'مُعقدة'.. خليل حيدر واصفاً قضية العمالة المنزلية في لبنان والكويت

زاوية الكتاب

كتب 774 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  العمالة المنزلية.. في لبنان والكويت

خليل علي حيدر

 

«منذ اللحظة الاولى التي نصل فيها الى المطار، يحجز البوليس لنا جواز المرور، وينقلنا الى غرفة ويحبسنا. هكذا يبدأ السجن في المطار.. وحين نصل الى منزل ارباب العمل لا وقت للراحة أبدا، فالعمل يبدأ منذ اللحظة الاولى. نستيقظ عند الساعة الخامسة والنصف، ونبدأ العمل حتى منتصف الليل، 24 ساعة، سبعة ايام في الاسبوع، عمل من دون وقت راحة». هكذا تتكلم عاملة المنزل «ميريام»، الآتية من مدغشقر، عن تجربتها في لبنان!
مناسبة الحديث والشكوى، كانت الاحتفالات السنوية بعيد العمال. و«ميريام»، تقول فيرونيك ابوغزالة المحررة في صحيفة الحياة، 2014/5/8، «كسائر عاملات المنازل، قدمت الى لبنان من دون القدرة على التفاوض حول شروط العمل وظروفه، في ظل الممارسات الخادعة التي تقوم بها بعض مكاتب الاستقدام في البلدان الفقيرة والمعلومات الخاطئة التي تقدمها للفتيات اللواتي يُصدمن بالواقع في لبنان والظروف المعيشية الصعبة، خصوصا اذا تم استقدامهن لعائلة متوسطة الدخل».
نظام الكفيل ثابت في لبنان، تقول ابوغزالة، «لما يؤمنه من ارباح طائلة لاصحاب المكاتب والسماسرة الذين يفرضون تكاليف غير شرعية سواء على الفتاة المستقدمة او على رب العمل».
ويقول المحامي اللبناني «رولان طوق»، الذي يعمل منذ سنوات في قضايا العاملات، ان «نظام الكفالة يختلف تماما عن نظام العمل المعتمد في لبنان، كما ان نظام الكفالة يسقط مبدأ عقد العمل».
من شكاوى احدى الخادمات القادمات من افريقيا العنصرية! «حيث كان افراد الاسرة التي تعمل لديها يشتمون افريقيا كلما اخطأت في اعداد اي شيء، ويعيرونها بان هذه القارة ليس فيها الا الامراض». ومن شكاوى الاخريات عدم اخذ رواتبهن لمدة عشرة اشهر والاستغلال.
«ميريام» نفسها تتابع شاكية: «كنت احيانا اجبر على تنظيف منزل اخ رب العمل او بيت اهل زوجته مجانا، وليس لي الحق في ان ارفض ذلك. ممنوع علي التواصل مع احد او ارتياد مكان العبادة او الخروج من المنزل ابدا.. صرت مثل آلة بيد كفيلي».
احد الباحثين اللبنانيين يقول ان عاملات المنازل الاجنبيات في لبنان ثلاث فئات: فئة تعمل في المكان نفسه، ويحتفظ رب العمل بجوازات السفر ويحرمهن من التجول، وفئة العاملات بالتعاقد، وهؤلاء يعملن على حسابهن على ان يزودن الكفيل بمبلغ من المال شهريا، وفئة العاملات غير الشرعيات، واكثرهن خرجن من المنازل التي كن يعملن ويقمن فيها لاي سبب من الاسباب. (الشرق الاوسط، 2009/12/18). كان عدد العمال الاجانب في لبنان عام 2009 نحو مائتي الف، معظمهم من سريلانكا والفلبين واثيوبيا وبنغلاديش والنيبال ومدغشقر، وقد عمدت بعض هذه الدول منذ سنوات الى منع مواطناتها، كالفلبين ونيبال ومدغشقر، من المجيء الى لبنان، ولجأت بعض المكاتب الى استقدام الفلبينيات بطريقة غير شرعية. وكانت السفارة السريلانكية في لبنان قد لجأت لهذا المنع بعد وفاة مواطناتها وآسيويات اخريات «بطرق غامضة»، مما جعل منظمة «هيومن رايتس» تطالب الحكومة اللبنانية بالتحرك لتوضيح السبب الذي يكمن وراء عودة العاملات الاجنبيات الى بلادهن في توابيت، حيث لقيت 8 عاملات اجنبيات حتفهن في ظروف غامضة (الشرق الأوسط، 2009/12/18).
قضية العمالة المنزلية معقدة في لبنان كما هي الحال في الكويت والدول الخليجية وغيرها، ومن الصعوبة بمكان حلها في وقت قريب بسبب تعدد اطراف القضية او المشكلة، وتضارب مصالحها، كالخادمة والاسرة والكفيل واصحاب المكاتب والحكومة والسفارات. فمن يحمي حقوق الكفيل في الكويت مثلا في حالة لجوء الخادم الى سفارة بلاده، وهذه كذلك من شكاوى مكاتب الاستقدام التي تقول «نتضرر كثيرا بسبب هروب الخادمات وليس باستطاعتنا رفع دعاوى قضائية ضد السفارات». ومن مشاكل هذه المكاتب «ان هناك بالفعل خدما اخلاقهم سيئة ولصوص ونضطر لارجاعهم، ونلاحظ ان المكاتب في الدول الاخرى لا تقبل التعامل معنا مرة اخرى ان أعدنا لها حالة او حالتين».
وتتهم السفارات بانها تحمي الخدم ظالمين مظلومين، «ولو دخلت اي سفارة من السفارات لرأيت ان هؤلاء البشر هم البترول بالنسبة لها، وحتى لو كان العامل غلطان فهم يقفون معه %100، لان العمالة لديهم ثروة. بعض السفارات بدأت تعمل عمل مكتب الخدم بحيث أنها توزع العمالة على الناس ليعملوا عندهم وهذا طبعا مخالف للقانون، ولكن من يستطيع ان يكلم تلك السفارة؟» (الوطن، 2011/8/8) آخرون يهاجمون مكاتب استقدام الخدم، ويقولون ان بعضها يتفاوض مع العمالة الهاربة من المنزل لمضاعفة ارباحها. ويقول د.عادل الدمخي منتقدا، «ان المكاتب على صلات مع بعضها البعض، وتمارس ابشع الانتهاكات لحقوق الانسان مثل تشجيع الخدم على الاعمال المنافية للآداب». احد اصحاب المكاتب يلوم المواطنين الذين لا يراعي بعضهم محدودية قدرة الخادم والخادمة، وتتسلط كل الاسرة عليها بمطالبها في وقت واحد، ويضيف: «الناس في هذا الزمان تريد خادمة (فل اوبشن)، اي كاملة المواصفات مثل كمبيوتر مليء بالبرامج.. هؤلاء الخدم بشر، فلنقف ونفكر معا بالحالة النفسية التي يمر بها هؤلاء وهم خارج بلدانهم. فعلى الاقل يحتاجون الى اربعة اشهر لكي يتكلموا لغتك ويحتاجون الى شهر او اكثر لكي يتأقلموا على اطباع اهل البيت، وهذا طبعا دور الأم، ان تعلمها ولا تقسو عليها حتى لو اخطأت».

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك