دول الخليج محاصرة بالتحديات!.. عبد الله النيباري منبهاً

زاوية الكتاب

كتب 575 مشاهدات 0


القبس

الخليج.. والتحديات

عبد الله النيباري

 

دول الخليج محاصرة بالتحديات، صحيح أنها لم تصلها حتى الآن شرور «داعش» وأخواتها، لكننا لا ندري، فقد نصحو ونجد «داعش» في أحضاننا، وبين ظهرانينا.
وهذا الهدوء قد يكون خادعاً، فمعظم دول الخليج في داخلها تعاني من توترات نتيجة أوضاعها السياسية وارتفاع أصوات معارضة، أو مختلفة أو منتقدة للحكومات، تعبر عن رأيها بشكل واسع، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن ضاقت الوسائل العلنية عبر مؤسسات المجتمع المدني، التي ضيق عليها الخناق، أو هي غير موجودة، أما القنوات الفضائية، وحتى الصحافة، فهي معظمها إما أنها موالية وتحت السيطرة، أو أنها مقيدة بحذر شديد، وتتجنب ما يزعج الحكومات.
وللتضييق على وسائل التعبير، لجأت الحكومات في دولنا إلى ملاحقة أصحاب الرأي المعارض بالإجراءات الأمنية بملاحقات قضائية، واعتقالات، وحجز لمدد طويلة تحت طائلة التحقيق، وقد تصل الأمور إلى إصدار أحكام قضائية بحقهم، قد تصل إلى السجن أو الحجز والاعتقال مدداً طويلة من دون تحقيق أو صدور أحكام.
آخر الإجراءات، التي لجأت إليها بعض حكومات دول الخليج في مواجهة أصحاب الرأي المعارض، هو إسقاط الجنسية، وهو إجراء قاس قسري مخالف لأبسط قواعد احترام حقوق الانسان.

قاعدة مقدسة
في البلاد المتحضرة، تمنع ولا تجيز دساتيرها إسقاط الجنسية، وقد نص دستور الكويت على هذا النهج، كما نصت اتفاقية الاتحاد الأوروبي على التزام الدول بعدم إسقاط الجنسية عن أي مواطن، ولا يجوز التمييز بين من حصل عليها بالمولد أو اكتسبها بالتجنيس، فالمواطن إذا ارتكب خطأ أو جرماً يحاكم وفقاً للقانون، وقد تصدر بحقه أحكام قد تصل إلى المؤبد أو حتى الإعدام في حالة الجرائم الكبرى أو الخيانة، وهذا أمر أصبح قاعدة تكاد تكون مقدسة.

استثناءات
بعض الدول، أدخلت استثناءات تجيز إسقاط أو سحب الجنسية عمن اكتسبها بالتجنيس في حالات محددة، وهي إذا كان اكتسابهم لها بطريقة الاحتيال، وبناء على بيانات كاذبة، أو إذا شارك بأعمال إرهابية أو اشترك في أعمال مع دولة معادية أو في حالة حرب مع الدولة التي يحمل جنسيتها.
وفي القانون الأميركي، لا يجوز إسقاط الجنسية إلا بطلب من حاملها، مع التأكد أنه لم يقم بذلك نتيجة ضغط أو تعذيب أو أي إجراءات قسرية، وفي بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا وفرنسا، أجازت إسقاط أو سحب الجنسية عمن اكتسبها بالتجنيس، إذا قام بأحد الأعمال المحظورة، ولكن يجب ألا يؤدي إسقاط الجنسية إلى أن يصبح المتضرر من دون جنسية، أي ممارسة هذا الحق إذا كان يحمل جنسية أخرى، أي مزدوج الجنسية، أو لديه فرصة مؤكدة للحصول على جنسية دولة أخرى.
ومع ذلك، يستطيع المتضرر التظلم أمام المحاكم، وقد تصل إلى أعلى درجة، مثل محكمة الاستئناف العليا، وحتى مجلس اللوردات البريطاني أو الكونغرس الأميركي.
وهنالك قضايا في بريطانيا لشخص صومالي، وآخر فيتنامي، أسقطت عنهما الجنسية بسبب مشاركتهما في أعمال إرهابية، لكن قضاياهما لا تزال تنظر أمام القضاء منذ عام 2011، أي ان القوانين في البلاد المتحضرة لا تجيز إسقاط الجنسية إذا كان ذلك يؤدي إلى جعل الشخص المسحوبة منه (المتضرر) عديم الجنسية ويتعرض للتشرد.
في دول خليجية الكثير ممن سحبت منهم الجنسية يحملون جنسية بالولادة، أي بالتأسيس، وحتى إذا كانوا اكتسبوها بالتجنيس، فقد يؤدي ذلك إلى تحولهم إلى عديمي جنسية، ومن سحبت منه الجنسية قد يكون معرضاً للتشرد وتقفل في وجهه أبواب الرزق، فهو لا يستطيع أن يعمل لأنه ليس لديه وثائق إثبات الشخصية، وفي بعض الحالات اعتبر مقيماً بصفة غير شرعية، وسحبت منه كل الأوراق الثبوتية، كما هو الوضع في بعض دول الخليج، وأنا أذكر ذلك وفي ذهني حالات أعرفها ليس في الكويت فقط، ولكن في دول الخليج.
معالجة دول خليجية للمواقف أو الآراء المخالفة والمعارضة لسياساتها بالإجراءات الأمنية، ومنها سحب الجنسية، لن يحل المشكلات، بل قد يفاقم حالات التوتر.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك