فوزية أبل: لهذه الأسباب أحب الجميع المعارض سامي المنيس!

زاوية الكتاب

كتب 762 مشاهدات 0


القبس

'المعارضة' بالنسبة إلى سامي المنيس

فوزية أبل

 

في مثل هذه الظروف الدقيقة التي يعيشها المشهد المحلي، نستذكر بكل اعتزاز السيرة المضيئة لأحد النماذج الوطنية في الحياة السياسية والنيابية في الكويت، وهي الذكرى الرابعة عشرة لرحيل المرحوم سامي المنيس، رحمه الله.

عرفت المرحوم سامي المنيس من خلال تعاملي المهني في أسرة تحرير «الطليعة»، ومن ثمّ نائبا لمدير التحرير. فرغم بعض اختلافي مع المدرسة السياسية والفكرية للفقيد فإنني تشرّفت بالثقة الكبيرة التي غمرني بها المرحوم، سواء في الجانب الصحافي أو السياسي أو الانتخابي.

صحيح ان الفقيد كان يعبّر عن فريق معارض، ولكن ليس بالمعارضة الفضفاضة أو بأسلوب التعسّف والتهديد والصوت العالي، ولم يكن من الذين يعملون على تصفية الحسابات من منطلقات ذاتية أو مصلحية. وصحيح انه كانت له مواقفه السياسية والنيابية المعارضة، ولكن كان متسلّحا بأخلاقيات العمل البرلماني وأصوله، وأدب الاختلاف، واحترام النظام، وهيبة الدولة ومؤسساتها.

فالمعارضة بالنسبة إلى سامي المنيس كانت تعني إيصال رأيه بطريقة راقية، ومحاورة الآخرين، ومحاولة إقناع الطرف الآخر بهذه أو تلك من الأفكار ذات الطابع الإصلاحي أو الإنمائي.

سامي المنيس كان رمزا لأصحاب المبادرات القيّمة القائمة على ترسيخ الحوار، واعتماد أسلوب المناقشة الهادفة والرصينة، وبعيدا عن رفع السقف في الكلام وفي الخطب السياسية، سواء داخل مجلس الأمة أو خارجه.

وكان يمدّ يدّ التعاون مع زملائه في مجلس الأمة، بمسطرة واحدة وفق المصلحة العامة وخدمة قضايا البلد. لذا، كانت طروحاته تقابل بالاحترام. وبذلك، كان يعمل على ترسيخ دور مجلس الأمة كمؤسسة تشريعية ورقابية.

ومن هذا المنطلق، حافظ المنيّس على علاقات متينة ووثيقة مع مختلف الفئات الاجتماعية والقوى السياسية. أحبّه الجميع حتى من كان يخالفه الرأي والفكر.

وكان صاحب كلمة، وفيا بوعوده ووفيا لأصدقائه، ووفيا لقواعده التي طالما كانت سندا له في معركته الانتخابية، ومرتكزا لمسيرته النيابية والوطنية.. فهذه الكاريزما الشعبية التي تميّز بها المرحوم افتقدها التيار الوطني بعد رحيله. بل وأثّرت فيه سياسيا وانتخابيا.

وكان مثالا للتجرّد السياسي، وأبرز مثال على ذلك انضمامه إلى تجمع «الوفاق الوطني»، فقد لبّى دعوة التجمع، رغم تخوّفه من أن تكون توجّهات اللّجنة مخالفة لقناعاته، فلقاءاته مع بعض التيارات السياسية والشّخصيات سبّبت له انتقادات من المقرّبين، لكنه استمرّ في هذا النّهج، إيماناً منه بأنه لا بديل عن التعاون مهما تكن الخلافات.

وقد شكّلت إجابات وزير الأوقاف عن الأسئلة البرلمانية المقدّمة من المنيس والمتعلّقة بأموال العمل الخيري مرحلة مهمّة وفاصلة في تنقية العمل الخيري في الكويت.

سامي المنيس قيمة وطنية، تعلمنا منه حب الوطن وخدمته، ومعنى المبدأ ونظافة اليد، والتسامح السياسي وقبول الآخر، وان نمدّ يدنا للمصلحة العامة، ونسمو على أي خلاف عندما يقترب أو يمسّ هيبة الدولة ومؤسساتها أو أركانها.

كم نفتقدك ونفتقد أمثالك!

رحم الله سامي المنيس، وأسكنه فسيح جناته.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك