شخنا وأصبحنا خارج دائرة الاعتبار والمنافسة!.. وليد الرجيب مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 478 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  عندما تشيخ الحكومات والدول

وليد الرجيب

 

لا تزال اللجان المختصة في المجلس الأعلى للتخطيط، تعكف على الانتهاء من مشروع الخطة الإنمائية للسنوات 2015 – 2020، حيث بينت نتائج متابعة الخطة الإنمائية السابقة ونتائج تقييم الأداء التنموي، العديد من المعوقات الإدارية والمؤسسية، التي أثرت سلباً على مستويات إنجاز وإنفاق مشروعات خطط التنمية، وتؤكد النتائج أن التحديات المتراكمة التي تواجه دولة الكويت ستتعمق أكثر، وستتضاعف تكاليف إصلاحها وتستنزف مقدرات الدولة.

وفي هذا الصدد انتشرت بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، مقالة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التي نُشرت في الشرق الأوسط 4 فبراير 2015، التي كتبها تحت عنوان «الدول بين الابتكار أو الاندثار»، بعد أن صنف الكتاب الأخير للتنافسية الدولية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية بسويسرا، حكومة الإمارات على أنها الأكثر كفاءة عالمياً.

ويفسر الشيخ محمد بن راشد ذلك:«أن السبب الرئيس لتفوق أدائنا الحكومي، هو أننا خلال سنوات طويلة لم نتعامل مع مؤسساتنا الحكومية على أنها جهات حكومية، بل على أساس أنها مؤسسات خاصة تنافس القطاع الخاص، وتعمل بعقليته نفسها، وتتبنى أفضل ممارساته، وتقاس أعمالها وخدماتها بمعاييره نفسها، بل ذهبنا أبعد من ذلك وبدأنا نقيس سعادة متعاملينا، ونصنف مراكز خدماتنا وفق أنظمة النجوم الفندقية المتعارف عليها عالمياً، وأثبتت التجربة نجاحها، حيث ارتفع أداء مؤسساتنا وحققنا الكثير من أهدافنا».

وتساءل محمد بن راشد تساؤلاً منطقياً، يجب التفكير فيه ملياً وهو:«هل تشيخ الحكومات والدول وتتأخر مع مرور الزمن؟ هل تبدأ قوية وتكبر ثم يأتي من يزيحها من مراكزها فتتراجع ويقل نموها حتى تخرج من دائرة المنافسة؟» ويجيب عن التساؤل بقوله:«نعم الحكومات تشيخ، وتشيخ معها دولها وشعوبها أيضاً، وتتراجع أهميتها ويقل تأثيرها فتصبح خارج دائرة المنافسة والاعتبار، أو لنقل بعبارة أخرى خارج دائرة التاريخ».

أليس هذا ما حدث لنا؟ كنا دولة فتية بحكومة حيوية مجددة، ثم شخنا وتراجعنا وأصبحنا خارج دائرة الاعتبار والمنافسة، مررنا بفترة نهضوية قصيرة وبدأنا ببناء دولة المؤسسات الحديثة، ثم تراجعنا ولم نحاول بل لم نرغب بمراجعة سياساتنا التنموية وتطوير أدائنا الحكومي، ولم نفكر ونتساءل عن كيفية المحافظة على شباب دولتنا وتجديد طاقاتنا.

ويجيب محمد بن راشد على سر التجدد بقوله: «سر تجدد الحياة وتطور الحضارة وتقدم البشرية، هو في كلمة واحدة (الابتكار)، فالابتكار في الحكومات ليس ترفاً فكرياً أو تحسيناً إدارياً أو شيئاً دعائياً، فإذا لم تبتكر الحكومات في طرائق التعليم مثلاً، وتعد جيلاً لزمان غير زمانها، فحتماً ستشيخ تلك الحكومات وحتماً ستتأخر شعوبها، يجب أن نعلّم أجيالنا مهارات التفكير الإبداعي ومهارات التحليل والابتكار، ومهارات التواصل والتفاعل، وإلا ستشيخ دولتنا، إذا أردنا أن نكون حكومات مبتكرة، فلا بد أن نفكر كوننا شركات مبتكرة».

ويضيف الكاتب تساؤلاً آخر وهو:«ما هو الأهم للحكومات، أن تستمر في الصرف بشكل مكثف على البنية التحتية من شوارع وأنفاق وجسور؟ أم أن تهتم بالصرف على البنية التحتية غير المرئية، من تغيير في الأنظمة وتطوير في التعليم والمهارات، وبناء للتطبيقات، وإجراء الأبحاث ودعم الابتكارات؟ فعندما تشجع البيئة على الإبداع والابتكار تنطلق طاقات الناس نحو آفاق جديدة، وتتفتق مواهبهم، فالحكومات المبتكرة جاذبة للمواهب، فعالة في الأداء ومتجددة في الأنظمة والسياسات والخدمات».

هذه الآراء من رجل دولة استطاع أن ينهض بدولته، تستحق التأمل والدراسة، والاستفادة من تجاربها الناجحة.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك