دلال الردعان تعجب لجرأة الغانم

زاوية الكتاب

استبيان أم استخفاف بعقولنا ؟ وهل نحن أمام علاقة طردية جديدة لصالح التاجر؟

كتب 4109 مشاهدات 0


على الرغم من رفض إدارة مجمع الأفنيوز التجاري في الكويت لفكرة عمل استبيان حول رواتب المواطنين ونهاية خدمة موظفي الدولة تفاجأ المواطنون مساء أمس برئيس مجلس الأمة يتجول في المجمع مشجعاً المواطنين للمشاركة في الاستبيان ومعلناً افتتاح فعالية الاستبيان وبحماية وتعزيزات أمنية مشددة يصور لزائر المجمع حينما يراها أنه بثكنة عسكرية لم نشهدها حينما حدثت جرائم العنف والقتل في المجمع وراح ضحيتها مواطنين أبرياء.

أعجب لهذه الجرأة الغير مقبولة والمثيرة للغضب والاستياء والاستهتار بإدارة شئون البلاد وبكيفية اتخاذ القرارات العامة والمصيرية وسوء التخطيط من قبل مجلس يفترض ان يكون منتخب من عامة قواعد شعبية ويمثل الأمة وعلى دراية تامة بهموم ومشاكل المواطنين ..هل أصحاب فكرة الاستبيان جاءوا من الفضاء ولايعيشون بيننا نحن أهل الكويت؟...يا ترى ماهو المغزى الحقيقي لمثل هذا الاستبيان؟ هل هو صفقة جديدة بين الحكومة والتجار؟ ترفع الرواتب وتوحد من هنا وتزداد الأسعار من هناك؟ هل وصل الاستخفاف بعقول المواطنين لعمل مثل هذا الاستبيان في مجمع تجاري ؟ هل كان هو المكان الصحيح لمثل هذه الاستبيانات وهل يمثل مرتادي المجمع موظفي الدولة من الشعب الكويتي حقاً؟ ماذا عن مجمع الوزارات ومؤسسات الدولة؟ أمور عديدة تدعو للتعجب.

هل هناك حاجة لمثل هذا الاستبيان؟ إن استياء وغضب المواطنيين من أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية ورأي المواطنين في آداء الحكومة والمجلس واضح للعيان ولا يحتاج للاستبيان عنه.. أمر هذا الاستبيان واختيار الأفنيوز مسيء وعبثي وغير مقبول من رئاسة يفترض انها تمثل الأمة...الاستبيان ما هو إلا مسرحية ستضيف مزيد من القلق  إلى نفسية المواطن التي أتعبت من قبل فقد الثقة بالمجلس والحكومة ..فلم يعد للمواطن ثقة بمجلس برلماني ضخت بساحته تصفيات للحسابات والابتزازات وفرض الأجندات والصفقات المشبوهة واحتدام النقاشات وكثرة الاستجوابات. ولا ثقة بالحكومة راعية عجلة التنمية السلحفاة واستشراء الفساد وهدر الأموال لشراء الولاءات واستنزاف ثروات البلاد و الوعود الكاذبة ..فكم من مجلس انحل وكم من حكومة استقالت وفي فترة قياسية جداً.. فلا إنجاز مشهود ولا تنمية تذكر يقف لها الكويتي مفتخرا ومتفاخراً أمام أشقائه الخليجيين والعرب وأصدقائه في العالم.. حكومة لم تتعلم من أخطاء الماضي...لا سياسة صحية ولا تعليمية صحيحة..صفقات سياسية خطيرة تشعر المواطن بالقلق وفقد الثقة والخوف على مستقبله ومستقبل أبنائه واستقرارالوضع في بلده....هذا الاستبيان إشارة إلى الاستخفاف بعقلية ونفسية المواطن الكويتي. والتساؤل هنا: بماذا سيخرج الاستبيان من نتائج؟ ومهما تكن هذه النتائج؟ هل سيكون موضوع سلم الرواتب أهم من أن تحتل بلد من دولة أخرى يخلف غزوها خسائر مالية وبيئية وخسائر بشرية من شهداء ومفقودين ومخلفات نفسية  ليس من السهل أن يكون الزمن كفيل بأن يجعلنا ننساها وإن حاولت حكومتنا أن تجعلنا نتناساها بإعادة العلاقات بل وبدعم مشاريع التنمية في تلك الدولة الغازية وإبداء التنازلات وإعادة العلاقات مع دول الضد وغدق الأموال والمساعدات عليها.. ما هو أسوأ ما قد يخرج به هذا الاستبيان؟ ليس هناك أسوأ من الاثار النفسية على المواطن الكويتي الذي يرى بأنه يعيش في دولة من أثرى دول العالم.. ويقف في الطابور لإنجاز معاملاته أويأخذ مواعيد بالأشهر ليتمكن من إجراء فحوصات طبية دقيقة ومهمة لتشخيص مرضه بينما الانتظار يشكل خطر على حياته..وينتظر مسكن لفترة تزيد عن 15 عاماً... ولا يحصل على مقعد للدراسة في الجامعة الوحيدة في بلده بينما يحصل عليه وافد ويتمتع بخيرات بلده أكثر منه..ويظل المواطن ينتظر وظيفة لسنوات ويوظف من هو أقل كفاءة منه من الوافدين..ليس هناك أسوأ من دولة تبيض ذهبا للوافد وتقدم للمواطن بيضا فاسدا يصيبه بالقهر والحسرة والمرض ويغرقه بالديون فقط لأنه يريد ان يحيا حياة كريمة ..وأخيرا مشروع قرار لتمليك الوافد عقارات وأراضي ..قرار خطير وغير مدروس ولصالح التجار أيضاً ويهدم التركيبة السكانية..ما يجهله البعض أو يتجاهله أن إنسان الكهف لم يعد له موجود..وأننا أمام عقول نيرة ومثقفة و أكثر استيعاب ووسائل تواصل خطيرة ومؤثرة...لاقيمة لاستبيان كهذا أمامها...المواطن البسيط الآن أصبح على وعي بما يريد وبمشاكله .. وأضحى يطالب بمراقبة للآداء والإنجاز ومعاقبة المخالفين والفاسدين علناً.. ويرفض بلد التجار الذين يتحكمون بمستقبل البلد ...هموم المواطن الكويتي الآن أضحت واضحة ومشاكلها حلولها بسيطة.. ولكن التعنت من قبل أصحاب المصالح والمتحكمين بالقرار يعطل علاج الأمور واستقرار الأوضاع. يحزننا اليوم حينما نسأل بالخارج عن أحوالنا ونحسد على نعمة الديمقراطية من شعوب أخرى... والتساؤل الأخير: هل عمل الاستبيانات أصبح مجرد إلهاء للمواطنين ام لتغطية لعجز المجلس عن حل معاناة المواطنين ؟ الجواب ببطن الرئاسة.

د.دلال عبدالهادي الردعان

عضو هيئة تدريس في كلية التربية

الآن - رأي الدكتورة / دلال عبدالهادي الردعان

تعليقات

اكتب تعليقك