هل صار التغيير مستحيلاً؟!.. سؤال تطرحه وتجيب عنه نادية القناعي

زاوية الكتاب

كتب 578 مشاهدات 0


القبس

شعار التغيير

د. نادية القناعي

 

فرويد يقول إن أغلب البشر من الوحوش، ربما توصل الى هذه النتيجة بعد طول سنين من التحليل النفسي، لا أستطيع الجزم بصحة ما توصل إليه، فهناك مليارات من البشر، لكن هل حقّاً أن الصالح يبقى صالحاً، ويبقى الشر شرّاً كما قال الشاعر خليل مطران؟!

هل يعني أن التغيير صار من المستحيل، فالإنسان يبقى على سجيته التي جُبل عليها وكبر معها مهما كانت المواجهات مع الحياة؟! لا أعتقد أن استبدال الجوهر وقلب الطباع أمر من الخوارق، إلا ما كان هناك ما يسمى طريق عودة، ولا أبواب مفتوحة لاستقبال أشخاص يسعون ليكونوا أناساً مختلفين عمّا كانوا عليه.

التغيير ليس ضرباً من «الفانتازيا» ولا حكاية من الأساطير، لكنه رحلة شرسة وحرب مع الذات، ومناوشات ضد الطباع، فكما يُقال «الطبع يغلب التطبع». فِعليا سيغلب الطبع التطبع إذا كان الشخص لا يملك رغبة حقيقية لتشكيل طباع يتمنى أن يتطبع بها وترْك طباع، طالما تعثر بها، والعكس صحيح. يعني ماذا؟! يعني أن كل شخص يستطيع أن يكون كما يريد، لكن يحتاج روحاً قادرة على التحمل، ونفساً قابلة للتبدل، وعقليةً تمنّي النفس بالصبر، وطريقاً مسافته ملايين الكيلو مترات من الكمد المتواصل، لهذا نجد أن الكثيرين قد تراجعوا ولم يستطيعوا التغيير وعادوا إلى حيث كانوا، وبما أن الأغلبية لا تحتمل مشاق التغيير أصبح من الحكمة أن نعتقد أن الإنسان لا يتغير، فهو محصلة وراثة وتصنيع من البيئة التي عاشها في الطفولة، والظروف التي واجهها لاحقاً.

كل إنسان بداخله مساحة جرداء من الخير والشر، وفي كل يوم منذ ولادته ترمي الحياة بذرة في إحدى هذه المساحات، فإن كانت صيغة الحدث ضمن «اليوتوبيا» فستثمر ضمن مساحة الخير، وإن كان الحدث من «التوليتارية» سيثمر في دواخله شرّاً، فيصبح هناك ثنائية الخير والشر والغلبة للمساحة الطاغية بثمارها.

لكن هذا لا يعني حكما مطلقا على الشخص، فإن كان فعلاً ذا إرادة فسيقتلع الشر، ويحافظ على مساحة الخير الذي فيه ويزرع فيها محصولا إضافياً.

سابقاً، كنت أعتقد أنه إذا عصفت الرياح بالإنسان فإنه لا بد أن يعود الى جوهره الحقيقي الذي كان عليه قبل التغيير، فكنت أؤيد الشاعر خليل مطران بما قاله، لكن الآن أؤمن بأن الجوهر ممكن أن ينقلب مع الإرادة الحقيقية والعقل الجموح، قد يكون أمراً صعبا جدّاً، بيد أنه ليس بالبعيد.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك