عن 'داعش' وتغيير خريطة الشرق الأوسط!.. يكتب خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1795 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  'داعش' يقدم.. فاصلاً من الإرهاب

خليل علي حيدر

 

اشتعلت وسائل الاعلام العربية في الايام الاخيرة بحوادث العراق، وقيام تنظيم «داعش» الارهابي بمباغتة الموصل واحتلالها وتنفيذ اشنع الاعمال الارهابية فيها وبخاصة المذبحة العامة لاسرى الجيش، كما نشرت صورها.
«هذا ليس فقط زمن تغيير الخرائط في الشرق الاوسط»، يقول الياس حرفوش بحرقة في الحياة 2014/6/14 «انه ايضا زمن تغيير الشعوب واعادة كتابة الهويات».
الدنيا تنقلب في المنطقة فعلا!
«تأملوا مشاهد قوافل النازحين من قراهم ومدنهم عبر الحدود، من الموصل باتجاه الاقليم الكردي، من حمص والقلمون باتجاه مناطق عكار والبقاع في لبنان، من حلب وادلب باتجاه الاراضي التركية، ملايين البشر يتركون بيوتهم وارزاقهم ويهربون الى المجهول، يهربون من حكوماتهم ومن الظلم والقمع ومن الصواريخ والبراميل التي تهبط عليهم كل يوم، من حكومات جائرة اختارت ان تتمكن في الحكم بدل ان تعمل على رخاء الناس وحريتهم وحقهم في العيش الكريم».
سورية ستكون بوابة الفوضى العربية الكبرى المقبلة، يحذر الاعلامي جمال خاشقجي: «هذه الكارثة الكبرى نتيجة طبيعية لاهمال الحالة السورية طوال الاعوام الماضية، والآتي اعظم، فالعراق كما نعرفه انتهى تماما، ومن ثم كامل المنطقة».
لماذا سقطت الموصل بسهولة وسرعة، تساءل د.خالد الدخيل: «حتى اوباما بدا مأخوذا بهول المفاجأة وهو يتحدث من البيت الابيض.. النتيجة المدهشة لذلك ان الرئيس الامريكي اوباما يدعم المالكي في مواجهة داعش في العراق، ويعادي بشار الاسد، او هكذا يبدو، امام داعش نفسه في سورية! يتفق مع ايران في العراق، ويختلف معها في سورية هل هناك فرق بين داعش هنا وداعش هناك» (الحياة 2014/6/15).
بغداد، كتب نبيل ياسين في الحياة بعد يوم: «عاشت قلقا واضحا، شمل السنة والشيعة معا فالجميع عانى من الخوف والترقب، فليس هناك ما يجلب الاطمئنان لأي منهم اذا سقطت بغداد، على رغم ان المدينة تستطيع الصمود عسكريا بسبب احتياطي القوات فيها، لكنها سقطت اعلاميا سقوطا مدويا، العراق يملك اكثر من ثمانين فضائية لا تلتزم بمهنية ولا قانون ولا معايير، وتقود حروبا اعلامية حزبية تمهد لاشاعة الخوف والرعب فيه».
في تغريدة اعلن زعيم «داعش» أبوبكر البغدادي، قالت الحياة، «انه قرر العفو عن «مرتدي السنة» من القوات الامنية و«الصحوات»، وسيتم فتح مراكز لاعلان التوبة لاحقا، واصدر داعش «وثيقة المدينة» وفيها ثوابت وتعليمات لادارة شؤون الموصل»، واعلن التنظيم مصادرة الاموال التي «كانت تحت يد الحكومة الصفوية لصالح امام المسلمين، وان حقبة الدولة الاسلامية واميرها أبوبكر القرشي قد بدأت» (الحياة 2014/6/14).
هل ستنصف «ثورة داعش» اهل السنة في العراق؟
الدكتورة والكاتبة السعودية في الشرق الاوسط، «امل عبدالعزيز الهزاني» لها رأي مخالف وتقول: «الثورة على الظلم مشروعة، لكن الواضح ان سنة العراق لديهم مشكلة كبيرة وهي انهم صدقوا كذبة اخذهم لفرصتهم في المشاركة السياسية وحقوق المواطنة حينما كان صدام حسين يحكم العراق، كونه سنيا مثلهم»، وتضيف د.الهزاني ان القيادات السنية تركت مواقعها لحلفاء ايران، ثم تنتحب اليوم على سوء اوضاعها، وتضيف: «هي مرة وحيدة، سلك السنة مسلكا حكيما، حيث تبرأوا من تنظيم القاعدة الذي يدعى انه سني المذهب في عام 2006، عندما اقنع الراحل عبدالستار ابوريشة رحمه الله عشائر الانبار بتشكيل مجلس انقاذ لطرد التنظيم الارهابي الذين بات ينازعهم سلطتهم ويرفض ايديولوجيته المتطرفة عليهم، فكان بداية ما عرف بالصحوات» (2014/6/15).
الباحث والاكاديمي السعودي فهد الشقيران تحدث عن الذين يحاولون نشر «الثقافة الداعشية» في العالم العربي بمقال عنوانه «المضربون عن الحياة.. والداعون الى الموت»، فاتباع هذا التنظيم ومناصروه يكرهون الحياة ومباهجها، ويعلنون انتهاء نشاطهم على الارض واستعدادهم للرحيل والموت، ويضيف: «منذ ثلاثين سنة والمجتمع ضحية هؤلاء الجلادين الذين يسوطون الناس بالكراهية، بلغت الذروة مع جهيمان 1979، وصولا الى تيار الصحوة في الثمانينيات واوائل التسعينيات، ومن بعدها عانى المجتمع تنظيم القاعدة 2003 وما بعده، والآن تنفجر قصة «داعش» من حولنا، ويختتم الشقيران رؤيته باستنتاج من المستبعد ان يدرك الكثيرون مغزاه اذ يقول: «حين تهاونا في الفنون وفعاليات الفرح ومجالات تنمية الذوق والرؤية فنيا وثقافيا وفكريا، تغلغلت تلك التيارات» (الشرق الاوسط 2014/6/15).
في مواجهة الكارثة، أي كارثة يقول الاعلامي علي سالم «ابدأ بالدفاع عما تبقى لك، ثم تفرغ لبناء خطوط استحكامات لمنع العدو من التقدم، ستقدم داعش للعالم فاصلا من الوحشية تشعر هولاكو في قبره بانه كان رقيقا اكثر من اللازم، هذا هو ما سنراه ويراه العالم معنا، المالكي في مقال الكاتب جاسر الجاسر «نسخة شيعية من مرسي»، رئيس الوزراء العراقي الحالي، تميز بـ«القدرة على صنع الفوضى وتغذية الفرقة وتدمير المنجز، مرسي جاء بعد المالكي وغادر قبله، لكنه برهن قدرته على اختزال الوقت وقفز المسافات، لولا ان تداركه المصريون».
لماذا يصر المالكي على تمديد فترة حكمه ثالثة وربما رابعة وخامسة؟ وهل الذين حوله ينقلون اليه حقائق الامور منذ اعوام، ويصدقونه النصح؟ الصحافي الامريكي نيكولاس كريستوفر يروي تجربة من زمن صدام حسين فيقول: «في عام 2002 في عهد صدام نشرت مقالا لاذعا ضد صدام عندما كنت في العراق فاستدعاني مسؤول حكومي رفيع الى مكتبه في بغداد، وبينما كانت صورة صدام تحدق فينا، بدأ في وصلة تهديد، كان من الواضح ان هذا المسؤول لم يقرأ المقال كاملا بالفعل، لذلك طلبت من المترجم العراقي المصاحب لي قراءة المقال له باللغة العربية.
كنت ادفع للمترجم المصاحب لي اجرا يوميا مرتفعا، ولاسباب مالية لم يكن يرغب في ان اتعرض للطرد او السجن، لذلك عندما ترجم مقالي الى اللغة العربية تجاوز فقرات كاملة بعد ان افرغ المسؤول الحكومي غضبه، تركني اغادر بعد تحذير صارم، وتذكرت كيف تضلل الانظمة المصابة بجنون العظمة ذاتها».

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك