((الآن)) تنشر ما منع من النشر للبصري

زاوية الكتاب

إبعاد الوافدين الجماعي بالكويت فضيحة أخلاقية وقانونية

كتب 10804 مشاهدات 0


 حصلت على مقال للكاتب داوود البصري منعت من النشر حيث يكتب، وننشرها أدناه كما هي:


إبعاد الناس في الكويت فضيحة قانونية و أخلاقية..؟

داود البصري

 

في خطوات أقل ما يقال عنها بأنها مرتبكة و تعكس شعورا عارما بالفزع و الأزمة و الإرتباك الشديد ، أقدمت السلطات الأمنية الكويتية مؤخرا على تفعيل إجراءات الإبعاد الإداري وقطع أرزاق الناس بكل سهولة ودون تبصر أو إحترام لوضعية حقوق الإنسان و ما يجري في العالم من تطور حقوقي و قانوني فيما يعود الكويتيون القهقرى لمرحلة التعسف الأمني و تسفير عباد الله لمجرد مخالفات بسيطة كما حصل في ثمانينيات القرن الماضي حينما صدرت أوامر مشددة من وزارة الداخلية بإبعاد الوافد إن إرتكب مخالفة مرورية ، هذا غير فتح سجون المباحث الجنائية و امن الدولة على مصاريعها ، وممارسة التعذيب الشنيع ضد كل من يشتبه بممارسته لنشاط معادي لحكومة الرئيس العراقي السابق و المشنوق لاحقا ( صدام حسين )!!، إنها ذكريات و ممارسات لا تنسى أبدا ، قد تتجاوزها الذاكرة و تطويها الأيام و لكنها تظل شاخصة في موازين التاريخ و لا تسقط أبدا بالتقادم! ، لقد قامت وزارة الداخلية الكويتية مؤخرا بإبعاد عدد من المواطنين السوريين كل تهمتهم إنهم تشاجروا في المستشفى بشكل جماعي!!، وهي عملية و تهمة لا تستحق التسفير و الإبعاد و المآسي العائلية و المادية و حتى السياسية المترتبة على ذلك ؟ بل أن مكانها ساحات المحاكم و إنزال العقوبات المتناسبة و الجرم دون التطاول لمرحلة قطع الأرزاق و تدمير مستقبل العوائل وخلق حساسيات و عداوات و مواقف سلبية لاداعي لها أبدا ولن تضيف شيئا معلوما لحلحلة الأوضاع ، كما فعلت وزارة الداخلية الكويتية الإجراء نفسه مع مجموعة من المواطنين المصريين تشاجروا جماعيا مؤخرا لأسباب مختلفة في موقف سيارات! فكان القرار الإبعاد أيضا وبكل سهولة وخفة و بعيدا عن أية قراءة حقيقية و تمعن و تفكير في مدونة و شرعة حقوق الإنسان الدولية و التي للعالم العربي فيها للأسف فضائح تاريخية و موثقة ، ثم جاءت الخطوة و الضربة الثالثة مع قيام الأوقاف و الداخلية مجتمعتين بإبعاد إمام جامع مصري كل تهمته أنه في خطبة الجمعة ألمح للإنتخابات الرئاسية المصرية و أنتقدها ( وهذا حقه الطبيعي )! ، فثارت ثائرة القوم عليه و أحيل للتحقيق في مخفر الفروانية ثم أنهيت خدماته و تعرض أيضا للعقوبة الأبدية و التاريخية و الثابتة في الكويت وهي الإبعاد و قطع الرزق وبجرة قلم و بكل بساطة!!... بصراحة ما يحدث في دولة الكويت من تراجع مريع للحريات و من فرض رقابة على تفكير الناس و حجر لآرائهم هو أمر في منتهى الخطورة و يعبر عن إنتكاسة قانونية و سياسية و تراجع حضاري مؤسف في بلد كانت له الريادة في الدفاع عن الحريات في زمن لم يكن يسمح بذلك! ، ويبدو أن العجلة في الكويت باتت تدور بالمقلوب ! ، ففي زمن الحرية الكونية و زمن الفضاء الإعلامي المفتوح إنتعشت السياسة ( المكارثية ) في الكويت من جديد ، وتعملق جهاز أمن الدولة ، و كشرت الداخلية عن أنيابها ، و تراجعت الحريات ، وحوربت الآراء الحرة، فيما يتم غض النظر بالكامل عن آراء و تحركات و فذلكات جماعات معروفة لمن تدين بالولاء! و تتسابق بالطاعة!! ، لقد وصل الأمر بإعتقال نواب سابقين في بوابات المطار بعد العودة من رحلة علاجية بسبب شكوى من أحدهم!! وكان يمكن الإنتظار و التحقيق في الموضوع خصوصا و إن القضية ليست إرهابية و لا قضية أمن دولة! ، في الكويت اليوم تجري أمور غريبة للغاية من تهريب لسلاح وزارة الداخلية و من قضايا اخرى مثارة و معروفة ، ومن كبت كبير و فاضح للحريات ، و تنشيط أجواء الدولة الأمنية و الإستخبارية ! مع ما يرافق ذلك من حالات تطاحن و صراع داخلي ستترك مؤثراتها دون شك على الوضع العام ، لا أدري إن كان أهل وزارة الداخلية و الأمن في الكويت يتابعون ما يجري في العالم من تطورات و من مساحات هائلة للحرية أم أنهم لا زالوا يعيشون في حقبة و زمن مخابرات جمال عبد الناصر وحيث السجون الحربية لمن عصى و رفض التسبيح بحمد الجنرالات في العالم العربي! ، سياسة الطرد و الإبعاد للمواطنين العرب من دولة الكويت هي واحدة من أخطر ظواهر المرحلة الكويتية الراهنة ، فهؤلاء لا يمكن أن يكونوا خطرا على الأمن الكويتي و لا على السلام الأهلي بل أن الخطر كل الخطر يكمن فيمن نعرف و تعرفون من أهل العضلات المفتولة و الخلايا السرية الجامدة حاليا و التي تنتظر ( اليوم الموعود )!! من الذين يعملون في ( مطاعم الكباب العقائدي )! و أعتقد أن قصدي واضح وصريح ، كما أن التطرف و الإيغال في سياسة الطرد و الإبعاد يمثل فضيحة إعلامية و حتى أخلاقية كبرى أمام دول العالم الحر التي تحتضن اللاجئين العرب بأريحية و كرم يفوق كل الدول العربية و الإسلامية التي تتحدث عن العدالة و الكرامة و المساواة و نصرة المظلوم فيما تمارس في الحقيقة تعسفا وخرقا فظيعا للحدود الدنيا من حقوق الإنسان!.. كفى عبثا و عودة لسياسة الماضي القمعي العجفاء ، وهي سياسة لن تؤكد أمنا ، ولن تجلب في النهاية سوى الكوارث و أي كوارث ؟... العالم يتجه نحو آفاق حرية كونية شاملة فيما جماعتنا في وزارة الداخلية في الكويت لا يعرفون أو يفقهون سوى في فنون الإبعاد و قطع الأرزاق و التفنن في حماية من نعرف و تعرفون!! وهو أمر خطير للغاية ، فالظلم ظلمات ، وينبغي تذكر دروس الماضي القريب جيدا ، والرزق على الله سبحانه و تعالى ، و إبعاد شبح المكارثية و السطوة الأمنية ينبغي أن يكون الهدف الأول في دولة الكويت التي عرفناها واحة للحريات في سبعينيات القرن الماضي قبل أن تتحول اليوم لسجن كبير للإبعاد!!... و الله حالة.. و الله طرطره.. و لو دامت لغيرك ما وصلت إليك..!

[email protected]

الآن-خاص

تعليقات

اكتب تعليقك