لا أحد سعيد بما يجري في العراق مثل قادة سورية.. هكذا يعتقد خليل حيدر
زاوية الكتابكتب يونيو 15, 2014, 1:34 ص 822 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / 'دولة داعش'.. في العراق!
خليل علي حيدر
منذ أكثر من نصف قرن والعراق الحديثة في عذاب، ومن قمع إلى قمع، ومن استبداد الى استبداد، ومن فقر الى نهب، واليوم وبعد تجربة مريرة فاشلة مع التشيع السياسي، ها هي اليوم على وشك ان تقفز من المقلاة الى النار، وان تستبدل بالقيود الحديدية اربطتها التي حاولت منذ عام 2003 ان تتخلص منها.
فبلمح البصر هجم تنظيم «داعش»، أو ما يسمى بـ«الدولة الاسلامية في العراق والشام»، على مدينة الموصل، وهيمن عليها بعد ان هرب عنها ضباط وجنود الجيش العراقي الجديد! واصبحت هذه المدينة ذات المكانة الخاصة في العسكرية العراقية وفي تمثيل المكوِّن السني للشعب العراقي، منطلقا لاسقاط النظام القائم المتخبط في ادائه منذ سقوط نظام المقبور واعلان الدستور الجديد عام 2003، وجاء في الاخبار وسط اضطرابات عظيمة في العراق ومختلف مدنها، بعد ان هددت «داعش» باحتلال بغداد، ان هذا التنظيم لايزال يزحف على المناطق العراقية في الوسط والشمال والغرب، حيث سيطر على مدينة «تكريت»، مركز محافظة صلاح الدين والتي تصل وسط العراق بشماله، كما هاجم التنظيم مدينتي «سامراء» و«بيجي»، مؤكدا انه سيطر على محافظة نينوى كلها وأعلنها ولاية اسلامية.
وجاء في الاخبار كذلك ان «عناصر الشرطة تمكنوا من التخفي مع الاهالي النازحين باتجاه اقليم كردستان، وان القيادات الامنية استقلت طائرات مروحية، وفرت باتجاه العاصمة بغداد، عقب صدور امر الاخلاء».
ويقدر عدد مقاتلي «داعش» في سورية بين ستة وسبعة آلاف، وفي العراق بين خمسة وستة آلاف، وعلى الرغم من ان معظم قادة التنظيم يأتون ممن قاتلوا على جبهات اخرى ومن الخارج فان قائد داعش «أبوبكر البغدادي» عراقي من مواليد سامراء، ويهدف تنظيمه الغارق في التعصب المذهبي والسياسي والارهابي، والذي يقتل ويغتال الشيعة والسنة على حد سواء، الى توسيع مناطق نفوذه على جانبي الحدود السورية – العراقية، بهدف اقامة «دولة اسلامية» وربما بداية «مشروع خلافة»، وتضم دولته مبدئيا العراق وسورية ولبنان والاردن وفلسطين والكويت ولولا ان «اتفاقية سايكس بيكو» قسمت هذه المنطقة الى اقطار مستقلة، فلربما كان مقاتلو «داعش» يتجولون بسياراتهم ورشاشاتهم الثقيلة وجماعاتهم الارهابية في الكويت وبيروت وعمان يختالون ويقتل الواحد منهم من يشاء من الخصوم الكفار!
احد ابرز ضحايا داعش قبل احتلال الموصل كان قائد صحوة الرمادي «محمد خميس أبوريشة»، ابن شقيق الشيخ أحمد أبوريشة، رئيس مؤتمر صحوة العراق، واحد ابرز ابطال الشخصيات السنة في وجه القاعدة والزرقاوي وداعش وغيرها.
وقد تبنى تنظيم داعش اغتيال «أبوريشة» بعد ساعات من مقتله، وقال التنظيم في بيان يوم 2014/6/4 ان «الفارس أبومصعب المغربي» وهو الارهابي الذي قام باغتياله، «انطلق ملتحفا حزامه الناسف بالانغماس في مقر لاجتماع عتاة المجرمين ممن باعوا دينهم، غرب الرمادي، فيسر الله له الانغماس وسط جموعهم، فكبر وفجر حزامه الناسف مما ادى الى مقتل محمد خميس أبوريشة» (الشرق الأوسط 2014/6/5).
إحدى مآسي الوضع في العراق ان اهل السنة العرب فيها ممن لم يستفيدوا من فرصة سقوط النظام عام 2003، وبعد ان يئس الكثير منهم منذ فترة من حكومة رئيس الوزراء السيد المالكي، المنجرفة مع التشيع السياسي وحزب الدعوة والسياسة الايرانية، على وشك ان يسيروا مغمضي العينين، خلف تنظيم داعش، الذي سيقود العراق بدوره، سنة وشيعة، الى مذابح وكوارث، وصدامات في الداخل والخارج وسنوات من التأزم مع الجيران الخليجيين والعرب والايرانيين، وبخاصة ان معظم عناصر داعش من ضباط وجنود جيش صدام حسين، الباحثين عن الانتقام ورد الاعتبار.
واذا كان تحت تصرف وامرة التنظيم عناصر كثيرة لا تتردد في تفجير نفسها وتصفية خصوم داعش تقربا الى الله وطمعا في الجنة مثل «أبومصعب المغربي» المشار اليه، فان المأساة العراقية ومعاناة اهل السنة العرب في ظل «دولة العراق والشام» الاسلامية.. الى استمرار.
واذا كان العراقيون الذين ذاقوا الويل والعذاب منذ سنين، واغرقت محاولاتهم في التحرر بالدم والمتفجرات، فان داعش لن تخرجهم من هذا المستنقع، واذا كانت اوضاع المرأة والاقليات والحريات والديموقراطية والدستور قد تراجعت، فان تنظيم داعش و«أبوبكر البغدادي» والجماعات الارهابية آخر من يمكن ائتمانه على هذه المكاسب.
لا احد يشعر اليوم بالسعادة والراحة مما يجري في العراق، مثل قادة سورية بعد انطلاق جبهة جديدة في الموصل وبغداد!
تعليقات