يا زمان الوصل بالأندلسِ بقلم خالد الفضالة

زاوية الكتاب

كتب 1682 مشاهدات 0


 يا زمان الوصل بالأندلس


ضاعت الأندلس بعد ثمانية قرون من حكم المسلمين. و لم تكن أسباب ضياعها محض صدفة و مفاجئ بل كانت الأسباب سلسلة مترابطة من الأحداث و الفساد و لا مسؤولية و عدم المبالاة. و قد علمنا التاريخ في جميع الحقب ان مصير الأوطان يُعرف من صفحاته الاولى.

فمتى ما اجتمعت مسببات الانهيار فلا مفر من النتيجة المحسومة. و رغم معرفة و إدراك اهل الأندلس لتلك المسببات الا أنهم اختاروا تجاهلها و القبول بها و اعتبارها امر واقع اعتقاداً منهم ان ذلك لا يعنيهم و ان نتائج هذه المسببات لن تأثر عليهم.

ولكن سرعان ما باغتهم مصيرهم المحتوم، و ضاعت الأندلس و لم يبقى منها الا الذكريات و دموع الحسرة على ما فات.

مضى عام و عدة شهور على ركود الحراك الشبابي و الشعبي المعارض. و كنت ارى ذلك خيره لعل يفقه و يستوعب الكثير ممن اتخذ موقف سلبي تجاه المعارضة ليس لعدم إيمانه و يقينه بتفشي الفساد و استشرائه انما لنظرتهم الضيقة لأصل أسباب مشاكلنا و حصرها بشخص هنا و كلمة هناك و فعل هنا و تصريح هناك.

و لعل ركود الحراك خيره أيضاً لانه اثبت بالدليل القاطع زيف ادعاءات السلطة و تزويرها للحقيقة التي انكشفت بمجرد تسليمها 'الخيط و المخيط'. فلا معارضة تذكر و لا محاسبة و لا رقابة و اعلام 'تتعالى صيحات النفاق منه' و رجال دولة {جدد} يمجدون السلطة 'قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم آناء الليل وأطراف النهار'(١).

و رغم كل ذلك لم نتقدم خطوة، ولم تتحسن جودة حياة المواطن بل أصبح الفساد يطل علينا بكل فخر يتباهى بحفظ قضيته تارة و براءته بسبب الإجراءات تاره اخرى.

و سقطت أيضا أعذار من ادعى ان الإصلاح له طريق و أسلوب مختلف عن الحراك الشبابي و الشعبي.

اكثر من عام و نصف مرت و لم نرى حتى بوادر تلك الطريقة او الأسلوب المختلف. بل اضحت علاقة ما يسمى بالحكومة و بالمجلس كالأعمى الذي يقود ضائعين، فاقدين كل شي و لا يمكنهم ان يعطوا شي.

هي رسالة صادقة قلتها قبل سنوات و استمريت بقولها بكل الطرق و الوسائل الممكنة لعل و عسى تستوعب الاسرة الحاكمة مفادها و معناها و تعي فحواها، رسالة نابعة من قلب يخشى عليهم منهم و لكن للأسف قوبلت تلك الرسالة بالملاحقة السياسية و السجن.

و ها هي جميع المحاذير التي بينتها لهم طوال السنوات الماضية أصبحت حقيقة يشاهدونها الان أمام اعينهم. فلو لا استبدال العقلاء بالمنافقين و الناصحين بالمتملقين و الصادقين بالمتزلفين لما كان الحال هو حالنا الان.

فهؤلاء لا يعنيهم سوى مصلحتهم الشخصية و هم اول من يقفز من السفينه.

اما العاقل و الناصح الصادق يدرك ان مصلحة الاسرة لا تكمن بقصائد المدح و بالأغاني و بالصور و لا من خلال تسمية الطرق و المناطق إنما من خلال مصارحتهم القول و معاونتهم على الحق والإشارة إلى مكامن الخلل طالما خرجت عن إطارها.

لقد انتهت الاندلس و اختفى اهله و بقى لنا تاريخهم و العبره من اسباب هلاكهم و ان لم نتعظ فان مصيرنا الحتمي و الذي لا مفر منه هو “يا زمان الوصل” بالكويتِ.

اللهم لا تجعلنا ممن قلت فيهم و قولك الحق {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}

اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم و قولك الحق {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}


*من قصيدة “جادك الغيث” - لسان الدين بن الخطيب
(١) اقتباس من كلمات - الخبير الدستوري د. عثمان عبدالملك الصالح رحمة الله

كتب : خالد سند الفضالة

تعليقات

اكتب تعليقك