الهجوم على دبي والدوحة

زاوية الكتاب

كتب 3378 مشاهدات 0


دبي والدوحة
قبل أعوام قليلة، وفي قمة الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي، شن الإعلام البريطاني- وخاصة الغارديان- حملة تشفي وشماتة على دبي بسبب تأثرها كغيرها من تلك الأزمة، وصورت الغارديان دبي على أنها قد تحولت لمدينة أشباح تذروها الرياح، وبأن ناطحات السحاب خاوية على عروشها، والفنادق 'تصفر' بلا نزلاء، والمطاعم بلا زبائن، وأصحاب المحلات والمولات 'يكشّون ذبان'، والسيارات الفارهة تملأ مواقف مطار دبي بعدما تركها أهلها هربا من دفع أقساطها، وصورت إمارة دبي- بل صورت الإمارات كلها- وكأنها على أبواب الإفلاس، وبأن كل ما حققته دبي من شهرة عالمية وازدهار ونماء مالي واقتصادي، ما هو إلا فقاعة انفجرت، وسراب تلاشى وحلم تبدد.
مرت سنوات قليلة، وتعافت دبي التي تأثرت مثلما تأثر بقية العالم من الأزمة في حينها، وعادت دبي 'ديرة الحي' لؤلؤة خليجية براقة، وتحفة إنجازات غير مسبوقة في منطقتنا العربية، وعلامة دولية تجاوزت بنجاحاتها مدن عالمية كبيرة كلندن ونيويورك وغيرها، وفازت دبي بجدارة مستحقة وبفخر عربي بتنظيم اكسبو 2020، فتوارت الحملة الصحافية البريطانية- وإن إلى حين.
وتشن الصحافة البريطانية هذه الأيام- وبالخصوص التايمز- هجوما على قطر متهمة إياها بالرشوة في الفوز بتنظيم كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، وهي تهمة موجهة إلى قطر عبر مسئول رياضي قطري سابق لم يكن له أي دور رسمي في نجاح قطر بتنظيم البطولة، ومع نفي صحة الادعاءات من شخصيات عالمية مثل ميشيل بلاتيني- رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا)- والذي اعترف علنا بتصويته لصالح قطر بتنظيم البطولة لقناعته بأحقيتها في ذلك، إلا أن الصحافة البريطانية لا تزال تستهدف انتزاع المستحيل- وهو حق قطر المشروع بتنظيم البطولة.
يذكر أن الصحافة البريطانية قد شنت هجوما على اختيار قطر في البداية بحجة أن صيف قطر حار لا يمكن احتماله، ولكن هذه الذريعة سقطت بعد اكتشاف أن صيف قطر عام 2022 سيكون باردا غائما جزئيا لا تتجاوز الحرارة فيه 10 درجات مئوية مع زخات مطر يتخللها رذاذ من الثلج القطني الخفيف.
وسيقت ذريعة أخرى هي انتهاك قطر لحقوق العمال الأجانب العاملين في مشاريع نهضة قطر العمرانية واستعداداتها المتواصلة لتنظيم البطولة، وتعاملت قطر مع هذا الملف بكل موضوعية وشفافية، وعقدت المؤتمرات الدولية، واستدعت المنظمات العالمية للوقوف على معايير العمل الدولية التي تراعيها القوانين بقطر، فخبا هذا المبرر، وقد يعود للواجهة لو وقع حادث عمل مؤسف بأحد المشاريع-لا قدر الله- وهو من الأمور التي يمكن أن تحدث في أي مكان بالعالم.
الشاهد أن مسألة تنظيم قطر لكأس العالم أثارت جنونا وحمى 'غيرة' بريطانية غير مسبوقة، ويتناولها الإعلام البريطاني بلا هوادة غير مخف رغبته المعلنة بضرورة انتزاع تنظيم البطولة من قطر، ولمعرفتي العملية بالإعلام البريطاني عن قرب، ولقناعتي أن 'الذيب ما يهرول عبث'، فإني واثق بأن هذا الموضوع- أي موضوع تنظيم قطر لكأس العالم عام 2022- لن يتوقف بسهولة، وسيعود بالمرات القادمة بعد سقوط حجة الطقس وحقوق العمال ومزاعم الرشوة، ومن يدري فقد تكون الحجة القادمة أن بقطر مكيفات تلوث الفضاء وتدمر البيئة أو أنها قد افتتحت قبل أيام واحد من أحدث المطارات بالعالم! ولا أستبعد أن تندلع حملة صحافية بريطانية شعواء أخرى على دبي بهدف حرمانها من تنظيم اكسبو 2020 بحجج باهتة ومبررات واهية، فالنجاح يجلب الحسد والعداوة، 'وكل ذي نعمة محسود'.
تنظيم كأس العالم وتنظيم اكسبو سيساهمان في 'أنسنة' هذه المنطقة –كما كتبت من قبل- والاحتفاظ بحق تنظيمهما مسألة تهمنا جميعا كخليجيين وكعرب، ففوائدها تتجاوز الحدث لأبعاد أسمى وأهم، وعلينا رصد مثل هذه الحملات والتعامل معها بمهنية تامة، والعمل على كشف زيفها وتفنيده بحرفية و'طولة بال'، فالمستحيل هو إسكات ما يمكن أن يبثه الإعلام البريطاني أو ينشره، ولكن الممكن هو في الرد على ما قد يبثه من ادعاءات فارغة، ومزاعم كاذبة.
سعدبن طفلة العجمي

@saadbin6iflah

المدى العراقية-الشرق القطرية

تعليقات

اكتب تعليقك