بذكرى الهزيمة المزمنة - يكتب الغربللي:

زاوية الكتاب

متى تتصالح الأنظمة العربية مع شعوبها وتسمح لها بالمشاركة ؟

كتب 1864 مشاهدات 0

عبدالكريم السيد عبداللطيف الغربللي

تمر علينا هذه الأيام الذكرى السابعة والاربعون لهزيمة حرب يونيو 'حزيران' عام 1967م أو ما يسمى بحرب الأيام الستة، ففي صباح الخامس من يونيو 1967م شنت قوات الكيان الصهيوني الجوية غارات غادرة ومباغته ومدمرة على المطارات والقواعد الجوية المصرية مُلحقة بالقوة الجوية المصرية وهي جاثمة على الأرض دمار كامل، ثم ما لبثت القوات البرية للكيان الصهيوني ان اقتحمت قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ثم تستمر أل آلة العسكرية الصهيونية بالتهام كامل سيناء والجولان والضفة الغربية... أما الشعوب العربية فلقد كانت تعيش في تلك اللحظات حالة من الحماس ونشوة الانتصار الزائف وحلم اندحار الصهاينة متأثرة بالحملة الإعلامية العربية المضللة التي أوصلت الجيوش العربية إلى مشارف تل أبيب بعد ان دحرت جيش الصهاينة!!!  ولم تستفق الشعوب العربية من هذا الحلم إلا على وقع كابوس أوامر الانسحاب الكامل للجيوش العربية!!! وقرار مجلس الأمن  242 يونيو1967 الذي يدعوا لوقف الحرب... وإلى انسحاب الكيان الصهيوني من الأراضي التي احتلها في حزيران 1967 وبعودة اللاجئين إلى ديارهم... وجل ذلك لم يحدث او ينفذ...!!!

هل من أمل بالخلاص من هذا الواقع المرير؟! هزيمة حزيران 1967 م سبقتها هزيمة حرب 1948م، وتلتها محاولة لرد الاعتبار في حرب 1973م، وعلى الرغم من تهليل وتطبيل الاعلام العربي لهذا النصر المزعوم... !!!  استثمرها الصهاينة بتكريس وتمكين أسباب الاندحار العربي المستمر باتفاقيات ما يسمى بالسلام والتي لم تتمخض إلا بالمزيد من تمادي وطغيان وتفوق العدو الصهيوني عسكرياً وسياسياً من ناحية وتكبيل وتفكيك وضعف وهوان العرب من ناحية أخرى... هذا هو وصف لماضي وحاضر العرب الحديث من هزيمة إلى نكسة إلى انتكاسة... أتمنى ان تتم دراسة وتقييم حرب اكتوبر 1973 بصورة موضوعيه لنعلم وتعلم الامة العربية بنتيجتها الحقيقية وليس الإعلامية...

(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ولعل أول ما يجب ان نغيره هو أسباب تفوق عدونا علينا، والذي يمكن إجماله دون الدخول بالتفاصيل بأسلوب بعض أنظمة الحكم الشمولية المتفشية بالأمة العربية التي استولت دون وجه حق على قسم من موارد الأمة وأهدرت القسم الآخر بمصاريف غير تنموية ولا جدوى من ورائها واخص بالذكر منها شراء المنظومات الدفاعية والأسلحة التي يمكن تقييم أدائها بين الرذيلتين فأما فاسدة أو لا جدوى منها، وخير دليل على ذلك عدم صمودها أو حتى فعاليتها أمام أسلحة الكيان الصهيوني، ونضيف إلى ذلك فجور وتخلف إعلامنا الذي مازال دون مستوى المنافسة والتحدي عن مواكبة ومجاراة المنظومات الإعلامية العالمية المسخرة للعدو... أما الحرية وكرامة المواطن العربي فتاتي ـ هذا ان اتت ـ بعد الأمن الخاص لبعض الأنظمة العربية التي مازالت تتربع على عروشها بانتخابات الأربع تسعات!!! او مجالس شورى شكلية لا تتمتع بصلاحيات تشريعية أو رقابية...وفي الوقت الذي يتمتع الكيان الصهيوني بنظام قضائي زج بأربعة من رؤساءه بالسجون.. اضافةً ان نظامه السياسي الديمقراطي يتمتع بعلاقات استراتيجية متميزة مع الدول الكبرى... بالمقابل نجد ان أنظمة بعض دول الأمة العربية أما ان تكون في حالة عداء شديد او على علاقة خضوع وخنوع مع النظام العالمي، وكلتا الحالتين ليس في صالح الأمة العربية... كما ان مغتصبو وناهبوا ثرواته طلقاء... والمتصدون لهم وللفساد ملاحقون ومعتقلون..! وحسبنا الله ونعم الوكيل...

الأمة العربية لديها إمكانيات بشرية ومالية وجغرافية كبيرة، ولكنها مبعثرة وغير منظمة وتفتقد للقيادة المخلصة والمراقبة شعبياً، لذلك فان أسباب الهزيمة التي ولدت نكسة فانتكاسة وصولاً الى الهزيمة مازالت قائمة ومستمرة، ولابد من تقييم الدروس والعبر ونحن نعيش هذه الذكرى الحزينة، ولكي نتمكن من النهوض لدحر العدو لابد من ان تقوم سياسة الأمة العربية الدفاعية على منظومة متسلسلة تتكون حلقاتها المترابطة من التوازن الاجتماعي والتعليمي والصحي والاقتصادي والسياسي والأمني والعسكري، علماً ان قوة الأمة تتمثل بقوة ترابط هذه السلسلة التي لا تتجاوز قوة أضعف حلقة فيها، لذلك من الواجب مراعاة توازن قوة هذه السلسلة فلا جدوى من الإفراط في الصرف على الحلقة العسكرية على حساب التفريط في قوة الحلقات الأخرى...

 ان الأداء العسكري للأمة خلال الحرب يحدده ويقرره أداؤها في زمن السلم في مختلف الجوانب والمحاور فالاستقرار الاجتماعي والديمقراطي وسيادة العدل والتقدم العلمي والقوة الاقتصادية والرعاية الصحية والتعليمية في زمن السلم تصبح مؤشراً استباقياً لما سيكون عليه أداؤها العسكري في زمن الحرب... والخطوة الأولى في الطريق ـ الطويل ـ للنصر هو الاستثمار في المواطن العربي في اجواء الحرية والديمقراطية الحقة. تمهيدا لمحاسبة المتسببين فيما الأمة العربية فيه من تخلف وانحدار وفجور في الطرح الإعلامي المسخر لخدمة والدفاع عن الانظمة المتسلطة وتغطية اخفاقاتها بقلب الحقائق تارة وتمجيد المتسلطون تارة أخرى، 'وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ  '... 'وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ' صدق الله العظيم

قبل الختام:           

لماذا تخشى الأنظمة العربية الديمقراطية والمشاركة الشعبية؟!! ومتى تتصالح هذه الأنظمة مع شعوبها..؟!!!

ترى ما هي النتيجة الحقيقية وليس الإعلامية ـ لحرب أكتوبر 1973...؟!!! وما دلائل ذلك ...؟!!!

الحرب لها نتيجتان لا ثالث لهما أما النصر او الهزيمة...

الاعلام الفاسد والمضلل عمل على تلطيف كلمة 'الهزيمة' واستبدلها بمفردات 'نكبة ... نكسة...' والأسواء من ذلك قبول الامة العربية بمثل هذه المفردات ...!!! ربما كان ذلك بسبب الانغماس في انكار الحقيقة أو فجور الإعلام العربي في التضليل والمستمر على نهجة حتى يومنا هذا...

قادة الهزيمة لم تتم محاسبة أحد منهم... بل ان منهم من سخر الإعلام ليصنع منهم ابطال على جثث ضحايا الهزيمة والحقيقة ...!!!

الى متى ستظل الشعوب صابرة قبل ان ينفجر بركانها لنيل حقوقها...؟!!!

ألا يعلم الفاسدون انهم يُطعمون أنفسهم وأهليهم سحتاً وزقوماً...؟!!! 'يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا' صدق الله العظيم

المنافقون ومشايخ السلطان والذين يحرضون المؤمنين على الخنوع والخضوع... ليتقوا الله ويتذكروا قوله تعالى: 'هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا' صدق الله العظيم. 

الآن - رأي: عبدالكريم السيد عبداللطيف الغربللي

تعليقات

اكتب تعليقك