إهمال ما تدعو المعارضة اليوم لملاحقته أكبر انتحار تقوم به الحكومة.. برأي الحساوي

الراي

نسمات  /  كلها 17 ملياراً.. ليش تشغلونا فيها؟!

د. وائل الحساوي

 

لا ينطبق المثل: (الحقران يقطع المصران) دائما على الواقع لاسيما امام الارقام الفلكية التي ذكرها النائب السابق (مسلم البراك) في ساحة الارادة، فهو لا يتكلم عن اخطاء بسيطة ولكنه يتكلم عن غسيل اموال بالمليارات من الدولارات، مدللاً على كلامه بنشر ارقام دقيقة للتحويلات بتواريخ محددة وحسابات بنكية معروفة. وأسماء تكاد تقفز من خلف الارقام!! وتحويلات إلى بنوك اسرائيلية ومن حقنا كمواطنين أن نتساءل: هل ما ذكره مسلم البراك صحيح ام أنه يكذب في دعواه؟! وهل تم تحويل 17 مليار دولار في حساب شخص وابنه خلال فترة قصيرة بأرقام التحويلات التي ذكرها مسلّم؟!

وإذا كان هذا الكلام صحيحا، فمن اين جاءت تلك المليارات، وهل هي اموال شخصية تخص تلك الشخصيات ام انها من غسيل الاموال ام انها اموال الدولة وكيف خرجت إلى حسابات اولئك الشخصيات ومن سهّل خروجها؟! وان لم يكن الكلام صحيحا، فلماذا تسكت الحكومة عن مسلم البراك وبقية اعضاء الحراك ولا تقاضيهم أو تنشر الردود على افتراءاتهم؟!

لو كنا في دولة حريصة على الحفاظ على المال العام ومحاربة سراق المال العام لما ترددنا في إلجام تلك الاصوات الشاذة واسكاتها، لكننا نعيش منذ سنوات طويلة في ظل نهب منظم لاموال الدولة، وسرقات متعددة ومشاريع فاشلة، ونعلم بانه لا توجد أي محاسبة لمسؤول كبير في الدولة، ولذلك ما لم تأتنا الاجابات السريعة على اتهامات البراك فاننا سنكون مضطرين لتصديق ما يقوله!!

لقد شاهدنا خلال الفترة الماضية هجمة شرسة على مغردين عبر (التويتر) واقفالا لصحف وقنوات فضائية بسبب نشرها لمواضيع نعترف بأنها بالغة الحساسية، لكن لماذا توقف الامر عند هذا الحد ولم يتخطه إلى ملاحقة ما سمته المعارضة بسرقة العصر؟!

ان اهمال ما تدعو المعارضة اليوم لملاحقته، والمراهنة على ضعف ذاكرة الناس هو اكبر انتحار تقوم به الحكومة، وقد شاهدنا ما حصل عام 2009 عندما استطاعت المعارضة اقناع الشارع بنزاهة مطالبها وكشفت عن حجم الفساد المستشري في مفاصل الحكومة ونزلت إلى الساحة لمحاسبة المفسدين ونحن لا نتمنى تكرار تلك التجربة لكننا نحذر من أن ما نعيشه اليوم من احباط على جميع المستويات يمهد لتكرار تلك التجربة بل وأكبر منها!!