العصبية القبلية لا يمكن أن تتصاعد في المجتمع المتمدن التعددي!.. برأي خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب فبراير 8, 2015, 12:58 ص 950 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / العصبية القبلية أشد خطراً
د. خالد عايد الجنفاوي
تشير العصبية القبلية, وفق أحد المصادر, إلى وجود “شعور قوي بالهوية القبلية وولاء الشخص لقبيلته أو مجموعته” (المعاني-لكل رسم معنى), ولعل ما يضايقني شخصياً حول ظاهرة العصبية القبلية ونزعتها الاقصائية, واعتناق ولاءاتها وسلوكياتها, هو عدم تطابقها مع المجتمع الديمقراطي والمدني المعاصر. فلا يمكن, في أي حال من الأحوال أن تتصاعد نبرة العصبية القبلية في سياق مجتمع متمدن وتعددي, وذلك بسبب تعارضها مع المسؤوليات والواجبات الوطنية التي يشترك فيها أعضاء المجتمع المتنوعون عرقياً ومذهبياً واحياناً دينياً. ولا يمكن إرغام الآخرين على قبول النتائج المتوقعة للإقصائية القبلية في مجتمع تعددي, ولا يمكن كذلك إِذكَاءُ الشعور بالاستعلاء القبلي تجاه أعضاء المجتمع الآخرين الذين يتشاركون مع مواطنيهم في نفس المسؤوليات والواجبات الوطنية, ويتمتعون بنفس حقوق المواطنة.
ما هو مؤسف حقاً ان البعض القليل من الجيل الجديد يحاولون قدر ما يستطيعون إبراز ثقافتهم القبلية وتضخيم دلالاتها السلوكية الاقصائية في مجتمع ديمقراطي ومتعدد, فلا ضرر مثلاً أن يقر أحدهم بانتمائه العرقي لقبيلة معينة, ولكن لا يحق له المحاولة قسراً إضفاء الطابع الثقافي القبلي ليحل مكان الطابع الثقافي المحلي الوطني. أعتقد أنه ربما تكون العصبية القبلية أشد خطراً من الظواهر الاقصائية المشابهة لها مثل الطائفية والطبقية, وذلك لأن النزعة القبلية السلبية تُبعد من يتبعها, وبشكل ملاحظ, عن معانقة ثوابته الوطنية, وربما تمنعه أيضاً من المشاركة البناءة في التجارب الإنسانية العامة في مجتمعه الوطني. أنتمي كفرد حر ومستقل وكمواطن روحياً وشعورياً وثقافياً وأخلاقياً لمجتمعي ولوطني وليس لشيء آخر لم آلفه منذ الصغر, ولم يتوافر لي فيه أصلاً حق الاختيار. فالانتماء العرقي القبلي فطري, لكنه لا يحتم علي كفرد حر ومستقل أن أنسلخ من ثقافة مجتمعي الوطني الذي ولدت ونشأت وتربيت وتعلمت فيه, فالوطن هو الذي يوفر مقومات النجاح الإنساني, ولا علاقة للقبيلة والطائفة بالتنشئة والتربية الاجتماعية العامة, التي تحدث في نطاق الوطن ويشترك فيها كل أعضاء المجتمع بتعدد منابعهم.
الوطن والمجتمع ومؤسساته المدنية والحكومية والمجتمعية لهم الفضل, بعد الله عز وجل, في توفير مقومات النجاح الفردي والاجتماعي في البيئة المحلية, ولا دخل للقبيلة أو للطائفة في مدى استفادة عضو المجتمع مما يقدمه له مجتمعه الوطني من حقوق ومقومات المواطنة. فمحاولة إعلاء شأن السمات السلبية والاقصائية من الثقافة القبلية, بدلاً من الانتماء الوطني سلوك وتصرف متناقض ومفارقة تاريخية واضحة.
تعليقات