يكتب سامي الخرافي: الصدق منجاة!

زاوية الكتاب

كتب 1387 مشاهدات 0


الأنباء

جرس  /  الصدق منجاة

سامي الخرافي

 

قرأت بالمصادفة في أحد الكتب رواية تلك المرأة مع طفلها، عندما رآها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تنادي طفلها لتعطيه شيئا ما فسألها الرسول عما أرادت أن تعطيه، فقالت: تمرا، فقال لها: إن لم تفعلي ذلك كتبت عليك كذبة.

لقد صدمت كثيرا بما نفعله مع أطفالنا منذ الصغر بتعليمهم الكذب على أصوله ويتربون عليه لتكون عادة بالنسبة لهم مستقبلا، فعلى سبيل المثال هناك أمر قد فعلناه مع أطفالنا كثيرا أن نقفل أيدينا ونقول لهم: تعالوا سنعطيكم شيئا ويأتون فرحين بما سوف يحصلون عليه ولكنهم يفاجأون بأن أيدينا فارغة ونحن نضحك بما فعلناه بكذبنا عليهم، ونكذب أيضا عندما نقول للطفل من هو الذي سرق أو كسر.

ونقول له: إذا قلت الصدق فسنسامحك وعندما يقول الحقيقة يتلقى ضرب «سنة بساعة» فيتعلم الكذب حنى يهرب من أي عقاب قادم ونحن السبب في ذلك.

إن الكذب الذي يمارسه الكثير في حياتهم اليومية يتخذ أشكالا مملة ومنفرة، فتجد في بعض الدواوين من يعرف باسم «بوشلاخ» لكثرة الكذب الذي يمارسه بكل سعادة من أجل جذب انتباه الآخرين ولهذا اصبح مطلوبا أينما ذهب لأنه يعتبر بالنسبة لمن يستضيفه «ملح القعدة» لأنه كذاب.

النصابون وما أكثرهم الذين يدعون أنهم قادرون على تحويل البحر طحينا من كثر ما هم فنانون بالكذب فيخدعون الناس بكذبهم المعسول ويقعون فريسة لهم، ويستولون على أموالهم ولكن بعد أن يقع الفأس بالرأس وهروب النصاب الذي هو الكذاب.

إن الكذب أيا كانت صورته يظل كذبا مهما تمت تسميته بأسماء حديثة ولا يتسع المجال في هذه المقالة من ذكرهم، فتجد صاحب المظاهر هو كذاب لأنه يخدع الناس بأنه غني وهو في حقيقة الأمر حافي منتف، والذي يحلف بالله كذبا في كل أمر ليثبت أنه صادق فمثلا الذي يبيع سيارته أو بضاعته.

فهذا الحلف يسمى بـ«الحلف الغموس» الذي يغمس صاحبه بالنار، وهناك الكاذب الذي يطلق الشائعات ويهدف لعمل الفتنة والبلبلة من أجل إثارة الفوضى وعدم الاستقرار، وكذلك من يعطي الوعود بأنه سيفعل ويفعل ولا تشاهد ذلك على ارض الواقع ولكنه يخدع الآخرين فهو كذاب «بوطير» بإعطاء أحلام وأمنيات ولكن «اقبض من دبش»، ويذكر لي أحد الأصدقاء أن إحدى «الخطابات» قد قالت لابن عمه: أنها رأت امرأة غاية بالجمال فلما رأها انصدم بأن تشبه أحد أبطال مسلسل «كوكب القردة» إنه الكذب من أجل الحصول على المال.

علينا مهمة شاقة في تعليم وترسيخ مبدأ الصدق في أنفسنا وبأولادنا لكي ينصلح المجتمع فالصدق منجاة لكثير من الأمور، وتحضرني قصة بأن بعض الظالمين كانوا يلاحقون شخصا مظلوما فدخل ذلك المظلوم عند بيت أحدهم فجاء إليه المظلومون فسألوه هل عنده فلان؟ فأجابهم إنه بالداخل، فذهبوا وتركوه، فقال له لماذا أخبرتهم بأنني بالداخل فقال له ألم تعلم أن الصدق منجاة، فلنكن كما يحب أن يرانا الله سبحانه وتعالى بأن نكون من الصادقين، ونجالس الصادقين، فالصادق بالتأكيد يحبه الناس ويسعدون بالجلوس معه لأن كلامه مريح للنفس، كما أن الصادق ينجيه الله بصدقه من كل سوء، اللهم اجعلنا من عبادك الصادقين، اللهم آمين.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك