هيلة المكيمي تحذر من تنامي ظاهرة طلبة التسلسل فى الجامعة الذين نالوا الثانوية من دول مجاورة وتعتبرهم شبه أميين

زاوية الكتاب

كتب 962 مشاهدات 0


 



تسلسل نورية
د. هيلة حمد المكيمي 

قدم الى مكتبي اثنان من طلبة الجامعة من غير طلبتي في قسم العلوم السياسية بل ان احدهما طالب في كلية الحقوق والآخر

في كلية العلوم الادارية حيث أبديا رغبتهما في الحديث عن التعليم بصفة عامة الى ان فوجئت بسؤال من قبلهما يطلبان فيه

وجهة نظري حول ظاهرة جديدة آخذة في التزايد في قطاع التعليم العام والتي تعرف «بطلبة التسلسل»!! وبطبيعة الحال

لم يسبق لي ان سمعت عن هذه الظاهرة ولهذا حرصت على نقلها لزملائي في القسم الا ان أيا منهم لم يسمع عنها من قبل.

ولهذا السبب توجهت بالكتابة حول هذه الظاهرة وهي موجهة بصفة مباشرة لوزيرة التربية والتي قد لا يكون بالمستغرب انها

هي ايضا لم تسمع عن هذه الظاهرة، ولكن في حال صحت المعلومات التي نقلت لي من هذين الطالبين، فذلك يحتاج لتحرك

سريع من قبل الوزيرة لوقف نزيف التعليم العام في الكويت والذي ان فشلت في ايقافه فقد نصل في يوم ما الى حالة من الوفاة

لن تجدي بعدها قبل الحياة.

يقول هذان الطالبان من ابناء القبائل الغيورين على التعليم ان طلبة التسلسل، هم طلبة فشلوا في انهاء الثانوية العامة في

الكويت لصعوبتها - مع العلم ان مستوى الثانوي تم تخفيضه خلال السنوات الماضية بفعل ضغوطات شعبية وسياسية

ليتماشى مع المستوى المتواضع للتعليم بصفة عامة ما يعني ان هذه الفئة التي ترى صعوبة هذه المرحلة هي من أشباه الأميين

في الواقع - دفع ذلك الفشل هؤلاء الطلبة الى اللجوء الى بعض المدارس الخاصة لمرحلة الثانوية في احدى الدول

المجاورة التي لا تقر السقوط في مادة الانكليزي بدعوى ان «لاسقوط في لغة الكفار»، كما ان تلك المدارس الخاصة لا

تخضع الى مراقبة دقيقة من قبل وزارة التعليم ما يسمح بان تلعب العلاقات الشخصية دورا كبيرا ما بين هؤلاء الطلبة

والقائمين على تلك المدارس. فالطالب لا يحضر الا اسبوعا واحدا فقط في السنة لأداء الاختبارات النهائية، ويتساءل هذان

الطالبان «ان دراسة أربع سنوات بحضور اسبوع واحد يعني ان الحضور خلال تلك الفترة لا يتعدى الأربعة اسابيع في أربع

سنوات وبالتالي فهل من الانصاف ان يتساوى الطالب الذي واظب على الحضور الدراسي طوال الاعوام الاربعة مع طالب لم

يحضر سوى أربعة أسابيع !!!» بل يأتون بمعدلات تفوق معدلات أقرانهم من خريجي ثانوي الكويت بفعل العلاقات

الشخصية مع القائمين على تلك المدارس الخاصة.

يقدّر هذان الطالبان أن اعداد طلبة التسلسل في الأعوام الماضية لا تتعدى البضع مئات، الا انها زادت هذا العام لتصل الى ما

يقارب 1200 طالب منهم من يلتحق بجامعة الكويت وآخرون يعدلون وضعهم في مختلف الوزارات، ومن المتوقع ان تصل

الاعداد السنة القادمة الى مايقارب الـ 3 آلاف طالب، وما يعني ان الظاهرة آخذة في التزايد بعد ان علم الكثيرون تهاون

الوزارة في قبول وتصديق شهادات التسلسل، بل يقدر طالب الحقوق ان من بين الطلبة المستجدين الذين وصل عددهم الى

170 طالبا، هناك ما لا يقل عن 50 منهم من طلبة التسلسل!!! يأخذون مقاعد غيرهم من الطلبة الذين واظبوا على

دراسة منتظمة في بيئة طبيعية للتعلم.

وقبل ان يطرق بابي هذان الطالبان الغيوران، توجها الى أحد اعضاء اللجنة التعليمية في البرلمان الذي عرف بحملته

الاعلامية الدائمة حول التعليم والتعليم العالي... الخ ولكن أتى رده باهتا حيث ألقى باللوم على أساتذة الجامعة الذين

يساعدون هؤلاء على النجاح، ولكن في هذا السياق أود ان أوضح للسيد النائب بان قدوم مثل هذه الظاهرة في الجامعة يسهم

في الهبوط العام في مستوى التعليم والتدريس والمواد المقررة، بل ان حديث هذين الطالبين عن ظاهرة زملائهم من طلبة

التسلسل قد يسهم في ايضاح بعض جوانب صورة هبوط التعليم..

فلطالما تساءلت عن أسباب قدوم بعض الطلبة من أشباه الأميين ما يرغم استاذ الجامعة على تبسيط وتخفيض الكم الدراسي

والذي قد يؤدي في يوم ما الى انهيار كامل لمنظومة التعليم العالي في حال ان لم تؤخذ قرارات حاسمة وجادة في ايقاف مثل

هذه الظواهر العبثية. اما اذا كان هذا النائب لديه امتداد قبلي يخشى ان يؤثر على حساباته الانتخابية في حال ان أثار تلك

القضية،.

فليعلم ان ليس كل أبناء القبائل يقبلون بهذا التسيب فهم كويتيون قبل وبعد كل شيء، بل ان اول من دق جرس تلك الظاهرة هما

هذان الطالبان من أبناء القبائل اللذان قدما الى مكتبي لاعلامي بتلك المصيبة.

لست ضد دراسة أبنائنا في دول الخليج المجاورة، بل هي تجارب تساعدنا على حمل الهم العام للمواطن الخليجي ولكن لابد

من ان تكون وفق لوائح ونظم واضحة تسهم في تعزيز المواطنة الخليجية. اذا صح الحديث عن قدوم آلاف من طلبة هذه

الظاهرة الخطيرة، أرى ان الوزيرة لا بد ان تأخذها بكل جدية، فنحن لم نعد نحتمل المزيد من نزيف التعليم.


 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك