريخ الكويت من تجاعيد وجهه، جاءني والشرر الأحمر في عينيه، وأمطرني بكلام لا استطيع كتابته، لكني أصغيت له دون مقاطعة لأن ما اسمعه يتكرر يوميا من كل المواطنين بمختلف مستوياتهم، بل اصبح معروفا كالنشيد الوطني لكن الشيء المختلف هو «فتيل الاشتعال» فلكل مواطن «فتيل اشتعال» يشتعل به، يبدأ منذ خروجه من بيته حتى عودته يكون متفحما خامدا، يقول: جعلوا صلتي بوطني الكويت مجرد اسم أو هوية أحملها، دخلنا انا وأحد الوافدين الى ادارة الجوازات والهجرة الكويتية ووقفنا أمام موظف الكويت بدأ بسؤالي ربما لأني كويتي أو أكبر سنا،

قال: «آمر».. شعرت بالفخر والتقدير كيف لا وأنا في بيتي الكبير ومسقط رأسي ورؤوس أجدادي.. وربما حقي.. تقديرا لولائي لوطني الذي أفديه بروحي ومالي وأبنائي (ومحنة الغزو أثبتت من هو المواطن الذي تشبث بأرضه وحفظ هوية وطنه انه المواطن الفقير والبسيط) شكرته وقلت له: يا وليدي عندي صديق وزميل مصري عملنا معا بالوزارة منذ نصف قرن عاش معنا وانجب كل ابنائه في الكويت ودرسوا وتربوا فيها ونالوا أعلى الشهادات وانشغلوا بحياتهم، لكن صديقي هذا قلبه معلق بالكويت كلما هزه الشوق لها، وحن لأيام شبابه، طلب مني «فيزة زيارة» ليشفي غليله، ويشبع رغبته وحنينه، وهو يستاهل فقد عمل وخدم الكويت بما يرضي الله، وهذه كل الأوراق المطلوبة، ابتسم الموظف مشفقا وقال: عمي أنت على نياتك.

قلت كيف؟ رد قائلا: القانون يعطي الزيارات للأقارب أو زيارة تجارية للشركات، هل هو من عائلتك، قلت: لا هل تريدني أكذب؟ قال: لا تستطيع فلابد من إثبات صلة القربى.. فاستدرك قائلا، وكأنه وجد حلا: حجي أنت تاجر، إذا عندك شركة أحضر رخصة وزارة التجارة مع اعتماد توقيع من وزارة الشؤون معتمدة من وزارة الداخلية مصدقة من غرفة التجارة والصناعة، ضحكنا جميعا لهذا التعجيز الحكومي قلت له: صحيح أنا كويتي لكن عزومي «مو قوية»، انا من الطبقة الكادحة التي يستنجدون بها عند الأزمات، نحن جند الفداء لهذا الوطن وهم المنتصرون، ونحن طابوره الأول والثاني وهم الطابور الخامس، نحن حقل تجاربهم وهم المبدعون، نحن من يصفق لهم عندما يلعبون ونحن المشجعون، نحن خيولهم وهم الفائزون، تبا لهذا القانون الذي أذل العزيز وأعز الذليل، فسبحان الذي نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الاحزاب وحده.

كتمت الحزن في قلبي ووضعت يدي على خدي، وأخذت أراقب ذلك الوافد الذي دخل معي منتظرا نهاية نقاشي، ليبدأ مشواره بطلب «دعوة الزيارة» مشفقا عليه وأنا أقول في نفسي «أنا كويتي أنا.. أنا قول وفعل» ونوابي بالمجلس أنا لم أستطع استخراج كرت زيارة، تستطيع انت ايها الوافد الغريب، ما هي الا دقائق وإذا بنا نخرج أنا والوافد من إدارة الجوازات، ولكن بيمين الوافد دعوة زيارة «غريب الدار يدعو غريب الدار لزيارة بلدي»، وأنا أخرج خاوي الوفاض متعوسا خائب الرجاء.. أنا المواطن ابن الدار لا يحق لي أن أدعو أحدا لزيارة بلدي إلا عندما أكون تاجرا أو أتزوج ابنة من أدعوه للزيارة حتى اسميه «يا عمي».

لا أستطيع الاعتذار لصديقي لأنه لن يصدق أنني عاجز عن استخراج الفيزا، فالكويتي على كل شيء قدير (كما يعتقدون).

أيام وإذا بصديقي يتصل بي من الكويت ويقول لي: لا تهتم إذا أردت أن تستخرج دعوة زيارة للكويت لأي شخص اتصل بي وارسل لي الأوراق سيأتيك طلبك وأنت في بيتك، شعرت وكأنه يستهزئ بقدري ومكانتي في وطني، والشكوى لله.

هل يسمع شكواي من يجلس في قاعة عبدالله السالم لينصفني فحقي في وطني ناقص ومثلي الكثير، فمثلما منزلي هو بيتي الصغير فالكويت هي بيتي الكبير يحق لي أن أدعو لاستضافة كل شريف اكرمني في بلده فلا بد من رد الجميل فالكويت بيت لكل الكويتيين.

وأخيرا أقولها بكل مرارة أقولها لكل سكان العالم: لا تكرموني حتى لا تحرجوني، فإني لا استطيع رد كرمكم لأني لا أملك دعوتكم في بلدي فأنا لا املك رخصة تجارية وربما انتم لستم تجارا، وأكيد أنا لست وافدا، وأكيد ليس كل سكان العالم أقربائي.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك