كيف أصبح الصيني الجائع مليونيراً؟!.. خليل حيدر متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 1067 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  كيف أصبح الصيني الجائع.. مليونيراً؟!

خليل علي حيدر

 

عُرفت الهند بالسحر والغموض، والفوارق الشاسعة بين الطبقات، وبكثرة البشر والاديان، وبأشياء كثيرة اخرى. ولكنها كذلك اكبر نظام ديموقراطي في العالم، واحد اضخم الاقتصاديات الناهضة في مجالات الصناعة والتجارة وغيرها.
نُسبت للطبيب الهندي في تراثنا الثقافي وحكاياتنا قدرات خارقة على الدوام، وربما بالغ البعض في قدرات هذا الطبيب النطاسي، أو انتقص من مهارة اطباء الامم الاخرى. غير ان الهند اليوم، الى جانب ما ذكرنا، يقول د.عبدالله المدني، الخبير الاكاديمي البحريني بالشؤون الآسيوية، «تعتبر احدى الوجهات العالمية الجذابة لجهة تلقي العلاج». ويضيف ان «صناعة الرعاية الصحية وصناعة السياحة العلاجية وما يرتبط بهما صار يفوق حجمها 23 مليار دولار، وصارت تشهد نموا سنويا بنسبة %18».
د.المدني، احد الباحثين العرب القلائل المتابعين للشأن الآسيوي، يقول ان احد اهم اسباب انجذاب المستثمرين الاجانب للهند، هو امكانية صناعة وتطوير ما ينتجون من ادوية محمية ببراءات الاختراع، «بأسعار تقل بعشر مرات عن سعر صناعتها وتطويرها في الغرب، بسبب الاجور المنخفضة للايدي العاملة المدربة واطقم المديرين والمشرفين والكيميائيين والصيدلانيين الهنود. ناهيك عن توفر المعدات عالية التقنية ومعامل التجارب على آلاف الحيوانات. وتعتبر صناعة الدواء في الهند الثانية على مستوى العالم لجهة الحجم والنمو والاستثمارات المتدفقة فيها وهي في الوقت نفسه تقود قطاع الصناعة الهندي».
ماذا عن الصين في هذا المجال؟
يقول د.المدني، الذي جمع الكثير من مقالاته ودراساته في كتاب يحمل عنوانا طريفا وهو «ومضات من آسيا: ما صنعه كومار ولم يفعله عبدالفضيل»، دار مدارك – دبي، 2012، يقول بخصوص صناعة الدواء في الصين: «لا شك ان للصينيين قدرة على اغراق الاسواق بمختلف السلع الرخيصة، لكنهم في مجال صناعة الدواء – ولاسيما المعقد منه – لا يمكنهم منافسة الهند المعروفة بتقاليد عريقة في صناعة الادوية غير المحمية ببراءات اختراع، والمعروفة ايضا – أي الهند – بنظام تعليمي خلاق وقادر على تخريج المواهب الطبية». (ص17 – 21).
ومن التجارب الآسيوية التي يعرضها د.المدني عن الصين، تجربة «تايوان» في التعامل مع «النفايات الالكترونية» وتدوير موادها الخطرة احيانا. ويتناول شخصية رائدة في هذا المجال، «ووياو صن»، صاحب مؤسسة «سوبر دراغون»، زي التنين العظيم، التي تعد اليوم من اضخم المؤسسات في هذا المجال، حيث تمكنت في عام 2008 وحده، من استخراج ما يزيد عن 46 الف كيلوغرام من المعادن من بطون الاجهزة الالكترونية التي تخلى عنها اصحابها، وتخلصوا منها في «النفايات»، واستطاعت شركة «ووياو صن»، من تلك الكمية وحدها، ان تكوِّن ثروة زادت على أربعة مليارات دولار تايواني، أو ما يعادل 127 مليون دولار!
لقد اكتشف الرجل وغيره من التايوانيين، يقول د.المدني، «انهم ليسوا ازاء جبل من النفايات، وانما امام «منجم من الذهب»، وهو المصطلح الذي بات يُطلق على المواد التي يمكن استخراجها من الاجهزة الالكترونية العتيقة أو المعطوبة، ولاسيما الرقائق المعدنية والفضية ونترات الذهب، علاوة على مواد اخرى مثل البوتاسيوم والمنغنيز والبالاديوم والسيانيد وغيرها، مما يمكن بقليل من الجهد والتخطيط والمال استخدامها في انتاج اجهزة جديدة.
يقول «ووصن»، الذي انتقل من البؤس والفاقة الى واحد من اغنى اغنياء تايوان بفضل دخول مجال تدوير النفايات الالكترونية، في مقابلة صحافية: «لقد كنت معدما في صغري الى الدرجة التي لم اجد معها ما يسد رمقي من الطعام، فامتهنت وأنا لا ازال في مرحلة التعليم الابتدائي مهنة جمع الزجاجات الفارغة من الحقول وبراميل القمامة. وفي العاصمة «تايبيه» اشتغلت في مهن عديدة. فمن عامل في محل للمجوهرات، الى سائق سيارة اجرة، فإلى مالك لأحد المطاعم الصغيرة، فمستثمر في احدى شركات صناعة البلاستيك».
وفي عام 1987 اسس شركة صناعية لتدوير النفايات بمدخراته ومدخرات زوجته. كان الجميع يخشى العمل في مثل هذه المصانع خوفا من النفايات الصناعية، وكان الكثيرون يحتقرون العمل في هذا المجال. فاعتمد «ووصن» وزوجته على نفسيهما في الادارة والتشغيل. يقول: «كنت اجمع تلك النفايات واقوم بتصديرها لليابانيين الذين كانوا اقدر منا على تحويلها. لكني لم افقد الامل في الحلول مكان اليابانيين».
نشاط المستثمر الصيني امتد فيما بعد الى الزجاجات البلاستيكية، التي صارت تدر الكثير، بعد تحويلها الى مسحوق ناعم قابل للاستعمال في صناعة طابوق البناء.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك