أسعار النفط في 2015 بين الترقب والأمل في تعويض خسائر 2014
الاقتصاد الآنديسمبر 30, 2014, 5:57 م 458 مشاهدات 0
في الوقت الذي يلفظ فيه عام 2014 أنفاسه الأخيرة يترقب العالم لاسيما الدول المنتجة للنفط وصول عام 2015 على أمل أن يصلح ما أفسده سابقه من خسارة تقدر بنحو 50 في المئة من سعر برميل النفط.
وعلى الرغم من ان كان عام 2014 يعد العام الأسوأ في تاريخ الدول المنتجة فإن المعطيات السوقية لا تنبئ بعودة الاسعار إلى سابق عهدها سريعا بل ربما تشهد تراجعا محدودا خلال النصف الاول من 2015 بسبب تراجع الطلب الموسمي على النفط لاعتدال المناخ وقلة النشاط في قطاع النقل بفروعه المختلفة.
وتشير التقديرات لعدد من الهيئات الدولية المعتبرة والمحللين والمتخصصين الى أن سعر نفط خام الاشارة مزيج برنت والذي يدور حاليا في فلك 55 - 60 دولارا للبرميل سيكون (متوسط) سعره خلال 2015 بين 70 و75 دولارو للبرميل في حين يتراوح سعر الخام الكويتي بين 60 و65 دولارا.
وربما تظل العوامل السياسية تؤدي دورا محوريا في اسعار النفط خلال عام 2015 حيث من المرتقب ان يعقد في بداية النصف الثاني منه الاجتماع الدولي بشأن الملف النووي الايراني واحتمال انتهاء ازمة العقوبات المفروضة على ايران.
وعلى وقع انخفاض الاسعار التي من المرجح ان تزداد مع النصف الاول يتوقع كثير من المحللين والمتخصصين اتخاذ منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) قرارا مغايرا لاجتماعها الاخير في 27 نوفمبر الماضي وذلك بخفض انتاجها في الاجتماع المقرر له يونيو 2015.
وفي تقييمه للعوامل المؤثرة في اسعار النفط عام 2015 قال الخبير في استراتيجيات النفط والغاز رئيس شركة الشرق للاستشارات البترولية الدكتور عبدالسميع بهبهاني لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان العامل الغالب المشاع المؤثر على أسعار النفط في عام 2014 هو قرار (اوبك) بعدم خفض انتاجها من النفط والبالغ أكثر من 30 مليون برميل يوميا بما يعادل نحو ثلث الانتاج العالمي إضافة الى العامل الجيوسياسي وزيادة الانتاج من النفط الصخري.
واضاف بهبهاني ان هذه العوامل اضافة الى الشعور العام بان هبوط اسعار النفط الخام بمقدار 49 في المئة لا يبشر بتعافيها بقدر ما يتوقعه المنتجون للنفط موضحا ان ذلك كله جعل المحللين يشككون في قدرة (أوبك) كمنظمة متجانسة منذ 1962 على التحكم في الاسعار وتحجيم النفط الصخري رغم ارتفاع تكلفة انتاجه.
واشار الى انه لا يمكن تقييم المؤثرات الأساسية على أسعار النفط في 2015 دون النظر إلى المؤثرات في 2014 ومدى تأثيرها في أسعار عام 2015 موضحا أن في مقدمة هذه المؤثرات لابد من الحديث عن منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) ومدى تجانس اعضائها.
واوضح أنه رغم قرار (اوبك) برفع انتاج حصتها السوقية (الكوتا) من 25 مليون برميل يوميا الى 30 مليون برميل يوميا - وذلك في الربع الرابع من 2011 - فان فائض انتاج (اوبك) اليومي فاق هذا المعدل حيث بلغت زيادة الانتاج فوق ال(كوتا) نحو 900 الف برميل يوميا بفائض بلغ أكثر من مليوني برميل عن حاجة السوق على مر السنوات الاربع الاخيرة (2011-2014) مبينا ان هذه الزيادة اثرت في الاسعار بنسبة غير مهمة.
وبحسب تقديرات المحللين فإنه إذا ما أقدمت (اوبك) على خفض انتاجها من 30 مليون برميل يوميا (الانتاج المعلن) إلى 28 مليون برميل فمن المفترض ارتفاع اسعار النفط بين 5 و10 دولارات للبرميل لكن هذا القرار يظل صعبا لخشية المنظمة من فقدانها لحصص سوقية لصالح دول من خارجها بيد انه قرار متوقع من شأنه أن يعيد مؤشر الاسعار للارتفاع ثانية في النصف الثاني من 2015.
ويظل النفط الصخري (اللاعب الجديد في السوق النفطية) طرفا مؤثرا في 2015 بعد أن تسبب في زيادة المعروض في السوق بنحو 4 ملايين برميل وفق تقديرات عالمية كانت سببا رئيسا في انخفاض الاسعار بعد أن توقفت الولايات المتحدة - المنتج الاكبر للنفط الصخري والمستهلك الاكبر للنفط في العالم - عن استيراد حصة كبيرة من السوق. وبشأن تهديد النفط الصخري اكد الخبير بهبهاني ان 'تهديد انفجار هذا النوع من الوقود الاحفوري شكل هاجسا لقيادات دول (اوبك)' حيث أعلنوا صراحة ان التهديد قادم من زيادة انتاج النفط الصخري والبالغة حوالي اربعة ملايين برميل يوميا وان تحجيمه يكون عن طريق خفض الاسعار لتنعدم الجدوى الاقتصادية لإنتاج برميل النفط الصخري عالي الكلفة والبالغة بين 60 و70 دولارا.
وكشف بهبهاني أن تطلعات (اوبك) بشأن تحجيم النفط الصخري صعبة المنال لافتا الى ان منتجي النفط الصخري استطاعوا التكيف مع انخفاض اسعار النفط بعد خفض كلفة الانتاج للنفط الصخري بنحو 30 في المئة نتيجة التطور التكنولوجي المستمر يوميا في طرق انتاجه والمبني على العلم والدراسة والبحث والتحليل وانخفاض اسعار المعدات والمواد الخام المستخدمة في الانتاج.
وافاد بأن الاستثمارات المستقبلية المتوقعة بحسب (وكالة الطاقة الدولية) في النفط والغاز الصخري في عام 2015 ستبلغ نفس حجم الاستثمارات في 2014 والبالغة (135 مليار دولار) وربما تقل عن ذلك بنسبة 1.5 الى 3 في المئة فقط.
وذكر ان هذا الانخفاض لا يعكس التأثر بانخفاض الاسعار الذي فاق 49 في المئة مشددا على ان الرهان على توقف او انخفاض مؤثر للزيت الصخري غير وارد في 2015 موضحا ان المتوقع زيادة الطلب على النفط في حدود 900 الف برميل يوميا في 2015 حسب وكالات الطاقة.
وقال 'اشك في ان يرتفع هذا الرقم - زيادة الطلب على النفط في حدود 900 الف برميل يوميا في 2015 - لوفرة المخزون وثبات مستوى الطلب على وقود السيارات لتطورها وتحول الناس الى المواصلات العمومية' موضحا ان العرض من خارج (أوبك) سيزداد الى 35ر1 مليون برميل يوميا لكن 65 في المئة منه مستهلك من الدول المنتجة.
ولفت بهبهاني الى ان تصدير النفط الامريكي خارج الولايات المتحدة أصبح حلما (يمكن تحقيقه) يراود المشرعين في الكونغرس الامريكي بضغط من المنتجين ودعم الحزب الديمقراطي لافتا الى ان هذا الطموح يخلق صراعا بين المنتجين وملاك مصانع تكرير النفط في الولايات المتحدة وهو ما يسبب صراعا بين الاحزاب الامريكية 'ولا اخال الجمهوريين يرضون بذلك'.
ولاشك ان الجانب الجيوسياسي سيلقي بظلاله على اسعار النفط خلال 2015 وخصوصا الاحداث في مناطق الصراع الملتهبة في منطقة الشرق الاوسط والتي وان كان حضورها ليس قويا في عام 2014 كما في عام 2014 الا ان تأثيرها لا يمكن تجاهله.
وعن هذا الجانب يقول بهبهاني ان ازمات بعض الدول الاعضاء في (اوبك) كفنزويلا والعراق وردود افعال دول غير اعضاء كروسيا والانفراجة التي تلوح في الافق لرفع الحصار الاقتصادي عن ايران سيكون الطرف الاهم في معادلة اسعار النفط لسنة 2015.
واوضح أن تلك الأزمات في الجانب الجيوسياسي ستخلق حالة التذبذب في الاسعار مؤكدا انها ظهرت بوضوح عندما غيرت وكالة الطاقة الدولية منحنى الطلب المتوقع على النفط للربعين الثالث والرابع من 2015 لسبع مرات نزولا من 05ر94 مليون برميل يوميا الى 3ر93 مليون برميل في نهاية عام 2015.
واكد ان ذلك يعكس الغموض السياسي وليس ما يتعلق بعامل العرض والطلب ويحتمل ان يكون العامل السياسي هو الاهم في الضغط على (اوبك) للتجانس ومن ثم الى الاستقرار النسبي للنفط 'ولا ارى المنطق الاقتصادي يؤيد جدوى الانخفاض في اسعار النفط فان كانت الدول مالكة الصناديق السيادية العالية ومنتجة النفط بكلفة بسيطة تتحمل حدة الانخفاض فلا اتصور انها تتحمل مدة الانخفاض'.
ويبقى الأمل لدى الدول المنتجة معقودا على عام 2015 ليكون بداية جديدة لصعود اسعار النفط اذ ان هذه ليست المرة الاولى التي تتدهور فيها الاسعار بمستويات قياسية حيث سجلت أسعار نفط برنت 14ر128 دولار للبرميل في 13 مارس 2012 بفعل التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ثم ما لبثت الأسعار أن اتخذت مسارا تنازليا لتصل إلى 68ر88 دولار للبرميل في 25 يونيو 2012.
كما ان الشيء ذاته حدث في عام 2008 بعد أن سجلت أسعار نفط خام برنت متوسط 95ر143 دولار للبرميل في 3 يوليو 2008 ونتيجة لحاله الكساد والأزمة المالية التي عصفت بالعالم آنذاك وانخفاض الطلب على النفط وارتفاع المعروض انخفضت أسعار النفط لتصل خلال أشهر إلى 16ر34 دولار للبرميل في 29 ديسمبر 2008.
فهل يتحقق فعلا ما ترجوه الدول المنتجة ويعوض العام الجديد الانهيار الشديد للأسعار في عام 2014 والذي انخفض فيه سعر برميل النفط الكويتي من 91ر108 دولار للبرميل في مايو الماضي ليصل الى 90ر52 دولار يوم أمس وفقا للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية؟.
تعليقات