بلط المحيط ..بقلم محمد رحيم المطيري

زاوية الكتاب

كتب 1797 مشاهدات 0

محمد رحيم المطيري

لا أخفيكم سراً عندما يأتي أحدهم على ذكر التعليم العالي، لا شعورياً أتحسس مسدسي وأتخذ وضعية الاستعداد كمن يريد الانقضاض على عدو، فوزارة التعليم العالي باتت العدو الذي يهدد مستقبل الطالب، إن لم تكن أشد خطراً عليه من أصحاب السوء أنفسهم.

تُنشأ عادةً الجهات والهيئات المسؤولة عن التعليم العالي في أي بلد يملك أدنى درجات الاحترام من أجل إرشاد الطالب وتوجيهه ومتابعته أثناء فترة الدراسة، هذه هي مهام وزارة التعليم، بالإضافة إلى رفع كفاءة المؤسسات التعليمية والبحثية وأمور أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، هنا الوضع مختلف تماماً، فالجهة التى أُنشئت خصيصاً لإرشادك وتوجيهك هي نفسها التى ستكون مسؤولة عن ضياعك فيما بعد .. كيف ؟


يُحدثني أحد منكوبي التعليم العالي قائلاً : قررت استكمال دراستي الجامعية وكحال أي طالب محترم يسلك الطرق القانونية، توجهت إلى مبنى وزارة التعليم العالي للحصول على ورقة اعتماد قبول معتقداً أنها ستكون بمثابة الدرع الواقي ليّ من قرارات التعليم الطائشة، وبالفعل حصلت على درع الصفيح هذا، بعد انقضاء أربعة أعوام، عُدت حاملاً حلمي بيد وشهادتي باليد الأخرى متجهاً إلى نفس المبنى الذي لم يطرأ عليه أي تغيير، باستثناء الموقع الذي يُستبدل كُل ستة أشهر وكأنهم عصابة مكسيكية تخشى المبيت في نفس المكان.
ما إن وصلت حتى فاجأني موظف الاستقبال بأن الاعتراف قد ألغي .. هكذا .. بهذه البساطة .. بهذه الوقاحة المفعمة باللامبالاة وبدون أدنى اعتبار لما سيترتب عليه من مشاكل ليّ ولعائلتي، يكمل قائلاً : احتجت لثواني لاستيعاب الصدمة ولاسترجاع أنفاسي التي بدت لي أنها لن تعود .. فمستقبلي يتلاشى أمامي، قلت له ضاغطا على أعصابي محرراً شفتي من بين أسناني وبشيء من الهدوء المفتعل : والـحـل ؟!
أجابني وهو يعبث بأزرار هاتفه وبطموحي : أمامك خيارين : إما أن تبحث لك عن جامعة أخرى ترسم على جدرانها أحلامك أو أن تُبلط مياة المحيط.
يعلق الرجل قائلاً : فكرة تبليط المحيط وزراعة البطيخ في الأبيض المتوسط ليست بالفكرة السيئة إذا ما قورنت بإعادة الدراسة من جديد، خصوصاً في ظل وجود هكذا إدارة للتعليم.


أنهى الرجل حديثه إلا أن مشكلته لم تنتهي بعد كحال أغلب الطلبة الذين وثقوا في التعليم العالي وتوجيهاته، إن كان هناك ذنب للطلبة يستوجب محاسبتهم فهو وثوقهم بمؤسسات الدولة .. هل لازال هناك من يثق بمؤسسات الدولة ؟! وزير المالية صرح بأن الرواتب ستصرف قبل موعدها، والنتيجة أنفقنا ما في جيوبنا وكدنا أن نهلك لولا لطف الله بنا، وزير الإسكان وعد بالحصول على سكن في مدة لا تتجاوز السنتين من تقديم الطلب، غادر الوزير الوزارة، ولم يغادر بعد الطلب أرشيف الوزارة، حتى مجلس الأمة الذي يعتبر أعلى سلطة - بعد الأمير - باصدار القوانين والتشريعات أُبْطل هو الأخر بسبب اجراءات وقرارات خاطئة.
هناك من المسؤولين من لايفعل شيء سوى البقاء على قيد الحياة وإصدار القرارات الخاطئة، يخيل لك أن القرارات الخاطئة دُست في أفواههم منذ الصغر.


إدارة التعليم شكلت لجنة لمعالجة هذا الملف و وضع الحلول المناسبة، من ضمن الحلول التي اعتمدت مؤخراً هي إعادة اختبار الطلبة الذين تخرجوا من نفس الجامعات التي أوصت بها إدارة التعليم ! .. يُقال أن المنطق بعد هذا الإجراء ' قلع ملط ونزل الشارع '.

الآن - رأي: محمد رحيم المطيري

تعليقات

اكتب تعليقك