محمد المقاطع يقترح تشكيل لجنة خاصة لتنظيم السلوك النيابي

زاوية الكتاب

كتب 485 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  لجنة السلوك البرلماني

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

منذ سنوات وأنا أطالب بلجنة خاصة بنزاهة العمل البرلماني، نظرا لتزايد ممارسات الكثير من أعضاء مجلس الأمة، التي فيها خروج على أحكام الدستور أو القوانين، أو انحراف واضح في تغليب مصالحهم على وظائفهم وعضويتهم النيابية، وإذ أصبح هذا الأمر سلوكا بدأت تظهر على السطح ظواهره العديدة، حيث إن أدوات الرقابة البرلمانية بدأت تستخدم من البعض باعتبارها وسائل للابتزاز والتهديد لأغراض آخرها تحقيق المصلحة العامة، وأكثرها وضوحاً التكسّب من وراء ذلك الاستخدام، ولما صارت هذه المسألة واسعة الانتشار، وتتزايد من مجلس إلى آخر، ويتداولها المعنيون بالأمر السياسي العام أو النخبة السياسية، فإن ذلك يستدعي تحركا سريعا لوقف هذا التدهور في سلوك الأعضاء الذي شابته انحرافات عديدة في المجالس المختلفة، وفي المجلس الحالي أيضا.

وإذا كانت اللائحة الداخلية للمجلس بمواد محددة، كما هو الشأن في المادة 121 من الدستور، قد حاولت أن توجد حاجزا منيعا لأي حالة انحراف وسوء استخدام للسلطة من قبل أعضاء مجلس الأمة، وذلك نأياً بالعمل البرلماني من أن تلحق به شبهات الإساءة إليه والتكسّب من ورائه، فإنه من الواضح أن هذه النصوص، رغم أهميتها وضرورة الحفاظ عليها، لم تعد كافية لكبح جماح الانحراف النيابي الذي صار ظاهرة واضحة، ويضاف إلى ذلك حالة المجاملة العامة التي تغلب على سلوك بعض آخر من الأعضاء في التجاوز عن انحرافات زملائهم وعدم التصدي لهم بإجراءات رادعة وحاسمة، على الرغم من وجود أساس لمثل هذه الإجراءات في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.

وإزاء كل ما سبق، فإنه لابد من الإسراع إلى تبني أحد النماذج المتعددة لما تسير عليه البرلمانات في العالم، لمنع إساءة استخدام السلطة أو الانحراف بالعضوية البرلمانية من قبل بعض النواب، وذلك عن طريق إنشاء لجنة خاصة داخل مجلس الأمة، ويمكن أن تطعم ببعض رجال القضاء حتى تكون تحت مسمى لجنة نزاهة العمل البرلماني أو لجنة القيم البرلمانية، أو لجنة السلوك البرلماني، ولعل في مثل هذه اللجنة التي تتلقى شكاوى من الناس ومن الجهات الحكومية ومن كل الشخصيات الطبيعية أو الاعتبارية عن حالات إساءة استخدام السلطة، أو الانحراف في سلطة العضوية، أن تشكل مدخلا سليما لضبط السلوك البرلماني ومنع إساءته، بالإضافة إلى تعقب حالات الإثراء المالي الذي يظهر على العضو بعد دخوله الى عضوية البرلمان، ولعله من المناسب الذكر هنا أن ما يسمى بقضية نواب الإيداعات المليونية ما كانت لتحدث أساسا لو كانت مثل هذه اللجنة موجودة، وبصلاحيات واسعة وحاسمة، ولكن وضع المجاملة العامة التي تسود العلاقة بين الأعضاء طوال المجالس السابقة والمجلس الحالي يعتبر أحد أسباب تأخر مثل هذه اللجنة، ونأمل أن ينجح المجلس الحالي، وبإصرار من أعضائه الحريصين، في أن يتم وضع لجنة ونظام للسلوك النيابي.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك