يشرح بن طفلة سبب تدني نسبة المشاركة بالانتخابات الرئاسية المصرية

زاوية الكتاب

كتب 1630 مشاهدات 0


ساق مؤيدو الإخوان المسلمين بمصر وبالخليج البشائر بتدني نسبة المشاركة بالانتخابات المصرية الرئاسية التي جرت الأسبوع الماضي، وعدوا ذلك الإحجام عن المشاركة وتدني نسبة المقترعين دليلا على المقاطعة ورفضا لخارطة الطريق وللنهج السياسي الذي تسير عليه مصر اليوم بعد ثورة يونيو العام الماضي، وفي رأيي إن قراءة تدني نسبة المشاركة بعيون الإخوان المسلمين هي قراءة في غير محلها.
المشاركة في أي انتخابات هي مسألة نسبية، ولكن تدنيها في أي انتخابات وقصورها عن نسبة النصف على الأقل، يقرؤها المعادي لأي انتخابات لصالحه، وهو ما حصل بالكويت وحصل بالعراق وبأوكرانيا ويحصل بسوريا اليوم وهكذا. ويترجم الخبراء نسبة تدني المشاركة بالدول العريقة الديمقراطية بأنه مؤشر على استقرارها وعلى عدم أهميتها لرسوخ الأعراف الديمقراطية وسيادة القانون وضمان الحريات العامة.
يذكر أنه لم يشارك شعب بانتخابات أو استفتاء شعبي بنسبة مائة بالمائة سوى في عهد صدام حسين، ففي آخر استفتاء حول رئاسته عام 2002، حصل الرئيس العراقي حينها على مائة بالمائة من استفتاء الشعب المسجلين بالانتخابات، والمقصود هنا أن تحقيق نسبة المشاركة الانتخابية الكاملة مستحيلة سوى في عهد صدام الذي حقق 'المستحيلات'.
بعد ثورة يونيو الشعبية العام الماضي أو ما يسميه البعض توفيقا 'بالانقلاب الشعبي'، أجمعت القوى المصرية الفاعلة الرئيسية- باستثناء الإخوان المسلمين- على رسم خارطة للطريق تبدأ بكتابة دستور من قبل كافة الاتجاهات المصرية، وهو ما تحقق، وجرى استفتاء حول ذلك الدستور وحاز على أغلبية شعبية ممن شاركوا بالتصويت عليه، وجرت الانتخابات الرئاسية المصرية الأسبوع الماضي وفقا للدستور وتمهيدا للانتخابات البرلمانية القادمة التي ستجرى خلال أسابيع، وبالتالي فقد التزم الجميع –باستثناء الإخوان طبعا- بخارطة الطريق وإن تكاثرت فيها الحفر والمطبات- بل وأحيانا الأعمال الإرهابية والتفجيرات والقتل التي تورطت فيها جميع الأطراف، ولكن السياق العام للوضع المصري يجري كما قرر له الشعب ممثلا بقواه التي ثارت على حكم الإخوان العام الماضي، وهذه حقيقة لا يمكن تغافلها.
تراجعت نسبة مشاركة الناخب المصري كثيرا عما كانت عليه بانتخابات العام 2012، وذلك لأن الانحياز كان واضحا والاحتقان الثوري في أوجه، والمفاضلة كانت بين 'الفلول' (أحمد شفيق) أو (الجديد) الذي خرج للتو من السجن- محمد مرسي، فصوت غالبية بسيطة من الشعب لمرسي انتقاما من الفلول، لكن المفاضلة بهذه الانتخابات ليست بنفس الوضوح، فكلا المرشحين مشارك فعال في ثورة يونيو وفي إزاحة الإخوان من الحكم، وثورة يونيو كانت تنشد رجلا قويا يحافظ على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها، وهو ما رآه المصريون -بتفاؤل مبالغ – بالمشير عبدالفتاح السيسي، ولم يكن حمدين صباحي ندا أبدا للسيسي وبدت النتيجة محسومة، فكان عدم الاكتراث واللامبالاة وعدم المشاركة.
الرئيس الجديد بعد دستور ثورة يونيو مقلص الصلاحيات بل إنه معدم الصلاحيات حيث أطّر الدستور الجديد منصب الرئيس في إطار بروتوكولي وليس تنفيذيا، وقد يفسر هذا عدم طرح السيسي لأي برنامج انتخابي، فما أهمية برنامج انتخابي أنت لا تملك صلاحية تنفيذه؟ فالرئيس المصري لا يستطيع ممارسة أي من صلاحياته الدستورية الاثنتي عشرة إلا بعد موافقة البرلمان، فلا يرفض القوانين ولا يفرض رئيس وزراء أو يجري حتى تعديل وزاري دون موافقة البرلمان ولا يعفو ولا يعلن الطوارئ ولا الحرب ولا الاستفتاء ولا حل البرلمان إلا بموافقة مجلس الشعب نفسه، فالشعب ممثلا بنوابه هو صاحب الصلاحيات الحقيقية في مصر وفق الدستور الجديد، وهو ما خلق شعورا لدى غالبية الناخبين المصريين أن التمثيل الحقيقي للشعب هو بالبرلمان، وعليه فالمتوقع أن تكون المشاركة بالانتخابات البرلمانية أكبر بكثير مما كانت عليه بالانتخابات الرئاسية.
صوت المصريون الأسبوع الماضي لرئيسهم البروتوكولي دستوريا، وقد كانت نسبة المشاركة متدنية نسبة لما كان يتمناها مهندسو ثورة يونيو، وقد تفاوتت آراء المصريين من جدوى المشاركة بانتخابات محسومة النتيجة، ولكن المصريين مجمعون على مسألة هامة وموحدون حولها: لا عودة للدكتاتورية وبالتبعية- لا عودة لحكم الإخوان.

الشرق القطرية-المدى العراقية

تعليقات

اكتب تعليقك