المعلمون الأوائل .. بقلم محمد البنوان

زاوية الكتاب

كتب 933 مشاهدات 0



اكاد اجزم ان الكثير من المعلمين الاوائل واعني بهم اولئك الذين عاصروا العملية التعليمية في بدايتها ستينات القرن الماضي لم يكونوا يتوقعون ان ترتبط مهنتهم بحال الهوان الذي يعايشه زملاؤهم الحاليون. فمن كان يتصور ان ذلك الاستاذ الذي كان يسوق تلامذته بسياطه سوقا ويفرض احترامه على عموم القوم فرضا سيكون بعد بضعة عقود مادة للتندر والسخرية ومجرد بضاعة مهملة في سوق يرتاده عدد من المحترمين وعدد اخر من قليلي الادب حقيقة ربما تكون مؤسفة للبعض ولكنها هي الحقيقة هناك ازمة كبيرة قد عمت كثيرا من طلبة المدارس في جانبهم الاخلاقي ما جعل مصطلح الاحترام غير موجود في قواميس تعاملاتهم اليومية وبغض النظر عن المسؤول عن هذا فانه لا بد من وقفات تجاه هذه الظاهرة :_ 
اولا : انا لا انكر ان بعض المدرسين لا يختلف حاله كثيرا عن بعض طلبته المشاغبين فكلاهما تندرج تصرفاته تحت بند لا يصلح للعملية التعليمية بل ان بعضهم يستحق ان يعطى بالجزمة على قولة اخواننا المصريين لما يعرف من فساد اعتقاده وسوء خلقه ولكن هذه الامثلة ليست الا حالات نادرة وليست اساسا يعتمد عليه  
ثانيا : انا لا انكر ان كثيرا من الطلبة قد تلقوا دروسا كبيرة في احترام غيرهم ممن هم اكبر منهم سنا بل ان بعضهم قد يضرب به المثل في حسن الخلق وطيب المعاملة في هذا الزمن وعدد هؤلاء ليس بالقليل .
 ثالثا : الاشكالية تكمن في ان القلة الفاسدة والتي لا تعير اهتماما لاحد سواء أكانوا من الطلبة ام من المعلمين اضافة الى بعض المفرطين من الاهل والوالدين فضلا عن البيئة المحيطة هي السبب في ما وصل اليه الحال في كثير من المدارس
وهنا مربط الفرس فالصحبة الفاسدة لا تورث السوء لنفسها ولا لمن حولها بل قد يعم فسادها ليصل الى عموم المجتمع وليس هناك مثال يبين هذا الواقع اكثر مما اؤثر في تراث الدين وقول رسول الله عليه الصلاة والسلام «إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثة».
كما ان تفريط احد الوالدين او كلاهما في تعليم الاخلاق الحميدة للاطفال منذ الصغر قد تورث في كثير من الاحيان صعوبة السيطرة عليهم ان وصلوا لمرحلة المراهقة يضاف الى هذا ان البيئة المحيطة والتي امتلئت بالمغريات وصارت مركزا للغث والسمين من السلوكيات الخاطئة والتي توجه الى المراهقين عبر وسائل الاعلام تلعب دورا اساسيا في هذه الاشكالية ايضا
ان الدور المنوط بنا جميعا ان يتم التركيز على هذا المثلث المدرسة والمعلم والاقارب لتحويله من عنصر فاعل في اذكاء المشكلة الى عنصر فاعل في حلها فلا بد ان يقوم كلا الوالدين بدورهما المنوط بهما في تعليم اطفالهم مبادئ الاخلاق بدلا من ايكال الامر الى خادمة قد تكون في بعض الاحيان كافرة لا تراعي ذمة ولاضميرا ولا تهتم بخلق ولا دين كما يجب ان يركز التعليم الحكومي على الجانب الديني والثقافي بدلا من التركيز على جانب الوطنية الجوفاء فلا يمكن بناء الاوطان بوجود جيل قد ابتعد عن أساسيات الرقي القائمة على الدين كما ان المدرس لا بد وان تكون له من الصلاحيات والحصانة الشيء الكافي ضمن اطار شرعي بدلا من ان يكون هو الحلقة الاضعف في سماء بيئة كان هو الاساس بها في زمن ما.
[email protected]
@banwan16

الآن-رأي: محمد البنوان

تعليقات

اكتب تعليقك